عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
حب الابن للعمل الصالح
كيف ننمي حب الأعمال الصالحة لدى أبنائنا ؟
منال السمّاك
هذا صدق و ذاك كذب .. هذه أمانة و تلك خيانة .. عدالة و احترام .. حلال و حرام .. مفاهيم و تعابير خلقية و دينية مجردة غير واضحة المعالم بالنسبة للأطفال ، و لكنها تتشكل عبر التنشئة الاجتماعية التي تهدف إلى ترسيخ قواعد احترام الأنظمة الاجتماعية و السلوك المقبول من خلال احترام الآخرين و نبذ السلوكيات الخاطئة اجتماعياً و دينياً لتكوين جيل متسلح بقيم الخير التي تقود للأعمال الصالحة و تقوية الضمير ليكون صمام أمان له في المستقبل ..
فمتى تتشكل القيم الخلقية و الدينية عند الطفل .. و في أي عمر ينمو الضمير ليستطيع التمييز بين الخير و الشر و يكون رادعاً داخلياً .. وكيف يتم ذلك ؟
الثواب و العقاب
عن النمو الخلقي و الديني تتحدث الباحثة النفسية ثناء سليمان في كتابها “ أطفالنا كيف نتعامل معهم «حيث تشير إلى أن القيم تتشكل منذ الصغر ، فالآباء يعاقبون الأبناء على أفعال معينة و يكافئونهم على أفعال أخرى ، واضعين لسلوكهم معايير تقترن بثواب و عقاب ، و بتكرار العقاب على أفعال معينة تصبح هذه الأفعال مثيرة للقلق ، و بتكرار الإثابة على أفعال أخرى تصبح مبعثاً للارتياح ، و باستمرار النمو و أثناء عملية التنشئة الاجتماعية تتحول القوى الرادعة الخارجية “ الوالدان و الدين» إلى قوى رادعة داخلية و تصبح جزءاً من التركيب النفسي للفرد .
و تشير الباحثة إلى أن الضمير كقيمة أخلاقية يضبط سلوك الفرد، و هو لا يتشكل تشكيلاً سليماً إلا إذا كان هناك ثبات في توقيع العقاب أو الإثابة ، فإذا كان الأب يعاقب الطفل على سلوك معين في حين تكافئه الأم على نفس السلوك ، أو الأب يعاقب الطفل على سلوك في حين لا يعاقبه عليه في وقت آخر ، فمن شأن ذلك أن يعيق ذلك أن يعيق عملية نمو الضمير المتكامل إذ تختل معايير الصواب و الخطأ في ذهن الطفل ، و بنمو الضمير يحس الفرد بالخير و الشر و الحلال و الحرام و الحسن و القبح ، فالضمير نداء داخلي يحض على فعل الخير و الابتعاد عن الشر ، و الضمير الحي القوي يحث التلميذ على أن لا يغش في الامتحان حتى لو أتيحت له الفرصة لذلك .
تنشئة اجتماعية
و عن اكتساب الطفل القيم و الاتجاهات كالميل إلى مساعدة الآخرين فيمكن أن يحصل نتيجة لتأثيرات الوالدين أو عوامل البيت الأخرى و قد تحدث بتأثر من الأصدقاء و المدرسة ، حيث يشير علماء النفس أن بعض التعابير و المصطلحات المعنوية المجردة كالعطف و العدالة و الإحسان و التي تشير إلى صفات خلقية ليست مما يعيها الأطفال بسهولة ، بل يشق عليهم فهمها قبل بلوغهم الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من عمرهم ، و بين ( 9 - 12 ) سنة يزداد احتكاك الطفل بجماعات الكبار ، و يكتسب معاييرهم و اتجاهاتهم و قيمهم و تتطور عملية التنشئة الاجتماعية فيعرف المزيد من المعايير و القيم و الضمير و معاني الصواب و الخطأ ، و يهتم بالتقييم الأخلاقي للسلوك .
و يشير بياجيه إلى أن للصغار مفهوماً بدائياً عن السلوك الأخلاقي ، حيث أنهم يجعلون العقوبة موازية للأثر السيئ ، و ذلك خلافاً للأطفال الكبار الذين يتصف مفهومهم الخلقي بضرب من الموازنة العقلانية فيحكمون على الجرم في إطار تعمده و تلقائيته ، ففي بداية هذه المرحلة تتجلى تصورات عن الخطأ و الصواب ، و هذه المرحلة تتميز بالإدراك التقليدي الخالص للإساءة الخلقية ، غير أن نظرته ليست بالنظرة الانتقادية التمحيصية ، أما بالنسبة للمفاهيم الدينية ، فلا يدرك الطفل في طفولته المبكرة المفاهيم و المعتقدات الدينية ، و ذلك لأن نضج الطفل العقلي في هذه المرحلة لم يصل إلى المستوى الذي يدرك فيه الجوانب المعنوية .
من مسؤولية الأسرة
و تلفت الباحثة الى أن في مرحلة الطفولة المتأخرة يتطور نمو الطفل الديني ، فيناقش الطفل والديه و معلميه في الأمور الدينية ، و خلال مرحلة الطفولة الوسطى يكثر الطفل الأسئلة حول موضوعات الموت و الولادة ، و يقتنع بما يقال له من إجابات و يبدأ في مناقشة هذه الموضوعات في طفولته المتأخرة ، أما الأطفال الذين تتميز تربيتهم بالقيم الدينية تتسم سلوكياتهم بسمات مثل الأمانة و التسامح و الوفاء و الطاعة و الإخلاص ، و الأسرة هي المسؤولة عن بث روح المسؤولية و احترام القيم و تعويد الأبناء على احترام الأنظمة الاجتماعية و معايير السلوك ، فضلاً عن المحافظة على حقوق الآخرين و نبذ السلوكيات الخاطئة لدى الأبناء مثل التعصب و ظواهر أخرى تعد محرمة دينياً ، و على الوالدين أن يضعوا للأطفال برنامجاً يوضحون لهم المحبوب و المذموم من الأعمال ، و يكون المدح أو التأنيب منصباً على العمل المرتكب ، لكي نزرع في قلوبهم حب الأعمال الصالحة و بغض الأعمال غير الصالحة ، و أن نعمل على تقوية الضمير في نفس الطفل في هذه المرحلة حتى يكون صماماً له في المستقبل ، فنزرع في قلبه الخوف من ارتكاب العمل غير الصالح و الشوق للعمل الصالح بدلاً من الخوف من العقوبة أو الشوق إلى المدح و الإطراء ، و على الوالدين أن يجعلوا المدح أو التأنيب خالصاً من أجل التربية ، و ألا يعكسوا أوضاعهم النفسية في التربية ، كمن يواجه مشكلة فيصب غضبه على طفله دون مبرر .
بالقدوة الحسنة
و تنصح سليمان بضرورة توفير القدوة الحسنة من قبل الوالدين و المربين ليرى الطفل نماذج سلوكية فعلية للعبادات و المعاملات في البيت و المجتمع ، و توجيه و مساعدة الطفل على اختيار الأصدقاء المتمتعين بالسلوكيات الحميدة ، و ضرورة التواصل بين البيت و المدرسة لتعزيز المسار الإيجابي للطفل وفق الأساليب التربوية المناسبة ، و الصبر و عدم اليأس في غرس القيم النبيلة في الطفل
المفضلات