انتبه فالضيف يؤكد الموعد
بقلم محمود أبو زهرة
مدرب تنمية بشرية وباحث في العلوم الإدارة

قال الله تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ..) سورة البقرة
روى الطبراني، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يومًا، وقد حضر رمضان: "أتاكم رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فيُنزل الرحمة، ويحطُّ الخطايا، ويستجيب الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهى بكم ملائكته، فأَرُوا الله من أنفسكم خيرًا، فإن الشقي مَن حُرم فيه رحمة الله عز وجل"

من الذوق السليم والعرف القويم والبروتوكولات الحديثة في استقبال الضيف بعد تحديد الموعد هو تأكيد الموعد ، وينبني على التأكيد تجهيز البيت وإعداد مكان جلوس الضيف ، وإن كانت الإقامة أكثر من يوم فيستوجب الأمر إعداد مكان للنوم ، وبطبيعة الحال الجلوس والنوم والإقامة يلزمها طعام وشراب بنية طلب الأجر واحتساب الثواب ، وبنظرة دقيقة نلحظ قبل التجهيز للاستقبال من تنظيف للمكان وترتيب للأثاث فرْض تأكيد الموعد مرة أخيره يلحظه وينادي به الجميع ..

وبعد تأكيد الموعد من طرف الضيف ترى جميع من بالبيت في حالة طوارئ وتأهب قصوى فلا خروج ولا ارتجالية في الحركة ، بل انضباط في السلوك لعدم تغيير وتبديل الترتيبات المعدة ، وهكذا كل رجل مع ضيفه وكل امرأة مع ضيفتها ، وكل شاب مع رفقائه ، والأمة على موعد مع ضيف قد وعد وأكَّد الموعد له ( الله سبحانه ) الذي لا يخلف وعده ، جل جلاله وتقدست أسماؤه ..

ومن المروءة وواجبات الضيافة أن أعرف مزاج زائري ، ما الأكلات التي يرغبها والمشروبات التي يستسيغها ، وهل يتكئ على الأريكة لأن ظهره يؤلمه ، أم هو سليم قادر على الجلوس بالأرض ، هل هو ملتزم لا يسلِّم على النساء ، أم هوائي الأمور عنده سواسية ..

اعرف ضيفك :
• رمضان يحب التخلية للقلب والجوارح حتى أن يحلِّيك بالقرآن والقيام والصِّيام
• رمضان صيامه فريضة وقيامه نافلة والعبادة فيه مضاعفة والرزق وفير وفير
• رمضان من فطَّر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه ، وعتقا لرقبته ، وكان له مثل أجر الصائم دون أن ينقص من أجر الصائم شيئا
• رمضان تنادي فيه الحور العين على ربها قائلة اللهم اجعل لنا من رمضان أزواجا
• رمضان تنادي فيه الجنة على ربها قائلة اللهم اجعل لنا من رمضان سكانا
• رمضان تُسلسل فيه الشياطين فلا شيطان شارد أو وارد فانتبه يا غافلا
• رمضان تفتَّح فيه أبواب الجنة فلا يترك باب إلا وفتِّح على مصراعيه فأبشروا
• رمضان تُغلَّق فيه أبواب النيران فلا يترك باب إلا وغلِّق فأقبلوا يا خائفين
• رمضان يُحبُّ المخلصين وينادي على المحسنين فهنيئا يا أهل الإخلاص
• رمضان لا يحبُّ الغيبة والنميمة والرفث والفسوق والسب والخصام فالْتزِم
• رمضان فيه لله عتقاء لا يعلم عددهم إلا هو ، كذا رمضان شهر الانتصارات

