كيف تسيطر على تركيزك؟


ركِّز تركيزك


إن القدرة على إدارة تركيزك هي واحدة من أعظم طاقاتك. ما تصب عليه اهتمامك يحدد ما تنجزه, وما تشعر به, وما تستطيع التعامل معه في الحياة. يمكنك القول إنه يملك التأثير الأكبر على ما يحدث لك في الحياة, وإليك أفضل مثال على ذلك. . .


السعادة أمامك مباشرة


عندما تحركت بالكرسي المتحرك في فترة العصر ذلك الصيف في 2002, ظننت أنني سأذهب لاستنشاق الهواء المنعش في الحديقة وللقيام ببعض التمارين الخفيفة. وكما انتهى الأمر, اكتشفت أنني كنت أخرج في أحد أكثر الأيام التي غيرت حياتي.


أنا أسافر كثيرًا من أجل مهنتي, وأمضي المئات من الساعات مكتظًا في أماكن ضيقة مع أشخاص غالبًا ما يكونون غريبي الأطوار, ومتعبين, وغاضبين من العالم.

أنا أعتز بالوقت الذي أقضية في المنزل, وأحب أن أتجول بروِّية في الحديقة التي توجد خلف منزلي. عادة ينضم إليّ في هذه الرحلات القصيرة فرد من الأسرة, أو صديق, أو حبيبة, ويدفع الكرسي المتحرك أو يمشي بجانبي ونحن نتحدث. في هذا اليوم, لسبب ما, قررت الذهاب بمفردي.



عندما كنت أدفع الكرسي المتحرك عبر الطريق واتجه على الحديقة, رأيت منزلًا لم أراه من قبل. كان يبدو وكأنه قد بُني للتو, وكان رائعًا- حجمه تقريبًا ثلاثة أضعاف حجم منزلي.


وليكون أكثر مثالية, كان البيت يفيض بالحياة. كان كلب الأسرة يجري في الباحة في الأمامية, وكان هناك أخ وأخت صغار يقهقهون وهم يلعبون المراوغة مع الجرو.

في نافذة المطبخ الكبيرة, استطعت رؤية أمهم وأبيهم يخضّرون العشاء. كان الأمر وكأن إحدى لوحات لنورمان روكويل قد بُعِثت للحياة في شارعي. بدا كل شيء في تناغم مثالي لهم, لكن هذا المشهد الجميل جعل مزاجي يتدهور بسرعة. تغيرت حالتي من الاستمتاع باليوم إلى الشعور بالفراغ الداخلي, وقد سيطرت عليّ فكرة واحدة: "سأكون سعيدًا عندما أعيش في منزلك بهذا الحجم" .



لماذا لا أملك م يمتلكه جيراني؟ لقد أردت منزلًا أكبر! إذا امتلكت بيتًا كبيرًا, سيرى جيراني أنني أصبحت شيئًا مهمًا, وأنني فعلت شيئًا في حياتي. لكن ما زلت أعيش في نفس البيت الذي تربيت فيه. لابد أنني أبدو فاشلاً للعالم الخارجي بينما كنت أكمل طريقي إلى الحديقة, شعرت بالإحباط لدرجة مربكة.


ثم فجأة, أعادني للحاضر صوت محرك يُعلن بوضوح عن وصول القطعة الآلية المفضلة لدي- سيارة بورش. نظرت في جميع الاتجاهات لألفي نظرة خاطفة عليها. ثم رأيتها, تلمع باللون الأحمر في ضوء آخر النهار. تسارعت دقات قلبي. كيف سيكون شعور الضغط على دواسة البنزين, والارتداد للخلف على المقعد الجلدي بسبب زيادة السرعة؟


مجرد فكرة امتلاك السيارة جعلتني أشعر بنشوة- ولو مؤقتة- مرتفعة. لقد تخيلت الذهاب إلى منازل أصدقائي والضغط على بوق السيارة. إن النظرات التي سترتسم على وجوههم عندما يروني في السيارة البورش الحمراء ستساوي نفس قيمة السيارة.


بعدها أسرع قائد السيارة, وأخذ معه مشاعر السعادة. لقد كرهت السيارة المملة التي تقف في ممر منزلي الممل كل يوم. لقد أردت المزيد. لن أكون سعيدًا حتى أحصل على المزيد.


