عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 29
عشر نصائح للحوار الناجح
من الملاحظ أن كثير من حواراتنا تذهب أدراج الرياح، ولا تؤتي أيًّا من ثمارها، فحديثنا تقريبًا مثل "حديث الطرشان" يبدأ وينتهي دون الوصول إلى نقاط تماس أو إلى أرضية مشتركة لأسباب كثيرة؛ منها سعي كل طرف للفوز في النهاية أو هكذا يريد أن يبدو؛ بغض النظر عن الحق والحقيقة؛ حيث يظن كل طرف أنه إذا اقتنع برأي مخالف فهو مهزومٌ قليل الحيلة، رغم أن الحكمة ضالة المؤمن كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام.
ولكي يكون الحوار مجديًا، وتكون النتيجة والثمرة المرجوَّة صالحةً، ولكي نؤثر في الآخرين؛ علينا أن نضع في اعتبارنا النقاط التالية:
أولاً: البناء على الأرضية المشتركة
لا بد لكل حوار ناجح أن يبدأ من أرضية مشتركة؛ بحيث نبدأ بالثوابت التي لا نختلف عليها، ومنها القيم الإنسانية الشاملة؛ التي لا يمكن أن تتعارض مع الفطرة السليمة ومع ثوابت كل الأديان ولا مع ما استقر عليه البشر في تعاملاتهم وقيمهم، والملاحظ أن هناك قدرًا كبيرًا من المساحة المشتركة بين كل البشر؛ فحق الإنسان في الحياة والحرية والعدل والديمقراطية هي أمور عالمية؛ يمكن البدء بها في أي حوار للوصول إلى بغيتك من الحوار.
ثانيًا: عدم الدخول في الأمور الخلافية بين الأديان
فالحوار العادي وغير المتخصص يجب ألا نركز فيه على نقاط الاختلاف بين الأديان، وليس معنى هذا طرح المعتقدات جانبًا، ولكن تحييد الطعن في العقائد، ولكن عندما يتطلَّب الأمر الدخول في أمر عقائدي فلا بد من طرح وجهة نظرك من الناحية الشرعية بأسلوب راقٍ وغير عدواني، وبدون التفريط في ثوابتك الدينية.
إن مسألة التكفير والاتهامات بالهرطقة والبعد عن الدين، رغم أنها قد تكون صحيحة، ربما تخرج بالحوار عن هدفه ويكون الهدف هو مجرد إحراز انتصار كلامي، ولكنه يخلف الكثير من الأحقاد والخلافات.
ثالثًا: إضفاء أكبر قدر من الموضوعية على الحوار
لا بد من تجنُّب الصراعات الشخصية (شخصنة الحوار) والهجوم على الأشخاص بعيدًا عن تناول وجهات نظرهم وآرائهم، كما يجب تجنُّب تجريح الآخرين؛ لأن ذلك يخرج بالحوار من الجانب الموضوعي إلى السياق الشخصي الذي لا يفضي لأي شيء في النهاية، كما يجب دائمًا تجنُّب تخوين الأشخاص والطعن بمرجعيتهم التي لا بد أن تختلف معنا، طالما أننا في حوار يشمل نقاط اختلاف بالضرورة.
رابعًا: الإيمان بأن للآخر الحق في الرأي المخالف
لا بد دائمًا أن نعيَ أن للآخر الحق في إبداء وجهة نظره وتبنِّيها، بل والسعي من أجل نشرها، ولا بد من أن نوقن بأنه لا بد من وجود آراء صحيحة أو على الأقل نقاط سليمة ومنطقية، ربما تغيب عنا ولا بد في الحوار بالإقرار بصحة بعض هذه الآراء، بل تبنِّي وجهة النظر السليمة وتعديل الآراء بناءً على هذه الأفكار الجديدة، ومن هنا ينشأ نوع آخر من الفهم والتقبل من الطرف الآخر؛ فيحاول هو الآخر الوصول والتفهم لوجهة نظرك.
خامسًا: مراعاة اللياقة في الحوار
لا بد خلال الحوار من مراعاة احترام مشاعر الآخرين وآراءهم، وعدم التقليل من شأنهم أو تسفيه آرائهم مهما اختلفنا معها، بل لا بد من إظهار أكبر قدر ممكن من التقدير لصاحب الرأي المخالف لكي لا يبدو الحوار مجرد صراع عضلات أو "خناقة"، كما يجب تجنُّب الصوت العالي في النقاش؛ فالصوت الهادي الرزين هو الذي يمكن أن يتخطَّى الأسوار ويصل بك في النهاية إلى احترام الآخرين لرأيك حتى ولو لم يقتنعوا به.
سادسًا: الصبر والتدرج
من الأمور التي لها غاية الأهمية مسألة الصبر والتدرُّج، فليس من المعقول تحويل وجهة نظر جميع الناس من خلال مقال واحد أو حوار واحد، بل لا بد من معرفة أن الطريق طويل وشاقّ، ويحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد.
سابعًا: سعة الصدر
لا بد من التحلي بسعة الصدر والتغاضي عن بعض الأخطاء التي ترد في الحوار، بل واستثمار ذلك لصالحك في الحوار.
ثامنًا: التركيز وعدم الخوض في معارك جانبية
لا بد من التركيز في موضوع الحوار وعدم الانجرار إلى نقاط ثانوية هامشية بعيدة عن لبِّ الموضوع وعدم التركيز على الأمثلة التي يضربها الآخرون، بل الإشارة إلى خطئها بإيجاز، كما يراعى عمق المعاني ودقة الألفاظ.
تاسعًا: اعتماد الأسلوب العلمي
محاولة البعد عن الخطاب الإنشائي العاطفي، رغم ضرورته أحيانًا، ولكن لا بد أن يكون الحوار موثقًا بالإحصائيات الرسمية والمعلومات القيمة التي لا يمكن دحضها أو القفز عليها.
عاشرًا: محاولة فهم طرف الحوار
التأثير في الطرف أو الأطراف التي تحاورها مسألة مهمة للغاية؛ فيجب النظر إلى النواحي النفسية والمكونات الثقافية والمرجعية التي ينتمي إليها الطرف الآخر، ومحاولة تمرير وجهات نظرك من خلال فهمك لهذه الشخصية؛ فالحوار مع السلفي مثلاً لا بد أن يعتمد الكتاب والسنة أساسًا للحوار، بينما الحوار مع الليبرالي يجب التركيز فيه على الحريات وحقوق الناس دون ليٍّ للحقائق وتغيير للمرجعية
المفضلات