الخطوات الثمانية لإدارة تغيير ناجحة:


الخطوة الأولى: إيجاد شعور بأنّ التّغيير ضرورة ملحّة:


يرى كُوتر أنّ على قائد المؤسّسة أن ينجح في خلق الشعور والأجواء التي تؤدي للتغيير؛ لأنّه ُيعزّز من المصداقيّة والثقة لدَى العاملين وهو الوسيلة المتاحة لإنجاز أيّ مشروع جَديد وقد عدد كوتر تِسْعة عوامل تحقق الرّضا عن ِالوضعِ الرّاهن داخل المُنظمة والتّي يجب أنْ نَعْمل على التخلّص منها وهي:


1. خَلْق الأزمة: لا يرى الموظفون أي تهديد لمصالحهم داخل المؤسسة ما دام عناصر الخطر لم تتوفر كالاستغناء عن الموظّفين أو وجود خسائر مادية وبالتالي ففرص إقناعهم بالتغيير تبقى ضعيفة ومن ثم يلجأ القائد إلى افتعال أزمة رغم ما يخلفه هذا القرار منْ خسائر إلا أنّه ضروري لشدِّ الأحزمة وتجديد روح العمل.


2. التخلص من الشعارات الكاذبة: إنّ مظاهر الترف داخل غرف المؤسّسة لا تعبّر في الحقيقة عن نجاحها، فتوفر طاولة تقليديّة من الخشب النفيس بطول ثلاثين قدَماً بالإضافة إلى السّتائر الثمينة والديكورات الجميلة وتركيبة الرّخام واستخدام الخشب الجيّد والبُسط الرّاقية وتعليق اللّوحات الزيتيّة بكــثافة، كلّها تبعث برسالةٍ واضحةٍ تُعبّر عنْ جلالة ِالوضــعِ، تقول: نحن الأغنياء، نحن الرابحون، نحن نقوم بالعَمل الصّحيح بالتأكيد، فما علينا إلا أنْ نستريح ونجلس على الغداء، فهذه العقلية حسْب رأي كوتر عقلية هدّامة فهي ترفع شعارات بعـيدة عن روح التغيير والإبداع ولا تــساهم في بناء مؤسّسة قوية تطمح إلى مستقبل واعدٍ.


3. تقديم معايير خاطئة عن واقع المؤسسة: إنّ وضْع إحْصاءات تشير الى أرْباح بنسب معينة داخل المؤسسة عن العام المنصرم لا تعطي صورة حقيقية عن تقدم المؤسّسة؛ لأنّ التقدم الحقيقي يقاس بالمقابل بارتفاع كلفة الإنتاج والتعرّف على أرباح المؤسّسات المنافسة.


4. التركيز على أهداف وظيفية محْدودة من طرف الهياكل التنظيمية: على المدير أن يُشرك كل الأعضاء الفاعلة، ويُحمّلها مسؤولية ما تؤول إليه المنظمة لا أن يقتصر على قسم دون آخر.


5. تزْويد المُنظمة بأنظمة قياس داخلية دقيقة: تيُسّر على العاملين الوصول إلى أهدافهم المرسومة، والتّي يجب أنْ تُقاس نتائجها بناء على معايير المقارنة مع المنظمات الأخرى، ومعدّلات نموّ السوق وتكاليف الوقت المُستهلك في تحقيقها والعائد على الاستثمار دون تجْريدها من العوامِل الخارجية.


6. عدم توفّر أنباء عن الأداء الخارجي: يجب أن يتمتّع المُدير بخصائص نفسيّة مميّزة فيستمع إلى العملاء غير الرّاضين والمورّدين الفاشلين وحملة الأسهم المحبطين.


7. عدم الاكتراث بالناصحين الأمِينين: بعض المُوظفين لهم اهتمام خاصّ بصدى أداء المُؤسّسة لدى عُملائها وحامِلي أسْهمها ومورديها يجب التعامل معهم بقسوة، وذلك بإقصائهم من مهامّهم.


