عمر عبد العزيز الحمد


يعيش العالم الإسلامي هذه الأيام حالة من الترقب وكلهم شوق ولهفة للقاء حبيبهم الغائب الذي طال انتظاره قرابة العام ليظلهم بظلاله الوافر وليغيم عليهم بريحه العاطر.
يأتي هذا الضيف الغالي ليزكي النفوس وليزودها بالإيمان والتقوى والاستعداد للدار الأخرى ( ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين).
يأتي ليروض النفس على الصبر والمصابرة، والخضوع والخشوع وترك المكابرة.
يأتي ليوحد الأمة الإسلامية في موسم واحد وفي شعيرة واحدة وفي عبادة واحدة وفي شهر واحد.
يأتي لعيد النفس الغافلة إلى ربها، وليعيد الهاجر للمساجد لرياضها، والعاقين لرحمهم لوصلها، والغارقين في شهوات النفس لكبح جماحها، والكسالى عن القيام لله رب العالمين والتضرع إليه في ساعات السحر حيث الناس نائمون أو في غفلتهم لاهون فيعيد لها نشاطها واجتهادها.
فهذا شهر رمضان, شهر الرحمة والغفران, شهر البركة والإحسان, شهر العتق من النيران, شهر تلاوة وتدبر القرآن, شهر الصيام والقيام, شهر يبر فيه الوالدان ويوصل فيه الأرحام ويزار في الأخوان والخلان.

شهر يزيد فيه عفو الرحمن، فيفتح أبواب الجنان ويغلق أبواب النيران ويصفد الشياطين ومردة الجان.
(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان).
فأهلاً وسهلاً بضيف الرحمن وحبيب القرآن ومرحباً بشهر الرحمة والبركة والغفران.
لقد كان سلف الأمة وأخيارها يسألون الله تعالى ستة أشهرأن يبلغهم رمضان فإذا استقبلوه أحسنوا فيه ثم سألوا الله تعالى أن يتقبل منهم ما قدموا فيه من أعمال صالحة وقربات طيبة خمسة أشهر.
فهل نفعل مثلهم وهل نستقبل هذا الشهر الكريم كما استقبلوه وهل نحسن فيه العمل كما أحسنوا؟! نرجوا ذلك.


أتى رمضان مزرعة العباد لتطهير القلوب من الفساد
فأد حـقـوقـه قــــولا وفــعلا وزادك فاتخـــــذه للمعــاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادمـــاً يـــــــوم الحصــاد
فهيا أخي المبارك نهيأ أنفسنا وقلوبنا وعقولنا وأرواحنا لاستقبال هذا الشهر العظيم قبل أن نهيأ أجسامنا بشراء ما لذ وطاب من الأطعمة والأشربة في شهر أمر الله بصيامه لتتزكى هذه النفوس ولتقبل على باريها ولتخضع لمولاها حتى تنال رضاه.
عمر عبد العزيز الحمد