الرسالة الخامسة

هي رسالة مشتركة منوعة ومجمعة شارك في كتابتها كلاً من الدين والعلم والطب والعقل والأدب والإدارة وتحتوي كذلك على نماذج واحصائيات وقصص وعبر وأقوال من حياة الناجحين وفي النهاية قصة رمزية تعالوا نشوف لما كل دول يجتمعوا مع بعض ويقرروا يكتبوا رسالة للمتشائمين واليائسين هيقولوا فيها ايه ؟!

أنت تؤذي نفسك:
ليس ثمة إنسان أجدر بالرثاء من ذلك الذي يجعل من آلامه الشخصية ونوازل حياته وقضاياه الخاصة محوراً لحياته، فيرى نفسه مستهدفاً ويعيش في بؤرة الظلم ويكرر شكواه أينما حلّ وفي كل مناسبة متاحة.. واجترار الألم وكثرة الشكوى توقع صاحبها فريسة سهلة لأنياب الهم والغم، والتمرغ في ظلمة مهيضة والتعثر في أبسط خطوات الحياة.

فالإنسان بطبعه يؤثر كثرة الشكوى ويظن بذلك العمل أنه حالة تنفيسية تخفف عليه همومه ومشاكله وقلقه.. والحقيقة أنه لا يدري أن بتصرفه ذلك إنما يركن إلى حالة قصر النظر إلى أقصى حد؛ فهو لا يرى سوى السلبيات ولا يسمع إلا كل أمر مزعج، لأن تفكيره تمحور ضمن دائرة ضيقة أحكم طرفاها على رؤية الغم ومشاعر الهموم.

ولمثل هذا النحو من التفكير تأثير خطير على شخصية الفرد وعلى مشاعره وأحاسيسه، فاستغراق المرء بالرثاء لنفسه يجعله يميل إلى إفساد نفسه من الداخل وإتلاف الجماليات في روحه، فيخنقها بسوداويته وتشاؤمه المتواصل إلى أن يمتلكه في النهاية جملة من المشاعر السلبية ضد الغير، فيصبح حقوداً، حسوداً، يستسهل الإقدام على إيذاء الغير ويتلذذ بذلك.

فهو قد بدأ فعلاً بإيذاء نفسه عندما أخذ بإغراق نفسه في مستنقع التشاؤم، وبتلذذه بالشكوى إنما هو يعمد إلى بسط مظلة الكآبة على أقرب الناس إليه، فهو لم يعد يشعر إلا بالقضايا الخاصة به، ولذلك يزاول أنانيته بإشراك الجميع بقضاياه.

التشاؤم والفشل:
وليس ذلك فحسب فكثير الشكوى من الناس يضحى إنساناً مستسلماً للفشل.. تتعثر حياته بكل خطواتها؛ لأنه يسقط عند أول صعوبة تواجهه، فيتقوقع ضمن شكواه مما يعيق عليه التفكير في إيجاد طريقة للخروج من أزمته، وبالتالي يجلس في زاويته مهموماً محسوراً، يندب حظه العاثر وقدره المستهدف.

وعلى النقيض تماماً؛ فإن الإنسان القوي الذي لا تقهره النوازل ولا يطويه النوى، يظل صامداً مثابراً، صابراً، مجتهداً لحياته، متفائلاً لأيامه، هو بالغالب إنسان ناجح بكل المقاييس، محبوب ترتاح إليه النفوس.

