- تحقيق التقييم الأصيل Authentic Assessment.


مؤشرات لاكتشاف الذكاءات المتعددة لدى المتعلمين


إن الممارسة التربوية والتعليمية والاحتكاك اليومي للمدرسين بطلابهم في مختلف
المستويات التعليمية، يساعدهم على التعرف على أنواع الذكاءات التي لديهم، هذا فضلًا
عما تقدمه مختلف أنواع القياس، من مصادر مختلفة، وبخاصة لدى أفراد الأسرة على توضيح
ميولهم واهتماماتهم، وفيما يلي نعرض بعض المؤشرات السلوكية المساعدة على التعرف على
أنواع الذكاءات لدى المتعلمين، بقصد مساعدتهم على التعلم المثمر والفعال.


الذكاء اللغوي: من الممكن التعرف على الذكاء اللغوي لدى تلميذ ما من خلال المؤشرات
التالية: القدرة على الحفظ بسرعة، وحب التحدث، والرغبة في سماع الأسطوانات،
والألعاب اللغوية، وإظهار رصيد لغوي متنام، والشغف بقراءات الملصقات وقص�''''''''''''''''
الحكايات.ويتميز المتعلم الذي لديه هذا الصنف من الذكاء، بسرعة الحفظ لما يسمعه،
وما هو مطالب بحفظه، ولا يجد في ذلك أي صعوبة، كما أنه يتعلم أكثر عن طريق التعبير
بالكلام، وعن طريق السماع والمشاهدة للكلمات.


الذكاء المنطقي الرياضي: يمكن التعرف على هذا الذكاء لدى المتعلمين من خلال
المؤشرات التالية: إبداء الرغبة في معرفة العلاقات بين الأسباب والمسببات، والقيام
بتصنيف مختلف الأشياء ووضعها في فئات، والقيام بالاستدلال والتجريب. والرغبة في
اكتشاف الأخطاء فيما يحيط بهم من أشياء، وتتميز مطالعتهم بالإقبال على كتب العلوم،
أكثر من غيرها.


الذكاء البصري - المكاني: يمكن التعرف على هذا الصنف من الذكاء لدى المتعلمين من
خلال المؤشرات التالية: أنهم يستجيبون بسرعة للألوان، وكثيرًا ما يدهشون للأشياء
التي تثيرهم، وقد يصفون الأشياء بطرق تنم عن خيال، ويتميزون بأحلام حية، والقدرة
على تصور للأشياء والتأليف بينها وإنشاء بنيات. وقد يقال إنهم «يبنون قصورًا من
الرمال»، وهم من صنف المتعلمين الذين يحبون الرسم والصباغة، ولهم حس فائق في إدراك
الجهات، ويجدون أنفسهم بسرعة في بيئتهم، ويدركون الأشكال بدقة، ويحبون الكتب التي
تحتوي على عدة صور.


الذكاء الجسمي الحركي: من مؤشرات التعرف على الذكاء الجسمي الحركي، ما يلي: أن
أصحابه قد مشوا في صغرهم مبكرًا، فهم لم يحبوا طويلًا، إنهم ينجذبون نحو الرياضة
والأنشطة الجسمية، إنهم لا يجلسون وقتًا طويلًا، فهم في نشاط مستمر، وهم يحبون
الرقص والحركة الإبداعية، كما أنهم يحبون العمل باستخدام أيديهم في أنشطة مشخصة
كالعجين والصباغة... إلخ، ويحبون الوجود في الفضاء، ويحتاجون إلى الحركة حتى
يفكروا، وكثيرًا ما يستخدمون أيديهم وأرجلهم عندما يفكرون، كما يحتاجون إلى لمس
الأشياء حتى يتعلموا، كما يفضلون خوض المغامرات الجسمية كتسلق الجبال والأشجار،
ولديهم تآزر حركي جيد، ويصيبون الهدف في عديد من أفعالهم وحركاتهم، ويفضلون اختبار
الأشياء وتجريبها عوضًا عن السماع عنها أو رؤيتها.