8. عدم الإصغاء للأخبار السّيئة: المُدير ُيذعن لعادة البشر في عدم سَماعِ ما لا يريدون سماعه، وأْصْل تزويد العاملين بالمعْلومات عن الفرص المُهدرة حتّى لا يعودوا يستطيعون الجُلوس أو السّكوت أو صِمّ الآذان.


9. حديث الإدارة عنِ الانجازات الخارقة والأخبار السّعيدة: المديرون يُفضّلون الحديث عمّا حققوه من نجاح، حتى وإن كان نجاحا محدودا،ً ولمرّة واحدة توقفْ عن نشر الأخبار السّعيدة، ما لم تكن ناتجة عن عمليّة التغيير المُسْتمّر ويجب أنْ نتوقف الآن.


الخطوة الثانية: بناء تحالف لقيادة مساعي التغيير:


التحوّلات الكبرى تنسب غالبًا إلى كبار المسْئولين، ومع ذلك لا يستطيع أحد بمفرده وضع رؤية صحيحة، وتوصيلها إلى عدد كبير من النــاس، ولا يستطيع أحد بمفرده أيضًا أن يذلل كل العقبات، ويحقق انتصارات في الأجل القصير، ويرسخ التغيير في ثقافة الشركة بمفرده، فالخطوات الثمان في عمليّة التغيير تستلزم إنشاء تحالف قوي من العاملين يتولون قيادة مهام التغيير وتوجيهه في مراحله المختلفة


وأهمّ السّمات التي تتحلّى بها هذه التحالفات من أجل القيام بعملية التغيير هي:


1. إشراك أفراد منسجمين: وغالبًا ما تجمع بين المديرين الكبار الذين يمتلكون القدرة على إحداث التغيير والموظّفين الذين تتوفّر لديهم الخبرة والمصداقيّة ومديريّ خُطوط الإنتاج الذين لديهم السلطة لوقف كل ما لا يرغبون فيه، إنّ هذا التحالف الاستراتيجي بين هذه القوى سيمْنَحها التأييد الكافي للقيام بعملية التغيير.


2. توفر جانب من الثقة المتبادلة بين أعضاء التحالف: يعتبر نقصان الثقة أمرًا اعتياديًا داخل المؤسسة بحكم التنافس الشديد بين أقْسام العمل من أجل الحصول على الموارد، إلاّ أنّ هذا لا يمنع في المقابل وجود ثقة متبادلة بين تحالف من الأفراد يُحتّمها عليهم ِوحدة الهدفِ والمقصد.


3. الاشتراك في الهدف: إنّ الأفراد المُنْسجمين تحْدوهم الرّغبة في النهوض بالمؤسّسة وأدائها وقد وفّر لهم مناخ الثقة المتبادل الجو المناسب لبناء هدف مشترك وهو السّعى للوصول الى درجة عالية من التفوق والارتقاء في مجالهم العمليّ، وهكذا فكلّما كانت اللُّحمة قويّة بين المجموعة المنسجمة كانت الدفعة للتغيير أكثر كفاءة وفاعلية وفي هذا الصّدد يقول كوتر: إن إجراء تغيير ضخم أمر يصعب جدّا تحقيقه ويحتاج إلى قّوة هائلة لمتابعة العمليّة، فلا يمكن قط ّأن يقوم به أيّ فرْد بمفرده حتىّ لوْ كان ذا منصب عال كالمدير، وإنما يتحقق ذلك بوضع الرؤية الصحيحة وتوصيلها لأكبر قدر من الأفراد والعمل على إزالة جميع العقبات الاساسية, وتحقيق مكاسب قريبة المدى، وقيادة وإدارة العشرات من برامج التغيير وتثبيت وترسيخ وجهات النظر والطرق الجديدة في ثقافة المؤسسة، فدائما ما تكون هناك حاجة إلى تحالف قوي تحالف من تشكيل صحيح، ومسْتوى مُناسب من الثقة المتبادلة، وهدف مشترك يسعى الجميع لتحقيقه، والقيام ببناء هذا الفريق يعد دائما جزءًا حيويًا في المراحل الأولية لأي جهد مبذول لإعادة هيكلة أو إعادة هندسة العمليّات أو استخدام مجموعة من الاستراتيجيات.