ماذا يحبُّ الضَّيف منكم آل البيت :
يقول الضيف أنه سيجلس معكم ثلاثين يوما ، ثم سيرحل عنكم ، وطول مدة الإضافة سيتحفكم بهداياه لو أحسنتم استقباله فلا تضيعوا الفرصة .
يحبُّ الضيف منكم اليقظة وطيِّ الفُرُش لأن لياليه وأيامه ليست ككل الليالي ولا كباقي الأيام فهي صيام وصلاة وتوبة وإقلاع عن الذنوب ، ومودة ورحمة مع الزوجة ..
يحذّركم رمضان من التدخين فهو لا يحبُّ التدخين ويكره المدخنين فهل أنتم قابلون
يحب الضيف الكريم الغالي منكم كثرة التلاوة للقرآن ، وبإتقان وبخشوع وبتدبُّر لمعانيه
الضيف يشتاق إليكم من الآن ويخبركم أنه يحبكم فهل أنتم تشتاقون من الآن له
النجوم في السماء والملائكة في الملأ الأعلى يتجهزون لنزول الضيف فهل أنتم متجهِّزون لاستقبال الضيف
يحبُّ الضيف منكم التَّخطيط لبرنامجه فترة إقامته فهو لا يرضى بالارتجالية ولا بالعشوائية ولا بالأعمال المفاجئة ، فهو ليس كمثله من باقي الشهور وحتى تستفيدوا منه
الضيف يحبكم ويحب منكم الجد والعمل وفلترة التلفاز إن لم يكن غلقه حتى ولو كانت برامج إسلامية أو إخبارية أو مسلسلات هادفة فهو يريد القرآن القرآن وفقط ، وقد نزل على من هم خير منكم فأحسنوا استقباله وجعلوه شهر قرآن فقط فأعطاهم العتق من النيران وسكنى أعالي الجنان
الضيف الكريم لا يريد ولا يحب مصافحة النساء الأجنبيات ولا محادثتهن ولا التعرف عليهن ، ويخبركم أن الشات والإميل والهاتف يدخل في الكراهية لأنها كلها محرمة وينصحكم بالانتباه واليقظة ، وليكن من أجله بداية الإقلاع والتوبة عن كل هذه الأفعال
الضيف الكريم يريدكم من الآن أن تقرؤوا عنه وعن نسبه وشرفه وأصله ، ومزاياه ، وما الذي يحبه وما الذي يكرهه ، حتى تحسنوا ضيافته ، وتنالوا بركته ، وتحصلوا على منحه وعطاياه
يخبركم الضيف الكريم أن معه ليلة القدر هدية من هداياه والتي فيها القيام خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ..
الضيف يشعر بتمزق الأمة الإسلامية وشرذمتها ، لذا الضيف يأتي عليكم حزينا حزينا ويقول لكم إذا أردتم فرحتي فكونوا عباد الله إخوانا ، ولا تنسوا بعضكم في الدعاء فإن لكم عندي دعوة عند الإفطار ما ترد ، خاصة الإخوة المجاهدين والمجاهدات في أرض الرباط فلسطين وفي المنطقة المشتعلة ( غزة ) وعلى جميع المستويات ألحُّوا على الله في الدعاء فأنا اعلم منكم الله قريب قريب والدعاء مستجاب مستجاب فادعوا وأنتم موقنون بالإجابة يا أحبتي .

وفي النهاية ما أردت قوله من حديثي - أحبتي القراء - أن الشهر آت آت لا محالة ، فسلوا الله أن يبارك لكم في شعبان وأن يبلغكم رمضان ، منا من سيبلغه ومنا من كتب الله له الموت أو المرض دون رمضان ، فلا تأمنوا مكر الله وخذوا حذركم ( ويحذركم الله نفسه والله بصير بالعباد ) سورة آل عمران ...

والله إني لكم ناصح أمين ، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ، فاستحضروا لرمضان – الضيف المنتظر – النوايا وعددوها وجددوها ، فمن نوى الخير ولم يدركه كتب كمن أدركه ، ومن نوى الشر ولم يدركه كان كمن أدركه

أحبتي إلى لقاء قريب ، نتذاكر سويا نوايا من الواجب علينا استحضارها وتعدادها وتجديدها فكلما عظمت النوايا كثرت العطايا ، نية المرء خير من عمله ، والعمل من غير نية عناء ، والنية من غير هباء ، والإخلاص سر بين العبد وربه لا يطلع عليه ملك موكل فيكتبه ولا شيطان مريد فيفسده

جعلني الله وإياكم من المخلصين والذاكرين والصائمين ومن أصحاب النوايا الطيبة الكثيرة الشاملة ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وإلى لقاء آخر قريب إن قدر الله لنا البقاء واللقاء مع مقال جديد يحمل العنوان التالي :
هذه نواياي إن عشت لرمضان