الذكاء الموسيقي: يمكن التعرف على الذكاء الموسيقي لدى المتعلمين من خلال المؤشرات





التالية: إنهم يغنون بشكل جيد، ويحفظون الأغاني بسرعة، ويحبون سماع الموسيقى والعزف
على آلاتها، كما أن لهم حس الإيقاع، وقد يحدثونه بأصابعهم وهم يعملون، ولهم
القدرة على تقليد أصوات الحيوانات أو غيرها.


الذكاء البينشخصي (الاجتماعي): يمكن التعرف على هذا الذكاء لدى التلميذ من خلال
المؤشرات التالية: أنه حساس لمشاعر الغير، ويكوِن أصدقاءه بسرعة، ويسرع إلى
التدخل كلما شعر بوجود مواقف صراع أو سوء تفاهم، كما يميل إلى إنجاز الأنشطة في
جماعة، فهو يستوعب بشكل أفضل إذا ذاكر دروسه مع زملائه، وهو يطلب مساعدة الغير،
عوضًا أن يحل مشاكله بمفرده، كما يختار الألعاب التي يشارك فيها الغير. وهو غير
ضنين على غيره، بما يعرفه أو يتعلمه، وهو يحس بالاطمئنان داخل جماعته، كما قد يظهر
سلوكه صفات الزعيم.


الذكاء الذاتي: من مؤشرات التعرف على هذا الذكاء لدى المتعلمين، ما يلي: إنهم
كثيرًا ما يستغرقون في التأمل، ولديهم آراء محددة، تختلف في معظم الأحيان عن آراء
الغير، ويبدون متأكدين مما يريدون من الحياة، ويعرفون نقاط القوة والضعف في
شخصيتهم، ويفضلون الأنشطة الفردية، ولهم إرادة صلبة، ويحبون الاستقلال، ولهم مشاريع
يسعون إلى تحقيقها.


الذكاء الطبيعي: يمكن التعرف على مؤشرات هذا الصنف من الذكاء لدى المتعلمين من خلال
المظاهر التالية: إنهم يهتمون بالنباتات والحيوانات، ويقومون برعايتها، كما يظهرون
شغفًا بتتبع الحيوانات وتربيتها وتصنيفها في فئات، وهم يحبون الوجود باستمرار في
الطبيعة، ويقارنون بين حياة مختلف الكائنات الحية، كما تستهويهم المطالعة في كتب
الطبيعة.






لقد أحدثت نظرية الذكاءات المتعددة منذ ظهورها ثورةً في مجال الممارسة التربوية
والتعليمية، حيث غيرت نظرة المدرسين لطلابهم، وأضحت الأساليب الملائمة للتعامل
معهم وفق قدراتهم المختلفة، كما شكلت هذه النظرية تحديًا مكشوفًا للمفهوم
التقليدي للذكاء، ذلك المفهوم الذي لم يكن يعترف إلا بشكل واحد من أشكال الذكاء
الذي يظل ثابتًا لدى الفرد في مختلف مراحل حياته. فلقد رحبت نظرية الذكاءات
بالاختلاف بين الناس في أنواع الذكاءات التي لديهم وفي أسلوب استخدامها، وهو ما من
شأنه إغناء المجتمع وتنويع ثقافته وحضارته، عن طريق إفساح المجال لكل صنف منها
بالظهور والتبلور في إنتاج يفيد تطور المجتمع وتقدمه.لقد كانت الممارسة التربوية
والتعليمية قبل ظهور هذه النظرية تستخدم أسلوبًا واحدًا في التعليم، لاعتقادها
بوجود صنف واحد من الذكاء لدى كل المتعلمين، الشيء الذي يفوت علي أغلبهم فرص التعلم
الفعال، وفق طريقتهم وأسلوبهم الخاص في التعلم. إن تعدد الذكاءات واختلافها لدى
المتعلمين يقتضي اتباع مداخل تعليمية تعلمية متنوعة، لتحقيق التواصل مع كل
المتعلمين الموجودين في الفصل الدراسي. كما أن النظام التربوي والتعليمي إلى وقت
قريب كان يهمل عددًا من القدرات والإمكانات للمتعلمين.إن النظام التربوي سيحقق
الكثير لو اهتم بالقدرات الذهنية التي لا تأخذها مقاييس المعامل العقلي في
الاعتبار، وهذا ما اهتمت به نظرية الذكاءات المتعددة.






