المبادرة و تحقيق الأهداف
قانون المبادرة

كتب "باكمينستر فولر" الذي يعد أحد أهم مبدعي القرن العشرين، عن "قانون المبادرة" كجزء من عملية تحديد الأهداف.
"إن مبدأ "المبادرة" هو المبدأ الذي يضمن لنا دائمًا أن نجني العديد من الأشياء إلى جانب الهدف الفعلي الذي نسعى لتحقيقه. ففي واقع الأمر إن أهم شيء ليس مجرد تحقيق هذ العدف، وإنما مال نتعلمه من خلال سعينا لتحقيقه، وإلى أي مدى ستؤثر هذه التجربة على نضوج شخصيتنا".
فربما يقول "فريد": "لقد أمضيت ست سنوات من عمري في الجامعة لمجرد الحصول في النهاية على هذه الورقة التي يسمونها الشهادة". إن ما فشل "فريد" في إدراكه هو أنه قد جنى الكثير غير الشهادة، فقد تعرف على أناس كثيرين، وعرف الكثير عن نفسه وعن قدراته، واكتسب الكثير من الخبرات التي لم تكن لتتسنى له في أي مكان آخر.
فليست هذه الورقة، كما يدعوها "فريد" هي الأهم في تجربته هذه، ولكن الأهم هو ما استفاده من خلال هذه التجربة التي قام بها.
إذا قررت مثلاً أن تقوم برحلة حول أوروبا، أو تشتري سيارة رياضية ماركة "فيراري"، أو تبدأ مشروعًا خاصًا بك، فليس المهم في ذلك هو الرحلة، أو السيارة، أو المشروع، ولكن ما يهم هو أن تعرف أي نوع من الأشخاص ينبغي أن تكون من أجل أن تحقق بغيتك هذه.
إنك في سعيك لتحقيق أهدافك تكتسب أشياء عديدة، فربما تكتسب شجاعة وعزمًا أكبر، أو تعزز قدرتك على الإقناع، او تتعلم كيف تنظم نفسك وأفكارك، أو تنمي قدرتك على الاحتمال، أو تتعلم كيف تتحكم في نفسك، أو تزيد من ثقتك بنفسك، أو تقابل شريك حياتك، أو ربما تتعلم كيف تجري معاملات مالية!
إن ما "ستحصل" عليه خلال سعيك لتحقيق الهدف لا يهم كثيرًا، ولكن ما يهم حقًا هو: "ماذا ستصبح؟".
عندما تخطط لتحقيق هدف ما، يجب أن تتذكر دائمًا طبيعة هذه الدنيا. فلا شيء يسير في خط مستقيم، وبما لن تجد كل الطرق ممهدة لك ومفروشة بالزهور أثناء سعيك لتحقيق هدفك.
فإذا أخذنا الطبيعة نموذجًا لنا، فسنجد أن المد في البحار مثلاً لكي يصل إلى الشاطئ يتقدم خطوة، ثم يرجع هذه الخطوة مرة ثانية، ولكنه بالتدريج ينجح في الوصول إلى الشاطئ.

ولكن للأسف هناك من يظنون أن تقدمهم الشخصي يجب أن يتحدى كل قوانين الطبيعة، فلا يعترفون بمثل هذه المعوقات. فعندما تقرر "ماري" مثلاً أن تبدأ برنامجًا لإنقاص وزنها وتجد أن تقدمها لا يسير على نحو ثابت، نجدها تقرر أن إنقاص وزنها أمر صعب أو مستحيل بالنسبة لها، فتعدل عن الفكرة وتمضي ما تبقى من عمرها وهي بدينة.
إن الأمر لا يحتاج إلى ذكاء خارق، أو موهبة، أو تفرد. فالأشخاص الناجحون ببساطة ملمون بالطريقة التي تسير بها الأمور ويدركون أيضًا أن تقدمهم يسير طبقًا لهذه القواعد التي تحكم الكون بأسره.
إنهم يدركون أننا لن نصل إلى أهدافنا بدون القيام بتصحيح مستمر لمسارنا. فنحن ننحرف عن الطريق، ثم نصحح مسارنا لنعود ثانية إلى الطريق السليم. فالسفن قد تعدل من مسارها، والصواريخ والقذائف أيضًا تعدل من مسارها. التعديل، ثم التعديل، ثم التعديل.