عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
سبعة أمور كي تشكر في نفسك دون أن تكون "إبليس
يوميات أخصائية نفسية : سبعة أمور كي تشكر في نفسك دون أن تكون "إبليس" !!
د. داليا الشيمي
جاءتني دعوة كريمة من إحدى المدارس الأمريكية الثانوية في القاهرة كي أقدم لطلابهم الذين بقي لهم أيام ويتركوا المدرسة نظراً لكونهم في الثانوية العامة، وضمن تقليد مميز من المدرسة ينظموا للطلاب عدة أيام تتحدث عن "حياتهم اللاحقة" الكارير الذي يختارونه ، كيف يتعاملوا مع عالم الجامعة والحياة الأرحب، وكان موضوع لقائي بهم حول " معرفة الذات وإدارتها" ، وهو كورس أقوم على تدريب فئات مختلفة عليه، قدمته لهم خلال هذا اليوم.
وأثناء حديثي معهم سألت أحدهم سؤالاً: اذكر لي ثلاث ميزات تميز شخصك .. وثلاثة عيوب ؟!!!
رد الطالب فوراااا ودون تفكير : هو في حد يشكر في نفسه ؟!!! إزاي أقول مميزات فيا يعني ؟!! أقول عيوب مثلاً ، حاجات وحشة .. لكن ميزات ؟!!! مايشكرش في نفسه إلا إبليس يا دكتور !!!!!!!!!
وهنا كانت وقفتي مع الطلبة والطالبات الذين كانوا عدداً كبيراً يملأ الحجرة وإتفقوا جميعاً مع زميلهم – أعتقد كان إسمه مصطفى – والكل أشار إلى أن كلام مصطفى صحيح وتعجبوا جداً من سؤالي ..
وهنا أسأل أنا سؤال " إستهجاني" : لماذا الثقافة التي نعيش فيها تُحيينا وتصفنا بالشجاعة حينما نتحدث عن "عيوبنا" أو "أخطاءنا" أو "أوجه القصور" فينا ؟!! ولماذا يكون "إبليس" مَنْ يذكر ميزاته أو مهاراته أو يعرف حقيقة ما يملك؟!! وهل للدين دخل في ذلك ؟!!!
سأجيب عنك بإجابة واحدة غير قابلة للتقسيم أو الفصال لأنني سأضع لك الأسس التي تقوم عليها وهي " لا ... ليس مَنْ يشكر في نفسه إبليساً .. ولا يعيب الدين – الحقيقي لإن لدينا أشباه أديان يضعوها لنا بحسب الأمزجة والظروف – أن نتحدث ونباهي بما نملك .. فقد قال لنا رب العزة في سورة آل عمران "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ " ..
أليس في ذلك تفضيل وذكر لمميزاتنا ؟!!! ويقال أن مناسبة نزول هذه الآية كما قال عكرمة ومقاتل: نزلت في ابن مسعود، وأبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة؛ وذلك أن مالك ابن الضَّيف، ووهب بن يهوذا اليهوديين قالا لهم: إن ديننا خير مما تدعوننا إليه، ونحن خير وأفضل منكم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وبالتالي هناك " حديث" يمكن أن نقوله عن "أنفسنا" فيما نملك، أو ما ننتمي إليه.
لكن .... يمكن في بعض الأحوال أن يكون حديثك عن "نفسك" شئ سيئ .. وهنا ساذكر لك "الأمور" التي تجعل حديثك عن نفسك تشبهاً بإبليس وهي خمسة أمور أساسية كالتالي :
1-أن تتحدث عما تملك .. وتكون مستعد أن تتحدث عما ينقصك ، لأن أخطر ما يمكن أن ينالك "أنت" هو أن ترى ما تملك وتتحدث فيه دون أن ترى ما ينقصك وتكون مستعد أن تتحدث عنه دون خجل "كخطوة لتطويره" .
