في أحد أيام الجمعة المباركة صحوت مبكرا وذهبت لإحضار طعام الافطار الذي اعتدنا ان نجتمع عليه في كل يوم جمعة انا وعائلتي، فوجدت المتجر مغلقا، وقد كتب عليه عبارة (المحل مغلق للصيانة)، حولت مساري وفكري منشغل بهذه العبارة القصيرة، فهذا الكيان المادي الماثل هنا منذ سنوات يغلق بين فينة واخرى للصيانة ليتجدد من الداخل فيزهو ويحلو، ويجدد عطاءه للناس فيقبلون عليه بشهية أكبر، ونحن البشر نلهث ونركض عشرات السنوات وراء المادة دونما توقف ودونما مراجعة للنفس لصيانتها مما علق بها من غبار الأيام وضغوط العمل وأعباء الحياة.


ان الضغوط ظاهرة من طبيعة وجودنا الانساني فعلينا اذن أن نواجهها، فمواجهة الضغوط قرار شخصي وإرادة ذاتية داخلية للتعامل منغصات الحياة ومعيقاتها بأسلوب توافقي شجاع لا هروب فيه. ففي هذا العالم السريع التغير، نواجه يومياً مشكلات جديدة تتحدى قدراتنا وإمكاناتنا،ونسعى جاهدين لحلها، وأياً كانت هذه المشكلات بسيطة أو معقدة من حيث الشكل والحجم ودرجة الصعوبة والأهمية، والأساليب اللازمة لمواجهتها، فإنها تترك آثارها على نفوسنا وعقولنا وأجسادنا وتعاطينا الاجتماعي مع الناس من حولنا، مشكلات تقودنا إلى حيث نريد ولا نريد، فنئن تحت عجلتها وتسحقنا بدولابها الذي لا يتوقف لحظة، ولو كانت الحياة تسير بنفس الرتابة والروتين لما أضحى حل المشكلات ضرورة ملحة يلزم تعلمها والتدرب عليها لمواجهة متغيرات الحياة ومستجداتها.


ما أحوجني إلى اجازة قصيرة بضعة أيام للراحة والاستجمام، أراجع فيها نفسي وأقيم تجربة حياتي، أغلق هاتفي الجوال، واعتزل الأنترنت ،وأتأمل الوجود، وأتفكر في آيات الله وفي نعمائه، أتصالح مع نفسي ومع العالم من حولي فأعيد السكون أليها، فتزداد ألقا ومحبة وايجابية، وتتجدد طاقتي للعطاء وأقدامي على الحياة فينعكس ذلك على علاقتي مع زوجتي وابنائي وطلبتي وزملائي وكل الناس من حولي.


أيها الأصدقاء قررت أن لا انتظر حتى أنهي كل واجباتي، فالواجبات أكثر من الأوقات، وقررت أيضا أن لا أثقل يومي بهموم غدي فقد لا يجيئ غدي وبذا اكون قد أفسدت يومي.

أيها الأصدقاء أنا ذاهب في رحلة خاصة، سأنتزع من الزمن زمنا لأرى ذاتي وأعيش لحظات التأمل والصفاء فارجو ان لا يتصل بي أحد فانا مغلق للصيانة.