سلاح الأقوياء:
وكم من أفراد استطاعوا تجاوز عثراتهم وتغلبوا على محنهم أو أمراضهم القاسية بقوة إرادتهم الذاتية، وفاعلية نفوسهم الصحية، وإيمانهم المطلق بالله الخالق الراحم الشافي العظيم الذي رحمته تسع كل شيء، وهناك شخصيات كثيرة ضربت مثالاً رائعاً في الصبر وقوة الإرادة وتجاوز المحن أو الإعاقات، كمثل الكاتب المصري (طه حسين) الذي تغلب على صعاب فقد النظر منذ طفولته نتيجة الفقر وجهل والديه ولم يستسلم للإعاقة، فأنهى دراسته في زمن الصعوبات البالغة في تلقي العلم والسعي نحو مدارجه ونال الشهادات الجامعية التي أهلته لارتقاء المناصب الوزارية، إضافة إلى ما قدمه من فكر أدبي منشور.
وهناك الروائي المعروف (روبرت لويس ستيفنسون) كان مصاباً بمرض صدري شاق ورغم ذلك تميز في أدبه وأعطى ساحة الثقافة كنزاً من أعماله المتفوقة، وأيضاً (هيلين كيلر) المرأة المعاقة التي أضحت واحدة من شهيرات العالم، والأب (داميان) مريض الجذام، أقسى أبشع الأمراض، ظل مواصلاً عمله التطوعي الإنساني في خدمة مرضى الجذام إلى آخر رمق في حياته، والحياة ملأى بقصص الذين تجاوزوا صعوبات حياتهم ومعوقاتهم وأصبحوا شخصيات شهيرة أو ثرية أو ناجحة،
وأصبحت سيرتهم الذاتية مع تجربتهم في الحياة قدوة يُقتدى بها.
وليس هناك من قدوة كقدوتنا الأولى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي تجاوز يتمه من ناحية الأم والأب، وتمثل الخلق السامي في وقت طغت فيه أخلاق الجاهلية بما تضمنته من تخلف وعصبية وانتهاكات، فكان قدوة بشرية بأكملها هو صانع خلقها بتبليغه رسالة السماء التي وضعت نهج حياة المسلمين كافة.
وكثير من الأمهات الصغيرات وربما كن أميات لا يدركن علم الكتابة والقراءة واجهن المسؤولية بقوة الإرادة وتحملن رسالة تنشئة أبنائهن بجداره بعد الترمل، فلعبن دور المعيل والمربي، جاعلين من حياتهن ملحمة للصبر والصمود رائعة المعالم، بما تضمنته من تضحية ومثابرة دون تذمر.

والرسول -صلى الله عليه وسلم- ترك لنا إرثاً لا يندثر في مسألة التفاؤل راجع
الرسائل السابقة.

منك وإليك:
والحقيقة التي خرج بها دارسو علم الاجتماع أن ما يرسله المرء من داخله يعود إليه. وأن كل من العقل والجسم يؤثر كل منهما في الآخر.
علوم الاجتماع والنفس أطلقت علماً حديثاً باتت دراسته تثير اهتمام شريحة كبيرة، كمثل العلوم الباحثة في الطاقة الجسدية والنفسية (الطاقة الشخصية) وتوجيهها إيجاباً عن طريق تفعيل دور العقل الباطن، واستحضار المراد مخزونة في منطقة اللاوعي، والتي تصل إلى 90% من معلومات الخبرة، حيث العقل الواعي يستفيد من 10% فقط من معلومات الخبرة.

وهناك المثل الإغريقي القديم: "كما تفكرون تكونون" والذي يعني أن شخصية المرء انعكاس لما يتمحور في عقله وضميره، فالإنسان بذلك التصلب والثبات وقوة الإرادة في مواجهة النوازل وتميزه بروح التفاؤل هو الإنسان الناجح بتحويل ضعفه إلى قوة وفشله إلى نجاح، فالقوة التي يكتسبها المرء من خلال تثبيت العزم داخله والتصميم على النجاح، والإيمان بقدرة الخالق على الرحمة، تقضي بالضرورة على أي من العقبات بهدوء، دون أن يتعرض للتشويش الذهني والإرباك العقلي والتوتر النفسي، كما تمنحه السيطرة الكاملة على شؤون حياته ومشاكلها.

لماذا التشاؤم:
فالتخاذل عادة ما يكون نتيجة للشعور بالنقص لأن صاحبه يفتقد القدرة على التركيز والتحليل الذاتي، ويفتقد الثقة بالنفس فيضع العثرات أمامه قبل أن يقدم، ولذلك لا يرى نفسه قادراً على الأداء، وكثيراً ما كنت أعجب لامرئ عطل نجاحه عندما وضع الخوف من الفشل هيكلاً بين عينيه، فاضطرب نظام المعلومات في عقله وأضاع وقته وجهده هباءً منثوراً.

الإرادة هي القوة الخفية لدى الإنسان وهي تعني اشتياق النفس وميلها الشديد إلى فعل شيء ما ، وتجد أنها راغبة فيه ومدفوعة إليه .. الإرادة قوة مركبة من = رغبة + حاجة + أمل

يقال ان التفاؤل هو الشعور بالرضا والثقة بالنفس والسيطرة على المشاعر المختلفة،
والنظرة الايجابية لجميع مناحي الحياة، اما الانسان المتفائل فهو متوكل على الله سبحانه وتعالى، طموح، محب، ودود، ويتحمل المسؤوليات بكل شجاعة وحماسة.

أعتقد أن حالة التفاؤل هي نعمة من الله عز وجل انزلها للانسانية، وهي هديته الغالية لنا لتضيء نفوسنا وتنير دروبنا مهما تعقدت الحياة من حولنا، والتفاؤل سنة نبوية، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن وينهى عن التشاؤم والتطير.