يمكن تقوية الذكاءات المتعددة سواء أكانت قوية أم ضعيفة من خلال تحديد الأنواع
القوية والأنواع الضعيفة باستخدام أحد مقاييس الذكاءات المتعددة، وبعد تحديد جوانب
القوة والضعف يمكن استخدام أنشطة تعليمية متعددة مرتبطة بكل نوع من أنواع الذكاءات
المتعددة لتقوية القدرات الضعيفة كما يأتي:


الذكاء اللغوي: يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية:المحاضرات والمناقشات في
مجموعات، وأوراق العمل، والمناظرات، وتسجيل كلمات الآخرين، وطبع الأنشطة الكتابية
ونشرها، ورواية القصص.


الذكاء المنطقي- الرياضي:يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية: حل المسائل الرياضية
على السبورة، وخبرات حل المشكلات، وابتكار الرموز، والألعاب والألغاز المنطقية،
والعرض المنطقى المتسلسل للموضوعات.


الذكاء البصري - المكاني: يمكن تقويته عن طريق: الصور والخرائط والرسوم التوضيحية،
والتصوير الفوتوغرافي، وأفلام اليقظة المباشرة، واستخدام خرائط المعرفة، وخبرات
التعرف على الصور.


الذكاء الجسمي – الحركي: يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية: ابتكار الحركات،
والتمثيل، وأنشطة التربية البدنية، واستخدام لغة الجسم وإشارات اليد للتواصل،
وتدريب الاسترخاء البدني، واستخدام الصور الحركية.


الذكاء الموسيقى: يمكن تقويته عن طريق: الأناشيد والغناء، وسماع الموسيقى، وابتكار
ألحان جديدة للمفاهيم والكلمات، وألعاب موسيقية حقيقية كالبيانو والآلات الأخرى.


الذكاء البينشخصي (الاجتماعي): يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية: المشروعات
المجتمعية، والتفاعل بين الأفراد، وجلسات العصف الذهنى، والتعلم التعاوني، والبرامج
التفاعلية، والنوادي المدرسية، ومشاركة الأقران.


الذكاء الذاتي: يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية: البرامج والألعاب الفردية،
وأنشطة تقدير الذات، وأنشطة مراكز الهوايات، والتدريس المبرمج للتعليم الذاتي،
وأنشطة المنهج التي تثير الدافعية وتنميتها.


الذكاء الطبيعي: يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية: دراسة الطبيعة، والرحلات
الميدانية البيئية، والعناية بالحيوانات والنباتات، والعمل في الهواء الطلق.






في ضوء ما سبق وللاستفادة من نظرية الذكاءات المتعددة في العملية التعليمية يوصى
بما يلي:


أن ينوع المعلمون الأنشطة التعليمية داخل حجرة الدراسة للوحدة الدراسية الواحدة بما
يتناسب مع الذكاءات المتعددة للتلاميذ لكي يتمكن كل تلميذ من الاستفادة من النشاط
الذي يوافق ذكاءاته.


أن يتم تعميم استراتيجيات التدريس القائمة على نظرية الذكاءات في التدريس لفئات
خاصة.


أن يتم تعديل مناهج المراحل التعليمية المختلفة بحيث تعتمد أساليب تدريسهم على
استغلال جوانب القوة في ذكاءاتهم المختلفة وفقًا لنظرية الذكاءات المتعددة؛ لأن
البرامج الحالية تعتمد على تنمية جوانب ضعفهم فقط وتتجاهل جوانب القوة لديهم، والتي
يمكن الاستفادة منها في دراستهم الأكاديمية.


أن تحتوي أساليب التدريس على أنشطة تنمي القدرات والمواهب الخاصة التي قد توجه لدى
التلاميذ.


أن يعتمد تقييم التلاميذ على طرق وأساليب متعددة الأبعاد، بحيث تغطي كل الجوانب لدى
الفرد.