2-أن تحذر من " خلط العرض بالمشاعر" وأعني به أن تحفظ نفسك من "شعور الغرور" الذي قد يحدث حين "تتحدث عن نفسك" إن لم تضبطه، وتضع له "فلتر" قيمي وديني بل وعقلاني.
3-أن تعقب على حديثك عما تملك بأنك تسعى لأن تعرف أكثر حول كذا أو كذا، وهنا أعني .. أن تذكر ما تملكه وتعرفه وتعبر أيضاً عن محاولتك لإستكمال الناقص لأن في ذلك إعتراف أنك لازلت "تتعلم" " تفهم" "تسعى" "تجتهد" وهذا يعني أنك وعيت وادركت النقطتين السابقتين " من أن لديك قصور .. وأنك لم تغتر بما تملك .. لذلك تبحث عن المزيد لأن الطريق لازال طويلاً " .
حفظ الله أحد أساتذتي فعلى الرغم من أنه علامه في مجالنا إلا أنني فوجئت به ذات يوم أقسم بالله وفي كل تواضع يقول " عايزك بقى لما تفوقي من الطلبة وتخلص السنة تقعدي تشرحيلي نسخة اختبار الذكاء الجديدة .. بس الأول أنا هاقرأ عشان أساعدك شوية في الفهم " ........ يا خبر أبيض .. كم علمونا كيف نرتقي ، كيف نتحدث عن قصورنا وعن أن الطريق لازال وحتى نموت نظل نفهم ( وهنا أرد على الطلاب الشباب الذين يرسلون لي لماذا نذهب للكلية وإحنا بناخد الملازم وننجح .. أقولك عشان في حاجات في أساتذة لن تتعلمها من كتاباتهم ولكن من معاشراتهم .. حفظ الله كل من أضاف إلى تربيتنا وأعاد رسم ملامحنا الإنسانية سواء أساتذتنا أو زملاء عمل أو حتى بعض الحالات النفسية فجميعهم يؤثر فينا ونتعلم منه) .
4- أن تُحدد هدف لذكر ما تملك .. فقد يكون الهدف تعليم الآخرين مما عرفت أو منحهم خبرتك .. أو حتى يكون الهدف أن يعرفوا مع مَنْ يتحدثوا وهذا حقك لينزلوك منزلك وحقهم ليعرفوا كيف يستقبلون ما تقول وهل هم متفقين مع منحاك الإنساني والتعليمي وتوجهك أم لهم تحفظ علي سيراعونه عند الحديث معك أو الأخذ منك ؟!!!
لكن ........... لنا هنا وقفة .. إحذر أن يكون "الهدف" التقليل من شأن الآخر .. أو التعالي عليه .. أو تذكيره بما يفقد .
وكيف أتأكد من إنني أفعل ذلك ؟؟
أ-حين تتحدث عن أوجه قصورك "يتعادل" مَنْ أمامك لأنه سيرى أنه يملك بعض مالا تملكه .
ب-لا مانع من أن تسخر من بعض نواقصك لتجعلها متنفس للآخر حتى لا يشعر بالضيق من حديثك عما تملك.
جـ- إذا سنحت الفرصة "اذكر إسم أحد الزملاء الذين تعلمت منهم شئ" لأن ذلك سيجعل الآخرين أكثر راحة لأنك تعترف بأنك "لازلت تتكون" .
5- أن تكون مستعد لشرح كيف حققت ما حققته أو على الأقل وضع الخطوط العريضة له وشرح الصعوبات بحيث يستفيد مَنْ تطرح عليه ما لديك، وإن كانت سمات شخصية وعرفت ما الذي يثبتها عندك اذكر ذلك وإشرح تجربتك كاملة فنحن قد نتحدث جملة عن حياتنا تجعل شخص يعيد تغيير حياته بأكملها أو يعرف لماذا تتوقف بعض أموره أو يمر بصعوبات أو يفهم شئ كان يحيره لسنوات، فلا تستخسر ذلك في البشر فما نزرعه نجده فيما بعد .
