مهـــــــــر النجـــــــــاح


حين أتأمل في هذه الأرض التي نمشي عليها , فإني لأعجب أشد العجب حين أفكر في كم حملت على ظهرها من أشخاص !! وكم حوت في بطنها من أمم !!



وحين أمعن في التفكير , فإني أذهل أشد الذهول من تنوع الحياة فيها ... فكم من شخص عاش عليها عزيزاً كريماً!! وكم من آخرين كانت حياتهم ما بين مذلة وهوان !!




وأتساءل عن أناس كانت حياتهم عبارة عن رحلة طويلة , ممتعة ومتعبة , في سبيل البحث عما يطمحون ... وآخرين تعبوا من طول الطريق فتراجعوا ... وثلة ثالثة لم يكن لهم ما يركضون لأجله أصلاً ...




وتستمر التساؤلات تترى ... لماذا بعض البشر جعلوا لهم في حياتهم بصمة ؟؟ و آخرين عاشوا وماتوا ولم يدر بهم أحد ؟؟



هذه التساؤلات بحق , تستحق منا أن نعمل عقولنا في التفكير بها , وأن نبحث عن إجاباتها ...


لا شك أن التنوع بين البشر , واختلاف المراتب والدرجات بينهم , من سنن الله , وجماليات الحياة , لكن لكل سبب مسبب وأنا هنا أبحث عن المسبب !!




ولقد وجدت الإجابة عن تساؤلاتي , عند عنترة بن شداد ...
قال رجل لعنترة : ما السر في شجاعتك حين تقابل الرجال ؟
فقال عنترة : ضع إصبعك في فمي وخذ إصبعي في فمك . وعض كل واحد منهم الآخر ، فصاح الرجل من الألم ولم يصبر ، فأخرج له عنترة إصبعه . وقال : بهذا غلبت الأبطال ... أي بالصبر والاحتمال .





نعم إنه الصبر , طعمه مر ومذاقه علقم ... لكن عواقبه أحلى من العسل .
قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : (( بالصبر ,أدركنا حسن العيش)) .




الصبر ... لم يستطع تحمله إلا عظماء الرجال , أصحاب الهمم العالية , والنفوس العظيمة , والصبر هو مهر النجاح ولا ريب .كانت العرب تقول : (( من اتّبع الصبر , أتبعه النصر )) .



إذا كنت تريد أن تحقق ما ترنو إليه , فعليك به , فهو نعم الرفيق والصاحب في رحلتك الطويلة إلى النجاح ... إذا كنت صاحب همة ولم تكن صاحب صبر ... فاحذر .
وقد قلت في ما مضى :
(( إن أكثر إنسان يعاني في هذه الحياة , هو من يملك همةً ولا يملك صبراً)) .




ياصاحب الهمة ... ردد هذا البيت دائماً :
وكابدوا المجد حتى ملّ أكثرهم وعانق المجد من عانى ومن صبرا
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصــــبرا




قال وداعة السهمي : (( اصبر على الشر إن قدحك , فربما أجلى عما أفرحك , وتحت الرغوة اللبن الصريح )) .

قال الأحنف بن قيس : شكوت إلى عمي وجعاً في بطني فنهرني وقال : إذا وقع عليك بلاء , فلا تشكه أبداً
إلى مخلوق مثلك لا يقدر على دفع مثله عن نفسه , ولكن اُشكُ لمن ابتلاك به , فهوالقادر على أن يفرج عنك , يا ابن
أخي إحدى عيني هاتين ما أُبصرُ بها من أربعين سنة وما أخبرت امرأتي بذلك ولا أحداً من أهلي !!!



كم فرج بعد إياس قد أتى وكم سرور قد أتى بعد الأسى




في النهاية ... أسأل الباري أن يجعلنا ممن قيل فيهم :
(( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ))