التأكيدات الإيجابية


لقد من الله سبحانه وتعالى على الإنسان، وفضله على سائر المخلوقات بنعمة العقل. هذا العقل الذي من شأنه أن يساعده على أن يحيى حياة طيبة إن هو أحسن استخدامه والتعامل معه. وتقتضي الفطرة السليمة ان ينشد الإنسان كل ما يسعده، لذا، نجد أن السعادة والنجاح هما ضالتا معظم البشر، إن لم يكونوا جميعهم. لكن رغم أن السواد الأعظم من الناس ينشد السعادة والنجاح ويسعى إليهما، إلا أن الندر اليسير هم من يحققون هاتين الغايتين، فلماذا ياترى؟ توجد أسباب عديدة لهذا، منها الكسل والتسويف وعدم توفر المهارة اللازمة. إلا أن من أبرز ما يميز السعداء الناجحين عن غيرهم هو ما يحملونه من أفكار إيجابية، مفعمة بالثقة والتفاؤل والحماس، تساعدهم على تحقيق ما يصبون إليه من أهداف، وتمنحهم السعادة والنجاح الذين ينشدون. فكيف يمكن لمن يسعى لبلوغ السعادة والنجاح أن يحمل أفكارا إيجابية كشان الناجحين السعداء؟ يمكن تحقيق هذا من خلال التأكيدات اللإيجابية.


ما هي التأكيدات الإيجابية؟

يعرف الدكتوروليد عبدالله الرومي التأكيدات الإيجابية بأنها "عبارة عن جمل تصبح من خلال التكرار مترسخة في العقل الباطن.. وتؤثر على القوى الخارجية لتظهر تغيراً في حياتك، إنها أداة قوية تسمح لك بتغيير المعتقدات السلبية إلى معتقدات أكثر إيجابية، وهي جمل إيجابية تستخدم لتشكيل أفكارك من أجل تحقيق أحلامك. " ويشبه الدكتور عبد الله الرومي التأكيدات بالبذور التي نزرعها في عقولنا، ونتعهدها بالرعاية لتؤتي أزهارها وثمارها الطيبة.


ما أهمية التأكيدات الإيجابية؟


يقول دايل كارنجي في كتابه الشهير دع القلق وابدأ الحياة:" حياتك من صنع أفكارك". وهذا يدل على أن ما نحمله من أفكار له كبير الأثر على نوعية الحياة التي نعيشها، فالأفكار الإيجابية تؤدي إلى حياة إيجابية، والعكس صحيح، وهذا يصب في نفس اتجاه الحديث القدسي"أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" وبالتالي، فالتغيير يبدأ بتغيير داخلي، مصداقا لقوله تعالى"لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". فكيفما كانت نوعية الأهداف التي ننشد تحقيقها، سواء كانت تخص الجانب الروحي أو النفسي أو العقلي أو الجسدي أو الاجتماعي أو المادي، فإن للتأكيدات دور فعال في مساعدتنا على تحقيقها، فكلما اعتقدنا بإمكانية تحقيق هذه الأهداف، كلما زادت حظوظنا لبلوغها.

كيف تعمل التأكيدات الإيجابية؟

من المعلوم أن العقل ينقسم إلى عقل واع، وعقل لا واع. ومن أدوار العقل الواعي أنه يبرمج العقل اللاواعي عن طريق التأكيدات. وهذه البرمجة تتم باستمرار وبطريقة لا شعورية في معظم الأحيان. فعندما يقول شخص ما باقتناع أنه لا يستطيع تعلم السباحة مثلا، فإنه يقوم ببرمجة عقله اللاواعي، الذي سيجعل تعلم السباحة أمرا في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا بالنسبة لهذا الشخص. والتأكيدات الإيجابية نافعة في حالتين اثنتين. أولهما أن تكون لدى الشخص قدرات أو سلوك أو هوية لكن برمجته السلبية تمنعه من معايشتها. وثانيهما ألا تكون هذه العناصر موجودة، لكن البرمجة السلبية تحول دون تعلمها. وهذا يعني أن التأكيدات الإيجابية تعمل فقط في حدود ما هو ممكن، ولا يمكن اعتبارها أداة سحرية تحقق المعجزات. لكنها في الواقع أداة في غاية الفعالية إذا تم استخدامها كما ينبغي. أي أن يختار من التأكيدات ما من شأنه أن يساعد علىإحداث تغييرإيجابي، وأن يستبدل التأكيدات السلبية بأخرى إيجابية.

الشروط اللازمة لتحقق التأكيدات الإيجابية التغيير المطلوب

لتحقق التأكيدات الإيجابية الغاية منها، وهي إحداث تغيير إيجابي يقربنا من تحقيق أهدافنا في بلوغ السعادة والنجاح، يجب أن تتوفر فيها الشروط التالية:

1- استخدم دائماً صيغة الفعل المضارع.
2- استخدم الجمل الإيجابية.
3- اجعل التأكيدات قصيرة ومحددة.
4- التكرار قدر الإمكان.
5- اجعل التأكيدات شخصية.
6- تخيل ما تقوله لنفسك وكأنه قد حصل بالفعل.

ويضيف الخبراء أمثال برايان تريسي والدكتور إبراهيم الفقي أنه يجب مرافقة التأكيدات بشعور قوي، وكأن محتوى التأكيدات قد تحقق بالفعل., ويورد الدكتور وليد عبد الله الرومي "إن التخيل الإبداعي الخلاق يعتبر جزءً مكملاً للتأكيدات الإيجابية، لأن التخيل الإبداعي هو طريقة لتشكيل الصور وتجسيدك على أنك قد حققت النتيجة المنشودة في حياتك". فبتخيلنا أن ما نطمح إليه قد تحقق، سيتولد الشعورالقوي الذي يعد من أقوى المؤثرات التي تبرمج العقل اللاواعي. ويضيف الدكتور الرومي أنه ينبغي تكرار التأكيدات الإيجابية كل يوم لمدة 21 يوما لنشعر بتغيير ملموس. كما يشير توم هوبكينس إلى أن تكرار التأكيدات الإيجابية عند الاستيقاظ وقبل النوم مباشرة، بالإضافة إلى التكرار وسط النهار له بالغ الأثر في تحقيق التغيير المنشود.