6- كن مستعداً لسماع نقد أو تقليل من شانك في شئ ما حينما تذكر مميزاتك في بعض الأشياء ، ولا تتحول إلى العدوانية التي تدفعك إلى " العُجب" بالنفس رداً لما قد تعتبره إهانة، فإعذر الناس الذين تربوا على بعض الثقافات التي تشمل ثلاثة نماذج :
أ- شخص لا يتحمل أن يتحدث أحد عن نفسه لأنه يرى ذلك في كل صوره "إعجاب بالذات" بحسب ثقافته.
ب- شخص يرى ضرورة "تكسير" صورتك لأنه لم يجد أثناء حديثك ما يوازي ما تملك بداخله.
جــ- شخص يميل للإستعراض بأن يقلل ممن يتحدث لينظر له الآخرين بإعتباره مَنْ "هزأ أو نال" ممن يتحدث و "عراه" أمام الآخرين ( إن كنتم في جمع).
7- ذكر نفسك وذكر مَنْ تتحدث له أن ما حصلت عليه أو ما ملكته إنما هو من عند "اللــــــــــــــه" فهذه هي النقطة الفاصلة بينك وبين "شيطان نفسك"، أو إرتكانها إلى نفسها وهو ما يعتبر بداية الإنحدار، فإعترافك بأن "توفيقك" بالله والموضوع هنا ليس مجرد "حالة إيمانية" ، ولكنها تهيئة لنفسك حتى لا تقودك هي وتهوى بك ، إضافةً إلى أن ذلك حماية لك من أن تتعسر بك الأمور التي بذلت فيها كل ما تملك تستطيع أن تواسي نفسك بان "الله" لم يرد لك بهذا ، وكي تقتنع نفسك لابد أن ترسي لها قاعدة أن ما نملك وما لا نملك "بيد الله" وليس منا لأن حولك بعض البشر يصنعون ما تصنع ولا يحققون ما تحققه والعكس صحيح.
وهنا تجد حديث رسول الله صل الله عليه وسلم " واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" .
عند هذه الأمور ومراعاتها .. لا تخجل من أن تتحدث عن نفسك .. لا تخجل من أن تقدم ما تملك ، وما يميزك ، وما تحمل من مهارات أو قدرات أو سمات، ولا تهتم كثيراً بمن يرفض ذلك " وأما بنعمة ربك فحدث" هي آية آمرة في سورة الضحى بل بها "فاء الإسراع" فلا تخضع لفهم الآخرين.
علموا أولادكم كيف يُعبروا عن أنفسهم .. فكما تُشبعوهم كل يوم حديثاً عما ينقصهم حدثوهم عما يملكوا ، بل ودعوهم يتحدثون هم عنه.
ولمن يربي أطفالاً قبل سن المراهقة .. أصنع كل عام لإبن أخي "زياد" ورقة مطولة حول ما تطور فيه هذا العام ونشترك فيها كعائلة بأكملنا لنقول له أن هذا "نضج" فيه وهذا أصبح أفضل ، وهذا ظهر أحسن ، ثم نقول له باقي كذا وكذا، ثم في العام التالي نكتب كيف تطور هذا الكذا والكذا ، حتى أنه يسألني مع نهاية كل عام ، يا ترى إيه إتحسن فيا وإيه كبر .. أنا مستني .
الحقيقة أن هذه الخطوة ليس مقصوداً منها فقط أن "يعي" هذه الخصائص ولكن أن يعيشها، فحينما نقول له " أصبحت أكثر إلتزاماً بوعودك" فإن ذلك يحركه إلى ذلك فعلاً ، خاصةً أننا نضع تلك الورقة الكبيرة على مدخل حجرته، بالطبع كان لدي أمنية أن أصورها وأرفقها بالمقال لكن ربما أجد صعوبة في ذلك لقصور قدراتي الإنترنتية، وأميتي في فنون العالم الإفتراضي
المفضلات