تابعت السير. في هذا الوقت كنت الشمس بدأت تغيب. كنت قد وصلت إلى الجانب الآخر من الحديقة عندما صادفت التذكير الثالث الفاضح لما ينقصني في الحياة. جاءت امرأة شابة تركض ببطء في اتجاهي. عندما اقتربت, توقف قلبي. لقد كانت جميلة. كان جسمها خاليًا من العيوب. كل شيء فيها كان يتحرك برشاقة وخفة كلما اقتربت مني. كانت هذه الفتاة, التي وصفتها في خاطري بأنها "جميلة لدرجة تفقد الشخص ذاكرته", مثيرة جدًا لدرجة أنني لم أتذكر اسمي في وجودها. لقد تقابلت عينانا قليلًا. قضينا جزءًا من الثانية معًا. لقد امتلأ أنفي بعطرها الرقيق وهي تمر بجانبي. شعرت أنني في عالم آخر.


فكرت: "سأكون في منتهى السعادة إذا تزوجت فتاة مثلها" . ثم خرج قطار أفكاري عن مساره, واصطدم بمجموعة من الأفكار المثبطة للهمم التي ظلت تتكرر بلا توقف.


"لماذا ليس لديك زوجة مثلها؟" .


"لماذا لم تتزوج بعد؟" .


"كيف يُعقل أنك لست قادرًا على شراء السيارة البورش؟" .


"لماذا لا تعيش في مثل ذلك المنزل الجديد والكبير؟" .


كلما حاولت أن أتجنب هذه الأفكار السلبية, كلما تدافع ذهني إلى هذا الطريق المظلم. عندما خرجت منذ ساعة أو ما يقرب, كنت أشعر بالارتياح. أما الآن لا أستطيع أن أصدق كم شعرت أنني غير متواصل مع حياتي.


في هذا الوقت, كنت قد وصلت إلى آخر الحديقة, وكانت السماء تزداد ظلامًا مثلما فعل ذهني. في تلك اللحظة, أضاء مصباح داخلي. لقد أسأت فهم الهدف من نزهتي في الحديقة.


السبب الذي جعلني أذهب إلى الحديقة في المقام الأول هو أن أسترخي, وأشاهد الطبيعة, وأقوم ببعض التمرينات. وبدلًا من ذلك, تحولت إلى كرة متوترة من اليأس, عن طريق تركيز كل طاقاتي على ما ينقصني في الحياة. لقد انشغلت بالتركيز على الأشياء التي لا أملكها لدرجة أنني غفلت عن كل ما أمتلكه. أخذت نفسًا عميقًا, ونظرت حولي, وبدأت من جديد.


لقد كان يومًا رائعًا. أو على الأقل كلن كذلك عندما بدأ. كان الجو رائعًا. كانت الأزهار متفتحة- صفراء وحمراء وبرتقالية وبنفسجية- وكنت قد مررت بجانبها, وأنا مهووس بالأشياء التي لا أمتلكها. لكن هل كان ينقضي الكثير فعلًا؟


على الرغم من أنني لم أمتلك أكبر منزل في الحوار, لكن على الأقل أعيش في حي آمن. وربما ليس لدي أسرع أو أحدث سيارة, ولكنها كانت تعمل جيدًا في توصيلي من مكان إلى آخر. أما بالنسبة للحبيبة المثيرة, لقد كنت ببساطة غير صبور. عندما تأتي الفتاة المناسبة سيكون الأمر مقدرًا لنا. لسوء الحظ, لقد ركزت بشدة على الأشياء التي لم أمتلكها, ونسيت أعظم شيء لدي: حياتي. فأنا موجود هنا, والآن.


ثم فجأة, تذكرت يومًا كنت أتحدث فيه إلى دفعة جامعية, ولاحظت مقعدًا فارغًا في الصف الأمامي. لاحقًا, أخبرني الأستاذ بأسف أن الفتاة التي كانت ستجلس في هذا المقعد توفيت هذا الصباح في حادثة فظيعة في مسكنها. شعرت بالصدمة. لم تكن الفتاة اصغر مني بكثير.


يمضي الوقت بسرعة. نعتقد أنه سيستمر للأبد, لكنه لا يفعل. لا نعلم أبدًا من سيحين دورنا لنذهب. لم أصدق أنني ضيّعت ثلاثة لحظات قيمة من حياتي وأنا أركز على ما اعتقد أنه ينقصني!


مع تعديل تركيزي من السلبية إلى الإيجابية, جلست في نهاية ممر الحديقة ونظرت إلى الوراء. الآن استطعت أن أشم أريج الأزهار في الهواء, وامتلأت عيناي بمنظر الأوراق الخضراء على الأشجار الظليلة. كانت بعض الكلاب تنبح في الجوار, وكنت أستطيع سماع ضحكات الأطفال وهم يعودون إلى منازلهم من أجل العشاء. بدأت أركز على كل ما نمتلكه دومًا: الحاضر. إنه حقًا هبة. هبة من الزمن.