عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
في بحر الحياة .. أنت الربان والقائد .. والسفينة !
في بحر الحياة .. أنت الربان والقائد .. والسفينة !
هل يحتاج الأمر إلى كثير إثبات كي أؤكد لك أن جميع الناجحين في هذه الحياة
قد تحملوا مسؤلية حياتهم كاملة ،
ولم يقفوا لثانية واحدة كي يلوموا شخصا ما على الأشياء
السيئة التي علّمهم إياها ، أو الأبواب
الرحبة التي أغلقها دونهم ، أو العقبات المميتة التي ألقاها في طريقهم ..!؟
ما أسهل أن نقف لنشكوا جرم الآخرين في حقنا ،
ما أبسط أن ندلل على عظيم ما جنتيد آبائنا ، وكيف أنهم لم يعلمونا مبادئ
النجاح والطموح فضلا عن ممارساتهم التربوية الخاطئة في حقنا .
وما أيسر أن نلقي بجميع مشاكلنا وهمومنا على هذا أو ذاك .
متخففين من مسؤلية مواجهة الحياة وتحمل أعبائها .
لقد علمتني التجارب يا صديقي أن الحياة بحر مضطرب الأمواج ، وكل واحد
منا ربان على سفينة حياته ،يوجهها ذات اليمين وذات الشمال ، وأمر وصوله
إلى بر الأمان مرهون بمهاراته وقدراته بعد توفيق الله وفضله .
لكن معظمنا ـ للأسف ـ لديه شماعة من التبريرات الجاهزة ، فما أن يصاب
بكبوة أو مشكلة ، إلا ويعلقها على هذه الشماعة
ويتنصل من مسؤلية تحمل نتيجة أفعاله ! .
تربيتنا السيئة، مجتمعنا السلبي، التعليم الفاشل، الظروف الصعبة، تفشي الفساد .
هذه بعض الشماعات التي كثيرا ما نستخدمها وبشكل شبه دائم .
ودعني أصارحك بأنك إذا ما أحببت أن تقبل تحدي الحياة ، وتكون ندا لها
أن تتخلى وفورا عن كل التبريرات التي تعلق عليها مشاكلك وإخفاقاتك ،
وتقرر أن تتحمل نتيجة حياتك بكل ثقة وشجاعة .
هل سمعت عن معادلة النتائج الحياتية ؟ ، إنها تخبرك أن نتائج حياتك
هي حاصل جمع ما يحدث لك مضافا عليه استجابتك لما يحدث ، أو هي بمعنى آخر :
)موقف + رد فعل = نتيجة)
نجاحات الناجحين قد جرت في حدود هذه المعادلة ، وفشل الفاشلين
جرى وفق هذه المعادلة كذلك ..!
إنهم جميعا تعرضوا لمواقف أو أحداث ما ، ثم تصرف كل منهم
وفق ما يرى ويؤمن ، فافرز هذا السلوك
أو( رد الفعل ) النتيجة التي نشاهدها اليوم .
فالشخص الفاشل أو السلبي توقف عند (الموقف)
ثم أخذ في الشكوى والتبرير ، فالمدير
لا يفهم ، والوضع الاقتصادي متدهور ،كما أن التعليم
لم يؤهلنا بالشكل المناسب ،وفوق
هذا تربيتي متواضعة ، وبيئتي سيئة ، والدولة يتحكم فيها اللصوص .. وهكذا .
هذا بالرغم من أن هناك ناجحين كثر انطلقوا من نفس هذه الظروف ، ومن بين ثنايا
هذه البيئة ، وربما كان حالهم اشد وأقسى ممن يشتكي ويولول .
لكننا لو نظرنا للشخص الناجح الايجابي ، لوجدناه يعطي تركيزا أكبر
واهم لمساحة الاستجابة لرد الفعل .
فهو يرى أن ما حدث قد حدث ولا يمكن تغييره ، يقول لكحال المشكلات :
دعنا الآن ننظر فيما يجب علينا فعله
وكيف يمكننا استثمار هذا الحدث ـ مهما كان ـ في تحقيق
أعلى نتيجة أو أقل خسائر ممكنة .
قد يحتاج الأمر إلى أن يستشير شخص ما ، او يغير من تفكيره ، وقد يستلزم
الموقف أن يراجع بعض سلوكياته ، أو يعدل في رؤيته .
إنه يمتلك مرونة كبيرة، وعزيمة ماضية، وذهن مبرمج على إيجاد الحلول، بل وصناعتها .
سأكون صريح معك يا صديقي واقول أننا نستسهل الركون إلى الدائرة الأولى
)الموقف) لأنها اسهل من الناحية النظرية ،
فليس هناك أيسر من الشكوى ، ليس هناك أبسط من أن نسلط شعاع النقد
على الخارج، وندعي بأن الداخل كله خير ، ومشاكلنا فقط تأتينا
من الآخرين السيئين القاسيين ، وللإسف فإن معظم البشر مبدعون
في اختراع المبررات التي تبرئ ساحتهم من التقصير أو الفشل .
يزداد جنوح معظمنا إلى التبرير في وطننا العربي بشكل أكبر من سواه
نظرا لكثرة الظروف المحبطة ، وتعدد أشكال القهر والاحباط ،
مما أدى لنشوء ما اسماه المفكر د/عبدالكريم بكار
بـ )أدبيات الطريق المسدود( ! ،والتي تتمثل في الشكوى الدائبة
من كل شيء ، من خذلان الأصدقاء ، ومن تآمر الأعداء ، من ميراث الآباء
والأجداد ، ومن تصرفات الأبناء والأحفاد !! .
مما جعل بعضنا ليس فقط مبدع في التنصل من أفعاله ، وإنما متفوق
أيضا في إحباط وتثبيط من قرر التغيير والايجابية ،
وذلك بالتطوع بإخباره أن المجتمع لن يدعه ينجح ، ولن يؤمنوا
بما يقول ، وأن زمان الطيبين قد ولى بلا رجعة .
رسولنا عليه الصلاة والسلام يعلمنا أن إذا حدث ما لا نريده
أن ننطلق إلى الأمام بإيجابية ونتخلى عن عادة التحسر والتبرير
فيقول عليه الصلاة والسلام :
لاتقل : لو أنِّي فعلتُ كذا لكان كذا، ولكن قُل:
قدَّر الله وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان.
أختم معك يا صديقي هذه الفقرة بالتأكيد على أن النجاح ليس مرهونا بتحسن
وضع ما ، وأن الفشل لم تكتبه عليك إرادة عليا ، يقول الفيلسوف
والشاعر الهندي (محمد إقبال) :
المؤمن الضعيف هو الذي يحتجُّ بقضاء الله وقدره، أما المؤمن القوي
فهو يعتقد أنه قضاء الله الذي لا يُرد، وقدره الذي لا يُدفع .
ولقد سئل أحد قُوَّاد الفُرس أحد المسلمين يوما في سخرية: من أنتم؟
فقال له واثقا: نحن قدر الله، ابتلاكم الله بنا، فلو كنتم في سحابة لهبطتم إلينا أو لصعدنا إليكم. نحن قدر الله .
وسؤالى .. لماذا لا تكون أنت قدر الله الذى لا يرد .. وقضائه النافذ ..؟
لماذا ..؟
\
المفضلات