الخطوة الثالثة: وضع رؤية واستراتيجية


فإن الرّؤية أمر مهم لأيّ عملية تغيير لأسباب ثلاثة:


1. توضـح الاتجاه: فإذا لم تكــن تعرف فى أي اتجاه تسِير، فسوْف تجد نفسك فى مــكان آخر، وغالباً لا يتفق الناس على اتجاه التغيير، ويعتريهــم لبس بشأن ما يحدث، أو يتساءلون عما إذا كانت التغييرات ضرُورية أم لا، والرّؤية تقول للناس: هذا هو الطريق الذى يقودنا إليه التغيير.


2. الرّؤية تحفز النــاس على اتخــاذ إجراءات ليست بالضّرورة فى مصلحتهم فى الأجـل القصير، والتغيير عادّة ما يـخرج الناس من مناطق الرّاحة والدّعَة ومـن أيام العـــسل؛ لأنّه يتطلّب العمل بصورة مختلفة أو مع وجود موارد قليلة، وتبين الرّؤية الجيدة للنّاس المستقبل الأفضل الذي عليهم أن يضحوا من أجله اليوم.


3. الرؤية تساعد على التنسيق: كل واحد يعرف إلى أين تتــجه الشركة ويقوم بعمله دون أن يرجع في كل صغيرة وكبيرة إلى المدير، وبدون رؤية مشتركة يختـلف الناس باســتمرار حول ما يجب أن يفعلوه.


الخطوة الرابعة: توصيل رؤية التغير:


إنّ الاتصال سلاح ذو حدين؛ فتارة يكون فعالًا وبالتالي له القدرة على توحيد تصوّرات الأفراد داخل المنظمة، وطورًا يكون ضعيفًا قاتلًا لروح الحماسة؛ وبالتالي يكون سببًا في إفشال عملية التغيير؛ ولتفادي هذا الفشل وضع كوتر سبعة مبادئ تكافح هذه الأخطاء:


1. استعمال العبارات البسِيطة والواِضحة للتّعــبير عن الرّؤى وتجنّب الألفاظِ الغامضةِ أوْ المُعقدة.


2. استخدام اللّغة المعبّرة لتسهيلِ عمليّة التواصل بين الموظّفين.


3. الإكثار من وسائـل توزيع البيانات؛ كــأنْ تُوزّع في الاجتماعات الكبـــيرة والمحادثات غير الرسـمية والــمذكرات والمقالات في النشرات الصــحفية فالأفكار المتــميّزة تبقى وتنتشر.


4. استخدام أسلوب تكرار الرّسالة: فكلما تكررت الرسالة كانت لك القدرة أكثر على حشْدِ فريــق إدارتكَ.


5. ضرْب المثال والقدوة: يجب أنْ تكون صُورة القائد هي النموذج الذي يقتدى به فعدم التصرّف طبقاً لهذه المُواصفات يُكسِب المُوظفين الشعور باللامبالاة.


6. الوُقوف على مَظاهر التِّعارض داخل المُؤسّسة: فعدم التطرق إلى نقاط الخِلاف يُؤدّي إلى فقدان مِصْداقيـّة المؤسّسة وعدم التجاوب مع طمُوحاتها.


7. توْضيح الأمور بكلّ صَراحة: إذا كان استخدام سُلطة القيادة للقيام بشيء مهمّ رغم كُلفته، فيجب أنْ يوضِّح ذلك فالرّؤى ليست كائنات مقدسة،ّ إن مشروع َالتغيير يتوقف على مدى إيجاد السّبل الكفيلة بنشْر وتطوير الرّؤية في كافّة مفاصل المؤسّسة ولذلك يقول كوتر أنّ الرّؤية العظيمة يمكن أن تؤدي إلى هدفٍ مفيد حتىّ ولو لم يفهمها إلا عدد قليل من الأفراد، ولكن القوة الحقيقية لأيّ رُؤية تبلغ ذروتها عندما يصل غالبية الأفراد المشاركين في مشروٍع أو نشاطٍ، إلى فهم مشترك لأهدافه وتوجّهه.