التعامل مع الناس - المهارة الأولى (الفهم و الإتصال)

يرتبط جزء مهم من عمل الإداري أو القائد بالتعامل مع الناس من حوله، التعامل مع الأنداد ومع الرؤساء ومع الأتباع وغيرهم.
لكن الكثيرين لا يولون هذا الأمر الاهتمام الذي يستحقه.
إن القيادة هي فن إدارة الناس وتوجيههم نحو الهدف.
وإدارة الناس مرتبطة بالتعامل معهم بأسلوب يقنعهم بالتعاون معك والسير خلفك نحو هدف واحد.
ويقول بيلفر شتاين في هذا المجال:
"يظن كثير من رجال الإدارة أن العلاقات الإنسانية فصل في كتاب تنظيم العمل، وهم مخطئون في هذا، فالعلاقات الإنسانية هي كل الكتاب".

يتطلب التعامل مع الناس مهارات مختلفة ومتعددة لا يستطيع المرء بدونها أن يطور نفسه أو يجمع الناس من حوله.
وقد وجدت الأبحاث العلمية الحديثة أن نجاح الإنسان في القيادة مرهون بقدرته على إتقان مهارات التعامل، وأن 85% من النجاح في القيادة يعزى إلى مهارات التعامل، وإن لم يكن من الضروري استعمالها جميعاً، فهي تستخدم حسب الموقف والشخص المقابل.
ومهارات التعامل مع الناس أربعة هي:
الفهم و الاتصال- التأثير - التحفيز - بناء العلاقات.
وسوف نستعرض هذه المهارات في سلسلة من الحلقات. ونبدأ اليوم بالمهارة الأولى.
مهارة الفهم والاتصال
لتحقيق الفهم والاتصال علينا
أولا:
أن نستمع لما يقوله الناس.

ونقصد هنا الاستماع والإصغاء الحقيقي الذي يصاحبه التفكير والتدبير فيما يقوله المتحدث.
فعدم الاستماع قد يكلف الإنسان كثيراً بل وقد يودي بحياته.

فأحد أسباب تحطم المكوك الفضائي تشالنجر كان عدم القدرة على الاستماع.

وقد ورد في الأثر نصيحة عبد الله لأبيه طاهر بن الحسين "أكثر من الإذن للناس عليك، وأبرز لهم وجهك، وسكن لهم حواسك".
ثانيا: أن تحس بمشاعر الناس وما يعتمل في قلوبهم.
إن القائد في حاجة دائمة إلى تحديد المسافة النفسية الفاصلة بينه وبين الناس، وذلك بتحديد المشكلات التي يعاني منها الشخص والمحاولة الجادة لإيجاد الحل المناسب.
ونجد خير مثال على ذلك في الموقف التالي:
كان صحابي يحضر حلقة الرسول عليه الصلاة والسلام مع ابن له، وكان الرجل يحبه حباً شديداً، فمات الولد. وامتنع الرجل أن يحضر الحلقة حزناً على ابنه. ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنه وعزاه ثم قال له: يا فلان أيما كان أحب إليك؟ أن تمتع به عمرك، أو لا تأتي غداً إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟ قال: يا نبي الله بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي لهو أحب إلي. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: فذاك لك. رواه النسائي.
ثالثا:
كما أن على القائد ً أن يفهم النفسية الإنسانية. فالقائد الفعال هو الذي يملك القدرة على توقع ما يدور في النفوس، ومن ثم التعامل مع كل شخص حسب ما يناسبه. فهذا النبي عليه الصلاة والسلام يسمع بكاء الطفل فيقصر في الصلاة احتراماً لمشاعر الأم وباقي المصلين.