المثابرة و الوصول إلى النجاح
"لا يمكن لأي شيء في هذا العالم أن يحل محل المثابرة. فلا يمكن للموهبة أن تحل محلها، فما أكثر الفاشلين الذين يمتلكون موهبة. والنبوغ أيضًا لا يمكنه أن يحل محل المثابرة، فما أكثر النابغين الذين لم ينالوا حقهم. ولا يمكن للتعليم أيضًا أن يحل محلها، فالعالم ملئ بالمتعلمين المنبوذين من المجتمع. إن الإصرار والمثابرة وحدهما لهما قدرة غير محدودة. فشعار: "استمر في عملك بإصرار" كان وسيظل دائمًا الحل الأمثل لمشاكل الجنس البشري".
"كالفين كوليدج"
إن المثابرة سر من أسرار النجاح يعرفه الناجحون في حياتهم جيدًا، إذ إنهم يدركون أنه العامل الرئيسي للفوز بأي شيء. أما الفاشلون فإنهم يرون المثابرة شيئًا اختياريًا.
إن معظم الناس يستسلمون في أول الطريق، وهذا شائع جدًا ونراه حولنا كثيرًا. فالشخص العادي، الذي لا يحمل بداخله إصرارًا، عندما يذهب ليتعلم العزف على آلة موسيقية، يستسلم بعد فترة قليلة. وما أكثر هؤلاء الذين نعرفهم وقرروا أن يتعلموا العزف على البيانو أو الجيتار ويحاولون لفترة، وعندما يشعرون بأن تقدمهم بطئ، يتركون ما بدأوا فيه ليبحثوا عن شيء آخر أسهل.
إن الشخص العادي الذي يذهب إلى فصول تعلم الرسم بالزيت، يستسلم. والشخص العادي الذي يبدأ في بيع وثائق تأمين على الحياة، سرعان أيضًا ما يستسلم (في الواقع إن نحو ثمانية وتسعين شخصًا من بين كل مائة شخص يستسلمون من بداية الطريق!) ولذلك فإن معظم من يحاولون خوض محاولات لبيع أي شيء يستسلمون.
لقد نجح "أديسون" في اختراع آلاف الأشياء منها المصباح الكهربي، والفوتوغراف، والتلغراف. لعل من السهل جدًا أن نحسده على نبوغه وبقريته الإبداعية، بينما نغفل إصراره الشديد والتزامه غير العادي بعمله.
لقد قال "أديسون": "إن الإلهام يمثل واحدًا بالمائة فقط من النبوغ، أما التسع وتسعون الباقية فهي كد وعرق... إن نجاحي واختراعاتي لم تكن وليدة المصادفة، بل كانت نتاج كد وعمل شاق".
وذات مرة علق "مايكل أنجلو"، أحد أشهر الرسامين والنحاتين الذين عرفهم العالم قائلاً: "لو عرفت الناس كم ما بذلته من جهد وعمل لكي أصبح بارعًا وأتمكن من فني هذا، لما بدا الأمر رائعًا على الإطلاق".
إن التاريخ يزخر بالكثير والكثير من الأمثلة على الإصرار والمثابرة. "كولونيل ساندرز" مثلاً، صاحب أشهر وصفة في عمل الدجاج، كان يبيع وصفته هذه- والتي لم تكن مشهورة حينها- متجولاً بين ألف وتسعمائة مطعم ومنفذ لبيع الأطعمة إلى أن حقق بعض الشهرة. ولعل أكبر دليل على نجاحه الذي حققه في النهاية سلسلة مطاعم "كنتاكي" المنتشرة حول العالم.
فلنسترجع للحظة تلك الأوقات التي رأيت فيها أشخاصًا ينسحبون مما يقومون به على أرض الواقع- في ملعب التنس، أو في إحدى ألعاب الورق، أو في عمل خاص، أو حتى على مستوى علاقاتهم الشخصية، في الغالب لن يكون ممتعًا على الإطلاق بالنسبة لك أن تراهم ينسحبون هكذا.
بالطبع، قد يأتي الوقت الذي يكون فيه الانسحاب تصرفًا ذكيًا، ولكن ذلك يكون فقط عندما تكون السفينة التي أنت على متنها على وشك الغرق مثلاً، فحينها لن يلومك أحد على انسحابك هذا. ولكن يجب ألا تخلط بين العناد والإصرار، فهناك فرق كبير بينهما. فإذا كنت مثلاً تكره وظيفتك، أو تكره المكان الذي تعيش فيه، أو أتتك فرصة لكي تصبح في مكان آخر أفضل، فإن الانسحاب أحيانًا يكون الحل الأمثل.

ولكن المشكلة هي أن الانسحاب أصبح عادة بالنسبة لكثيرين- لدرجة أنهم أصبحوا "يصرون" عليه.

الخلاصة
إن الإصرار والمثابرة هما العاملان الأساسيان وراء أي عمل متميز وفريد. إنهما مفتاح اللغز.