يقول الفيلسوف الاميركي ايمرسون: "ان النجاح عصفور صغير يقبع في عش بعيد مرتفع ومحاط بالاسوار وكلنا يريد هذا العصفور، لكن من الذي يصل اليه؟! البعض يقف امام الاسوار في انتظار ان يطير العصفور فيقع بين يديه، وقد يطول به الانتظار فيصاب باليأس وينصرف، والبعض يدور حول الاسوار باحثا عن منفذ او طريق الى العصفور، ومن هذا البعض يصل الناجحون المتفائلون».

اما الفيلسوف برتراند راسل فله عبارة جميلة شفافة تبعث الامل في نفوسنا، يقول: "منتهى التفاؤل يولد من اقاصي اليأس".

المتفاءل هو الأقوى:
التفاؤل يمنحنا القدرة على التجديد وتذوق الجمال في كل شيء يصادفنا في الحياة، ويفتح ابواب الامل امامنا ويزودنا بالقناعة والرضا، والأهم يشحننا بطاقة عالية تحفز هممنا وتساعدنا على مواجهة الحاضر، وتحديد اهدافنا المستقبلية بجدية لانه يسلحنا بالاصرار والعناد والجرأة والشجاعة.

يقال دائما ان الانسان المتفائل اكثر استمتاعا بالحياة واكثر سعادة بين الآخرين، فلماذا لا نتفاءل حتى نستمتع بكل ما هو حولنا من جمال وحب ووجود إلهي رائع؟!

من المعروف ان التفاؤل يطيل العمر، وأكثر مقاومة للامراض البدنية والنفسية،
لان النظرة الايجابية المتفائلة للذات تطيل العمر والنظرة السلبية التشاؤمية للذات تقلل من احتمالات الحياة!

لماذا لا نزرع التفاؤل داخلنا:
توصل فريق من علماء النفس الاميركيين (جامعة بيل في ولاية كونيكتيكت)
الى ان الاشخاص المنشرحي البال المتفائلين في نظرتهم الى التقدم في السن يعيشون لمدة اطول من اقرانهم الذين يستبد بهم القلق.
لماذا لا نزرع التفاؤل في دواخلنا، نغرسه بشغف ورغبة كالايمان الذي ينور نفوسنا. تقول الحكمة البوذية «ان لكل انسان شمسين واحدة في السماء وواحدة بداخله، وانه حين تغيب شمس السماء ويظلم الكون فلا يضيء للانسان سوى شمسه الداخلية، وانه لهذا السبب لا بد ان يحتفظ بها متوهجة دائما في داخله».
اما المثل الياباني المتفائل فيقول «بعد المطر يأتي الجو جميلا».
كما يقول احد الشعراء الاميركيين «اذا كان الشتاء قد جاء فليس الربيع ببعيد».
ان التفاؤل من الايمان والتشاؤم من الشيطان.. (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم) "268" (سورة البقرة) فالوعد بالفقر هو التخويف من الفقر وهو من اسباب التشاؤم الذي تقهر الإنسان.

فإذا كان لا شيء حولك يجلب التفاؤل لماذا لا تجعل التفاؤل يأتي إليك.

التفاؤل عدوى:
ويعتقد الباحثون بأن حالة التفاؤل تنتج عن سلسلة من العمليات الداخلية والنفسية. وهذا يعني بأنها مهارة مثل وضع الماكياج، أو رمي كرة التنس تتحسن كلما تدربنا عليها.

وهناك تجربة تقول بأن 99% من الأشخاص سيبادلونك الابتسامة إذا بدأت بالابتسامة لهم ، مما يعني بأنك قمت بنشر عدوى تفاؤلك. يقول العلماء بأن تعابير الوجه، والحالة النفسية تؤثر على الأشخاص وتنتشر كالعدوى، لأنها عبارة عن وسيلة للتواصل دون كلام.

وهكذا يمكنك أن تستغل هذه الوسيلة لنشر التفاؤل والذي غالباً ما ينعكس على نفسية الشخص المقابل. بالإضافة إلى الكلمة الطيبة. تخيل كم سيكون نهارك رائع، عندما تدخل متجراً وتبتسم فيبتسم لك صاحب المتجر، ويتمنى لك نهاراً سعيداً. عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه) وعلى رسول الله صلى الله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى من قيمة الابتسامة فجعلها صدقة يمكن أن يتقرب بها الجميع الى الله ( تبسمك في وجهه أخيك صدقة )

أفادت دراسة طبية أن التفاؤل مفيد للقلب حيث يخفض خطر الإصابة بالأزمات القلبية. وقال باحثون بمعهد الصحة الذهنية في "دفت" بهولندا إن الدراسة شملت 545 رجلا تتراوح أعمارهم بين 64 و84 عاما، تم قياس التفاؤل لديهم بمقياس من صفر إلى ثلاثة وهي ذروة التفاؤل.

