البرمجة اللغوية العصبية .. المسامحة مفتاح للسعادة والتخلص من الذكريات المؤلمة


عند التأمل بجوهر الإنسان بدون رتوش سنجد بأنه مثالي، أو على الأقل قريب من المثالية كونه يحمل في داخله السعادة والبهجة والسلام الذي يعني التصالح الذاتي مع نفسه. لكن مع الأسف لا يتمكن العديد من الناس إدراك تلك الحقيقة عن جوهرهم، والسبب بهذا يعود لكونهم يبتعدون عن حاضرهم نحو ماضيهم الذي يجعلهم يشعرون بأنهم أسرى لذلك الماضي بتجاربه الأليمة، أو أنهم ينظرون بتلهف وشغف نحو مستقبلهم في محاولة بائسة لاكتشافه قبل حدوثه.


يعاني الكثيرون، بحسب موقع omtimes، من عدم قيامهم بالنظر إلى الحدث الذي يحصل لهم بنظرة واقعية ومجردة، بل يقومون بشكل إرادي أو لاإرادي بمقارنته بتجاربهم السابقة ويحكمون على الحدث بناء على تلك التجارب وليس على ما يحدث فعلا.
لذا فإنه يمكنك النظر لذكرياتك المخزونة في الدماغ؛ حيث تعد بمثابة المنظار الذي تشاهد حاضرك من خلاله. وهذا الأمر يجعلك، عندما تمر بذكرى مؤلمة في حياتك، تلجأ للهروب والتقوقع على نفسك في محاولة لعدم تكرار تلك التجربة بدون أن تدرك بأن ما تمر به حاليا هو الحاضر الذي لا يعني بأي حال من الأحوال بأنه مجرد إعادة لتجارب سابقة مررت بها.
تركيز المرء الشديد على ماضيه يمنحه الوهم الذي يحجب عنه رؤية حقيقة نفسه ويجعله يعتقد بأنه لا يستحق أن يشعر بالسعادة، بل يجب أن يعيش بآلام الماضي ومتاعبه الكثيرة.

من خلال ما سبق، يمكننا أن نفهم بأن الماضي ما هو إلا سجن يدخله المرء بإرادته الكاملة رغم الآلام التي يختبرها داخله والبهجة التي يحرم نفسه منها كونها خارج ذلك السجن. وهنا يبرز السؤال: ترى هل لهذا السجن باب يمكن للمرء أن يخرج من خلاله؟ من حسن الحظ، فإن الباب موجود ولا يحتاج سوى للمفتاح الذي يمكنه فتح الباب وتحرير المرء وهذا المفتاح ما هو إلا المسامحة. يمنح مفتاح المسامحة لمن يستخدمه نوعا من حب الذات البعيد عن الأنانية، الحب الذي يجعل المرء يدرك بأن ما حدث في السابق قد حدث وانتهى الأمر. لا يمكن تغيير ما حدث لكنك تستطيع تغيير حدة التأثير السلبي الذي شعرت به عند حدوث تلك التجارب المؤلمة أو المزعجة، بحيث لا تسمح لتلك الأحداث الماضية أن تسرق من حاضرك أيضا.

السبب الوحيد الذي يسمح للذكريات الأليمة من الماضي أن تسرق حاضرك هو أنك تقوم بتغذية تلك الذكريات من خلال تركيزك ومشاعرك التي تمنحها لها؛ فالذكريات ما هي إلا لقطات تمر في ذهنك بإرادتك، لذا حاول أن تسيطر على تلك الذكريات لا أن تدعها تسيطر عليك. ومن خلال التسامح مع النفس ومع الآخرين، فإنك تمنح نفسك فرصة إدراك الحاضر الذي تعيشه بدون تأثيرات سلبية من الماضي.

التسامح يعني أنك تغفر كل الآلام التي ارتكبت بحقك، الأمر الذي يمنحك القدرة على إدراك حقيقة أن تلك الآلام أصبحت من الماضي وأنك في كل يوم تقف أمام فرصة جديدة للحياة فاحرص كل الحرص على استغلالها بالشكل الصحيح. وتذكر أن التعلم من أخطاء الماضي ليس مرفوضا على الإطلاق، ولكن المرفوض هو أن يصبح الماضي هو المنفذ الوحيد الذي ننظر من خلاله إلى الحاضر، مما يمنعنا من الاستمتاع بحياتنا بالشكل الصحيح.