استراتيجية العصف الذهني المناخ الحر لدماغ وفكر الطلاب


قناعة المعلمين مهمة في نجاح تطبيق العصف الذهني داخل الفصول الدراسية


حديث في التربية

العصف الذهني من أجمل الاستراتيجيات التي تعتمد على خصوصية وجمال الفلسفة الخلاقة التي يقوم بناؤها على أن البشر هم أساس الفكر، وأن الجميع لديه شيء في المشاركة، وأن حلول المشاكل يجب أن تبدأ منا نحن أولاً، من أدمغتنا، وبذلك نستطيع حل أي مشكلة وبحجمها مهما اتسع أو ضاق، والمشاركة حق للجميع فيها دون استثناءات، وبالتالي لن تكون البشرية عقولاً أو طبولاً جوفاء، فالعصف الذهني هو تحدٍ كبير بين طرفين، العقل البشري والمشكلة، لإزالتها في وقت محدد بكل الأفكار أياً كانت، ثم بلورتها بعد ذلك للنتاج الأفضل حتماً.
والعصف الذهني هو توليد وإنتاج أكبر كمية من الأفكار لحل مشكلة ما، أو مناقشة موضوع مطروح بطرق وأسس معينة تقوم عليها..، وهو أسلوب للتفكير الجماعي أو الفردي في حل كثير من المشكلات العلمية والحياتية المختلفة، ومن مسميات العصف الذهني الزوابع الدماغية، التنشيط الفكري، التفتق الذهني، استمطار الأفكار.
وكما نجد له عدة أسماء، فله عدد كبير من الأنواع والأساليب للعصف الذهني، والتي تدرس في أمريكا في التعليم العام والعالي، وتدار فيها الشركات الكبرى بأكثر من عشرين إلى خمسة وثلاثين أسلوباً، وتزيد عن ذلك في اليابان وألمانيا.
ومن مهام العصف الذهني في العصر الحديث والتربية الحديثة أن تقوم المدارس على تطبيقه، وتجعله أداةّ عصرية يستخدمها الطالب لتساعده في بناء شخصيته وحياته العلمية أو العملية، وهذه الإستراتيجية لطلابنا تكمن أهميتها في الخروج من نمطية التفكير المدرسي إن كان من قبل المعلم أو المقرر الدراسي، أو الطالب ليساعده على الإقلال من الخمول الفكري للطلاب، وبمشاركة الجميع، وتشجيعهم جميعاً لإيجاد أفكار جديدة بتنافس فكري دون الخوف من معلم، أو من مشاركة أو فشل إجابة، لتزيل الحواجز لدى بعض الطلاب كالخجل والخوف، وبالتالي زيادة إنتاج التفكير الابتكاري لدى طلابنا، وما أحوجهم إلى ذلك فعلاً، ولنحقق أكثر هدف تعليمي حديث في التربية، وهو أن ننطلق من الطالب، بل نتعداه لنجعل استخدام القدرات العقلية العليا (التحليل ـ التركيب ـ التقويم)، وهي المهارات العليا في تحقيق الأهداف المعرفية من تصنيف بلوم (عالم تربوي أمريكي 1913-1999) التي لم يستطع الكثير تطبيقها أو الوصول لها كأهداف معرفية في التدريس!.
ومن المهم أن نتطرق لكيفية وضع جلسة العصف الذهني التي يجب أن تكتمل بعدد من المراحل الدقيقة لنجاحها وتكون كالتالي:
أولاً : تحديد المشكلة وصياغتها (بكتابتها على السبورة) مثلاً، ويقوم بذلك المعلم بطرح المشكلة، وشرح أبعادها، وجمع بعض الحقائق حولها بغرض تقديم المشكلة للتلاميذ ثم صياغتها.
ثانياً: تقسيم الطلاب إلى مجموعات، وتعيين مقرر للجلسة ليدون الأفكار. ثالثاً: إيجاد أكبر قدر ممكن من الحلول أو الأفكار من قبل الطلاب وتدوينها على السبورة.
رابعاً: تقييم الأفكار التي تم التوصل إليها.
خامساً: وضع معايير تحدد اختيار الأفكار مثل الأفكار الإبداعية، المنطقية، والزمنية والمرتبطة بزمن، والتكلفة المادية.
سادساً: تذكير الطلاب الدائم بأن العصف الذهني عامل مهم، ويكون عن طريق رئيس الجلسة (المعلم) للمشاركين بقواعد العصف الذهني، وضرورة الالتزام بها، وأهمية تجنب النقد، وتقبل أية فكرة ومتابعتها، ويبدأ التقييم بواسطة جميع المشاركين، وبطريقة شورية أو انتخابية في جلسة العصف الذهني، واختيار الأفكار المفيدة المناسبة للتطبيق، وإيضاح أن هناك أفكارا مفيدة ولكنها غير قابلة للتطبيق.
وهناك قواعد أساسية لتطبيق العصف الذهني:
1- إرجاء النقد لأفكار الطلاب، واستبعاد أي نوع من الحكم أو النقد أو التقويم أثناء الجلسة العصف الذهني، وتقع مسؤولية ذلك على المعلم.
2- منح مساحات لحرية الفكرة مهما كان نوعها غريبة أو غير مألوفة أو مضحكة.
3- طرح أكبر عدد ممكن من الأفكار (الكم وليس الكيف)
4- إثارة حماس الطلاب في جلسات العصف الذهني، لإضافة عدد أكبر من الأفكار وبطريقة تنافسية محفزة.
5- التنبيه بالوقت الزمني بحيث يطلب من المشاركين البدء بأفكارهم لمدة زمنية معينة.
وتتعدى أهداف العصف الذهني إلى إثارة التفكير الإبداعي لدى المعلم والمتعلم في آن معاً، فالعصف الذهني عندما يجعل الحكم مؤجلاً للفكرة، وعدم انتقادها يجعل الطالب يسترسل بحرية كاملة، وهذا ما ينتج المناخ الإبداعي الأساسي عندما لا يوجد نقد أو تدخل، مما يخلق مناخاً حراً للدماغ المفكر وللفكر بصفة عامة، بالإضافة لكونه عملية بسيطة ومشوقة للطلاب بالاشتراك في الرأي والمزج بين الأفكار الغريبة والمضحكة وغير المألوفة.
وهناك بعض عوائق إجراءات وتطبيق هذه الاستراتيجية داخل الفصول الدراسية أثناء جلسة العصف الذهني التسليم بالافتراضات، والتقيد بنمط تفكيري أحادي الاتجاه والعبارات المحبطة المسموعة دائماً ليس في مجال التربية التعليم فقط، بل في كل الاتجاهات الاجتماعية مثل:
فكرة قديمة (جداً).
جربناها من قبل.
من يضمن تطبيقها بل نجاحها.
مازلنا نحتاج وقتاً.
لن يوافق المسؤول.
مرفأ
إن الأفكار البسيطة والسهلة مثل الفِراش الناعم، الذي يسهل النوم عليه ولكن تصعب مفارقته! (جوني بنش)
محمد المسعودي - متخصص في الاستراتيجيات التربوية الحديثة، واشنطن