موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
الذكاء الإنفعالي
ماهو المقصود بالذكاء الانفعالي ؟ يُعرف البعض الذكاء الانفعالي بأنه الذكاء في تفعيل الوجدان ، ويعرفه آخرون بأنه " الانتباه إلى الانفعالات ومنطقتها " أو " الوعي بالمشاعر والوجدان . بينما يرى البعض أنه القدرة على المشاركة الوجدانية مع الآخرين . ويبدو أن تفحص الخبرات الانفعالية في حقيقة الأمر يتلخص في أن الوعي بالانفعالات والمشاعر هو حجر الزاوية في الذكاء الانفعالي ، ولكنه ليس العملية كلها ، فيجب أولاً أن نفهم معنى الوعي الذاتي وهو وعي المرء بانفعالاته الشخصية وحالته المزاجية كما تحدث ، وكذلك الوعي بأفكاره عنها ، حيث يعتمد الوعي بالمشاعر والانفعالات في حد ذاته على كفاءة انفعالية أساسية يقوم عليها غيرها من الكفاءات الشخصية مثل التحكم في الانفعال وضبط النفس ، ولذلك فإن العلاج النفسي يركز على الوعي بالذات ويعمل على تنميته فعلى أساسه يمكن تحسين الحالات المزاجية السلبية . وكذلك فإن تنظيم و إدارة الانفعالات تعد البعد الثاني من أبعاد الذكاء الانفعالي والتي تعني إدراك ومعرفة ما الذي يكون وراء هذه المشاعر وكيفية معالجة القلق والمخاوف والغضب والحزن ، وهذا ما يؤكد قول سقراط " أعرف نفسك " وكأن المعرفة هي مفتاح الشفاء ، فالشخص الذي لديه قدرة على الوعي بمشاعره وفهمها والوعي بأفكاره عنها تكون لديه قدرة على الانتباه إلى مشاعره وتفحصها وملاحظة أفكاره ومراقبتها كي يستطيع السيطرة على الانفعال . وبالتالي يسيطر على الأفعال . ثم يأتي بعد ذلك بعد الدافعية الشخصية بمعنى توجيه العواطف والانفعالات لخدمة الهدف والسيطرة على الانفعالات قبل أن تتحول إلى أفعال بمعنى : تأجيل الإشباع وكبح الاندفاعات ، ولذلك فإنه كلما استطاع الشخص أن يملك دفة انفعالاته كلما كان حكيماً يتحلى بالصبر والتفهم ، وهي خصائص إيمانية يستطيع من خلالها المرء أن يتولى أمر جماعته ويحقق النجاح في عمله وعلاقاته . أما أن يكون عبداً لأهوائه وانفعالاته فإنه يكون عرضة للاكتئاب وسرعة الغضب والاندفاعية ويلجأ إلى وسائل خارجية للسيطرة على انفعالاته واندفاعيته كتعاطي الخمور والمخدرات ، وامتلاك دفة الانفعالات لا يعني أن يكون المرء متحجراً غليظ القلب أو بارد العواطف ، ولكنه يعني أن المرء يستطيع أن يراقب انفعالاته السلبية ويحقق التوازن في ردود أفعاله الانفعالية . وهذا ما ينقلنا إلى البعد الرابع من أبعاد الذكاء الانفعالي وهو بعد المشاركة الوجدانية والتعاطف ، فالحساسية تجاه مشاعر الآخرين والاهتمام بهم وتفهمهم ووضعهم في الاعتبار وتقدير الاختلاف بين الناس في التعبير عن مشاعرهم تجاه الأشياء تسهم في عمل التوازن بين المشاعر السلبية والإيجابية وتخفف الغضب وعواقبه الضارة بالشخص وبالآخرين ، وعلى سبيل المثال إذا تضايق شخص ما من شحاذ فقد يعود ضيقه إلى معتقدات خاطئة حول أسلوب هذا الشحاذ ، فقد يظن أنه يدعي الفقر على الرغم من ثراءه ولكنه إذا تذكر قول الله "وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ " فلسوف يعيد تفكيره ويخفف غضبه وحنقه من الشحاذ ، ومن هنا قد يتعاطف معه ويضع نفسه مكانه وهنا يمكن أن ننتقل إلى البعد الخامس من أبعاد الذكاء الانفعالي وهو فن معالجة العلاقات الشخصية المتبادلة ويعني هنا قدرة الشخص على تنظيم وإدارة انفعالاته في التعامل مع الآخرين وتحقيق النسيج الاجتماعي السليم الذي يحقق الصحة النفسية ويدفع إلى التعاون والعمل المنتج الفعال . ولهذا فإن الذكاء الانفعالي يجمع بين القدرة الذاتية على الوعي بالانفعالات وإدارتها وتنظيمها واستثمارها في فهم مشاعر الآخرين وتفهمهم ومشاركتهم وجدانياً وتحقيق النجاح في الاتصال بالآخرين حتى تتحقق المقولة النبوية الشريفة " المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً " حيث يؤدي قصور الذكاء الانفعالي إلى تخريب البناء النفسي والبناء الاجتماعي ويهدد السلامة الشخصية والمجتمعية .
المفضلات