وتبين أن الأكثر تفاؤلا بينهم انخفض لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بنسبة 50% تقريبا على مدى 15 سنة من المتابعة.

وأشار فريق البحث إلى أنه يمكن تقدير التفاؤل بسهولة، وهو يستقر على مدار فترات طويلة رغم أنه يقل فيما يبدو مع التقدم في العمر.
وكانت أبحاث سابقة أشارت إلى أن التفاؤل يدعم صحة الجسم بشكل عام ويقلص خطر الموت.

ومن المعروف أيضا أن التفكير بشكل إيجابي يفيد مرضى القلب الذين يعانون من ضيق بالشرايين.

وبشكل إجمالي انخفض تفاؤل المشاركين بالدراسة من 1.5% عام 1985 إلى 1.3 عام 2000.
وارتبطت حالات التفاؤل الأكبر بصغر السن والتعليم الأفضل والحياة مع آخرين، والتمتع بصحة أفضل والقيام بالمزيد من النشاط البدني.

وأوصى فريق البحث بضرورة معرفة ما إذا كان التدخل لتحسين مستويات التفاؤل لدى كبار السن، قد يقلل خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية .
المصدر : رويترز



وأخيراً الحصان المتفائل:
قصة قصيرة مشهورة ذكرت في هذا المنتدى أكثر من مرة ولكني سأكررها هنا لأن فيها عبره جميله جداً تجعلك تتفائل في الحياة اكثر ...
وقع حصان عجوز لأحد المزارعين في بئر مياه عميقة ولكنها جافة، وتألم الحيوان بشدة من أثر السقوط واستمر هكذا لعدة ساعات كان المزارع خلالها يبحث الموقف ويفكر كيف سيستعيد الحصان؟ ولم يستغرق الأمر طويلاً كي يُقنع نفسه بأن الحصان قد أصبح عجوزًا وأن تكلفة استخراجه تقترب من تكلفة شراء حصان آخر، هذا إلى جانب أن البئر جافة منذ زمن طويل وتحتاج إلى ردمها بأي شكل حتى لا يسقط فيها أحد مرة اخرى.

وهكذا، نادى المزارع جيرانه وطلب منهم مساعدته في ردم البئر كي يحل مشكلتين في آن واحد؛ التخلص من البئر الجاف ودفن الحصان. وبدأ الجميع بالمعاول والجواريف في جمع الأتربة والنفايات وإلقائها في البئر. .
في بادئ الأمر، أدرك الحصان حقيقة ما يجري حيث أخذ في الصهيل بصوت عال يملؤه الألم وطلب النجدة. وبعد قليل من الوقت اندهش الجميع لانقطاع صوت الحصان فجأة، وبعد عدد قليل من الجواريف، نظر المزارع إلى داخل البئر وقد صعق لما رآه، فقد وجد الحصان مشغولاً بهز ظهره كلما سقطت عليه الأتربة فيرميها بدوره على الأرض ويرتفع هو بمقدار خطوة واحدة لأعلى!
وهكذا استمر الحال، الكل يلقي الأوساخ إلى داخل البئر فتقع على ظهر الحصان فيهز ظهره فتسقط على الأرض حيث يرتفع خطوة بخطوة إلى أعلى. وبعد الفترة اللازمة لملء البئر، اقترب الحصان من سطح الأرض حيث قفز قفزة بسيطة وصل بها إلى سطح الأرض بسلام.

وبالمثل، تلقي الحياة بأوجاعها وأثقالها عليك، فلكي تكون حصيفًا، عليك بمثل ما فعل الحصان حتى تتغلب عليها، فكل مشكلة تقابلنا هي بمثابة عقبة وحجر عثرة في طريق حياتنا، فلا تقلق، لقد تعلمت توًا كيف تنجو من أعمق آبار المشاكل بأن تنفض هذه المشاكل عن ظهرك وترتفع بذلك خطوة واحدة لأعلى.



لو تأملنا هذه القصة الرمزية لوجدنا ان ما فعله هذا الحصان هو تطبيق عملي للقواعد التي تحدثنا عنها سابقاً ومنها :-
- لا تكثر من الشكوى والضجر فان هذا لا يفيد
- لا تستسلم لمشاعرك وآلامك الخاصة
- نقي قلبك من الكراهية والحقد للآخرين .
- اجعل عقلك هو المسيطر دائماً على قرارتك واستعن بالله ولا تعجز.
- لا تيأس من الظروف السيئة بل حاول ان تستفيد منها لتحقق النجاح.