النهم المفرط للطعام عارض مرضي قد يؤدي إلى الانتحار


الرياض: زكية البلوشي

ذكرت الاختصاصية النفسية رندا عاصم أن شهية الإنسان للطعام وتناوله تتأثر بتغير الأوقات، وتوالي الليل والنهار وتعاقب الفصول، فما نرغب في تناوله صباحاً يختلف عن الذي نشتهيه عند الظهر، والأمر ينطبق كذلك على اختلاف أطعمة الصيف والشتاء، كما أنها ترتبط بسلسلة من الأنظمة تبدأ من الخلية، وتنتهي بمنطقة أخرى في الدماغ تسمى (قرين أمون) والتي تعرف بأهميتها القصوى في تعلم الإنسان.
فقدان التوازن
وأضافت رندا أن هذا التنظيم يرتبط أيضاً بالتغيرات البيئية، وبما تجود به الطبيعة من أصناف الطعام المختلفة، إلا أن استعدادات الأشخاص تختلف باختلاف الشخصية والبنية النفسية، وما يطرأ عليهما من تقلبات، وقد يصل الأمر إلى حد فقدان التوازن الكامل إزاء التهام الطعام، ليصبح الفرد إما نهماً بإفراط، وإما أن يعاف الطعام، ولا يستسيغه إلا بشق الأنفس.
وأشارت إلى أن النهم المفرط للطعام يرتبط بعارض مرضي آخر هو الاستفراغ، ويكون ذلك بملء المعدة بسرعة قياسية، حيث تصبح المشكلة على هيئة متلازمة مرضية طرفاها الشبع الشديد والاستفراغ العنيف، وشخصت هذه الحالة بأنها إصابة نفسية قبل أي شيء، ويكون لها جذور عميقة في نفسية مضطربة تجمد نشاطها الداخلي بفعل هواجس مكبوتة، وتسمى هذه الحالة (ذهان الاكتمال)، وأضافت أن هذه الحالة يصاحبها رغبة ملحة في التهام أكبر قدر من الطعام والوصول بالجسم إلى رشاقة مثالية في ذات الوقت.
اضطراب الأحاسيس الداخلية
وتؤكد الاختصاصية النفسية على أن المصاب بهذه الحالة تضطرب أحاسيسه الداخلية بين هذين التيارين المتباينين, ليصبح الاستفراغ صفة ملازمة يعاني معها المريض الآلام الجسدية والنفسية، وما قد يدفع إلى الانتحار في الحالات القصوى من الإصابة، مما يفقد الشخص المصاب احترامه لنفسه، لأنه غير قادر على منعها من التهام الطعام.
وقالت إن فقد الإنسان السيطرة على مثل هذه الرغبة المرضية من أسباب الضعف المتسلسل للقوة النفسية، ويؤدي إلى تبلد الأحاسيس، والشعور بعدم القدرة على التفكير المنهجي السليم، بالإضافة إلى ما يسببه الاستفراغ المستمر من آثار سلبية على عموم الجهاز الهضمي وعضلات الصدر والحجاب الحاجز، وللهروب من هذه الحالة فإن بعض المصابين يعمدون إلى الانغماس بشدة في الألعاب الرياضية أو في أعمال أخرى تستهويهم لفترة، ثم لا يلبثون أن يجدوا أنفسهم غير قادرين على الاستمرار، ليتحولوا إلى عمل آخر، ويزداد فقدان السيطرة على النفس، وعدم الثقة بالنفس والرغبة في تقريع الذات.
استعادة الثقة
ونصحت رندا المريض الذي يصل إلى هذه الحالة بضرورة إقناعه بالذهاب إلى طبيب نفسي يستطيع أن يأخذ بيده لاستعادة ثقته بنفسه، لأن جميع العقاقير التي اعتادوا تناولها وجميع الاهتمامات التي درجوا على مزاولتها لا يمكنها تفريغ الشحنات النفسية الشديدة.
وترى الاختصاصية النفسية أن أسلم طرق السيطرة على الرغبة في التهام الطعام واستفراغه إعادة تنظيم نشاطات الحياة اليومية واعتياد الإيحاء النفسي والحوار الداخلي البناء وإعطاء النفس قدرة على طرد الأفكار السلبية، مضيفة أن الطبيب قد يضطر في حالة معينة لوصف مضادات الاكتئاب وإدخاله المستشفى للعلاج، فبعض المرضى قد يعانون من العودة إلى حالتهم الأولى بدافع اليأس، غير أن هذا لا يمنع مواصلة العلاج للوصول إلى حل سليم.