عناصر ومؤشرات النجاح الستة عند (براين تريسي)


يرى عالم النفس الأمريكي أن هناك ستة مؤشرات على المستوى الفردي تلمع بالنجاح على الشكل التالي:


1 ـــ أولاً: سكينة القلب وراحة البال:
ومعناه حسب مصطلحاته التحرر من ضغط شعورين مرعبين لايتركان مجالاً للانسان بالهناء هما: الخوف والشعور بالذنب، وله تحليل خاص في مصدر الخوف ونمو شجرة المشاعر السلبية عند الانسان وتلعب الطفولة دوراً هاماً في ذلك.


2 ـــ تحقيق مستوى عالي من الطاقة:


أي الفعالية في الحياة، وهذه لايمكن ممارستها بدون فيضٍ من المشاعر الايجابية، وهي بدورها تحتاج لكبح المشاعر السلبية وقطع دابرها بقطع مصادر ترويتها، ولعل آلية الرضى عن النفس في الحد الذهبي بين عدم التعالي وعدم الشعور بالحقارة، هي التي تقود الى المواجهة السليمة مع النفس، وباستخدام آلية المراجعة والنقد الذاتي وتحمل المسؤولية يمكن تحقيق الصحة النفسية وإفراز الفعالية بشكل آلي؛ طالما رفعت الكوابح من الطريق.


3 ـــ ثالثاً: تحقيق علاقات طيبة مع الناس:


فهي مشعر نضج الشخصية وتقديرها لذاتها ولمن حولها، وهذا قانون هام لأنه في الوقت الذي تربى النفس على الاعتراف بالآخر وعدم تخوينه وتجريمه وإدانته ؛ نكون قد أهدينا هذه المزايا الى أنفسنا ودعمنا وجودنا بها ؛ لأن إنكار الآخر يحمل في تضاعيفه إنكار الذات، وفي اللحظة التي يفكر فيها طرف في إعدام الطرف الآخر، يكون قد باشر بألغاء نفسه، فآلية الاعدام ثنائية تقابلية تبادلية.


4 ـــ رابعاً: العنصر الاقتصادي:

وهو الاكتفاء المالي أو فلسفة المال فالذهب يسيل له لعاب الناس جميعاً ويظنون أن توفره سيحل كل مشاكل التعاسة والاضطراب النفسي، ولكن كل الدراسات تفيد أن المال لم يكن مصدرا وحيداً من مصادر السعادة، كما أن العكس صحيح، فالفقر ليس بالوضع الذي يجلب التعاسة بشكل مطلق، ولم يكن الفقر مصدراً للثورات في يوم من الأيام بل بالأحرى وعي الفقر، فالوعي هو المحرك العميق للحركات النفسية الاجتماعية.


والقانون الأمثل في هذا هو الاعتدال، ولم يكن ارتفاع الدخل ليمشي طرداً مع السعادة، بل كانت السعادة بالأحرى فيض داخلي بالدرجة الأولى، وفقر الانسان أو غناه لايأتي من كمية المال التي يملكها بل من حاجته لها، وبمقدار كثافة هذا الشعور وضغطه وإلحاحه يكون فقر الانسان، فالإنسان المحتاج هو الفقير، وليس العكس فليس الفقير هو المحتاج ، والغني هو من تحرر من ضغط الحاجة، وعندما مر سقراط في السوق صرخ ياإلهي: كم هي الحاجات التي أنا لست بحاجة لها؟! والحديث اختصر هذه المشكلة بشكلٍ رائع حينما قال (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس)






5 ـ 6 خامساً وسادساً: وجود أهداف ذات قيمة عليا في الحياة وتحقيق الذات من خلالها


لقد ذهب المحلل النفسي وعالم النفس البريطاني هادفيلد الى أن المثل الأعلى هو الذي يشكل المحرض المناسب لتنشيط الارادة. إن سلم حاجيات الانسان تقوم ولاشك على الحاجيات البيولوجية الاساسية الخمسة من الطعام والشراب واللباس والسكن والجنس، ولكن التوازن الروحي والعقلي لايتحقق بدون إضافات انسانية ذات أبعاد جديدة، وأبرزها أن يعيش الانسان في مجتمع آمن، فهذه الهجرات المروعة التي تضم مالايقل عن عشرين مليون مهاجر في العالم اليوم، يقبع خلفها هذا العنصر الانساني، والهجرة هي قمة المأساة ولايستطيعها كل انسان، أو كما وصفها القرآن أن هناك الكثير من المستضعفين من الرجال والقاصرين من الولدان والنساء المحاصرات، الذين حُبسوا فلا يستطيعون مغادرة قطرٍ بعينه، والا كان تدفق الهجرات السياسية شيء لايخطر على بال، بل حتى أن الفيلسوف الألماني (ايمانويل كانت) رأى أن انسياح الانسان في الأرض وعمران البسيطة، كان خلفه الهجرة والتخلص من الاضطهاد في الرأي والعقيدة (5) التي أعلن القرآن فيها رأيه أن لاإكراه في الدين، ووظف لها آلة الجهاد العسكرية للدفاع عن المظلومين في الأرض أياً كانوا مسلمين أو غير مسلمين ضد كل اصناف الاضطهاد وإخراج الناس من ديارهم وعقائدهم بالقوة المسلحة.


ولايكفي أن يعيش الانسان في مجتمع بدون خوف بل لابد له من روح الانتماء وتحقيق الذات من خلاله، الذي يعتبره براين تريسي العنصر الأخير في لعبة تحقيق الشخصية الناجحة، من خلال الأهداف المرسومة بدقة وتحقيقها. إذا كانت هذه مجمل عناصر الوصول الى بناء شخصية ناجحة فكيف يمكن رؤية مسرحية الحياة من خلالها؟