وجد باحثون بجامعة "كارنيغي ميلون" الأميركية أن المجموعات التعاونية، التي يتحادث أعضاؤها بيسر ويتشاركون بالتساوي في حل المشاكل، كانت أكفأ في إتمام مهامها وحققت نتائج أفضل، مقارنة بمجموعات يهيمن عليها أفراد أذكياء، وقد نشرت حصيلة الدراسة بمجلة "ساينس" العلمية.

فبحسب تقرير للإذاعة القومية العامة (npr)، تعكف أستاذة النظرية والسلوك التنظيمي أنيتا وولي وزملاؤها على دراسة نموذج للمجموعة الذكية، وكونت فرقا يتراوح أفرادها بين اثنين وخمسة، اختِيروا من بين 700 متطوع، وطلبت من الفرق حل مختلف أنواع المشكلات.

ووفقا لوولي، كُلفت الفرق بمهام تبادل الأفكار، بقصد تحصيل أكبر عدد ممكن من الأفكار والأفكار الخلاقة. ونفذت الفرق مهام أخرى لها إجابة صائبة واحدة، ومهام أخرى تتطلب من الفرق حلولا مبتكرة للمشكلة.

مناقشة البدائل
تداول أفراد بعض المجموعات فرصة المشاركة في الحديث ومناقشة المشكلة والتعرض لمختلف جوانبها ومسائلها، في حين تناولت مجموعات أخرى المشكلة بطريقة مختلفة.

فقد سيطر أحد المشاركين على مجرى النقاش بمجموعته ولم يسمح لأي من زملائه بالمشاركة، ولم تكن هناك بدائل للمقترح المقدم من ذلك المشارك المزعج.

تؤكد الدكتورة وولي أن الأداء الجيد يقتضي من كل مجموعة النظر في وجهات نظر متعددة، وتضيف أنه في المجموعات التي تتوزع فيها المناقشة بين أفرادها بالعدل يكون لدينا مشاركة أفضل. وكلما كانت مشاركة أعضاء المجموعة على قدم المساواة، كان ذكاؤها الجمعي أفضل.

فالمجموعات التي يسيطر عليها شخص واحد، ليست فقط مزعجة، بل أيضا لا تأتي بنتائج متوازنة ومدروسة، ولم يتصف جهدها بالذكاء الموجود لدى المجموعات الأخرى المتعاونة.

اللياقة الاجتماعية
وعندما نظرت الدكتورة وولي في الصفات التي تسببت في نجاح المجموعات الناجحة، وجدت أن الذكاء الفردي لأعضاء المجموعة غير مرتبط بالنتائج.

وجاءت أمور قليلة مرتبطة بالنتائج الناجحة مفاجئة للباحثة، منها نسبة الإناث بين أعضاء المجموعة.

كتبت وولي أنه كلما زاد عدد الإناث، ازداد ذكاء المجموعة، رغم اعتقادها أن المسألة ليست متعلقة بالنوع (الجنس) بقدر تعلقها باللياقة الاجتماعية التي تزيد لدى النساء عنها لدى الرجال.

توماس مالون رئيس مركز الذكاء الجمعي بمعهد تكنولوجية ماساتشوستس (mit)، وأحد الباحثين المتعاونين مع وولي، يأمل أن يؤدي هذا البحث إلى أمور بالغة الأهمية.

يقول مالون "تخيل أنك تجري لفريق الإدارة العليا في شركة ما اختبارا للذكاء الجمعي، وذلك من شأنه أن يتنبأ بمستوى أداء هذا الفريق بمواجهة نطاق واسع من التحديات. وقد يكون ذلك أمرا يهتم مجلس إدارة الشركة جدا بتعلمه".

ذكاء جمعي
من ناحية أخرى، يعتقد الدكتور الباحث في الطب النفسي بجامعة ميتشيغَن ستيف كوزلوسكي أن مثل هذا الاختبار للذكاء الجمعي بعيد المنال، ويشير إلى أن دراسة وولي نظرت في فئة صغيرة من المهام.

ويضيف كوزلوسكي أنه من الصعب جدا تعميم حصيلة دراسات واختبارات تناولت فئة صغيرة من المهام، باستخدام طلاب الجامعات، ومجموعات ذات طبيعة خاصة، وفترات قياس قصيرة جدا.

بل إن كوزلوسكي غير مقتنع بأن وولي وزملاءها قاموا بالفعل بقياس الذكاء، ويقول إنهم كانوا يقيسون فقط مستوى أداء المجموعات في حل عدد محدود من المشكلات.

يقول كوزلوسكي إنه لا يعتبر تشبيه ذلك (مستوى أداء المجموعات) بالذكاء موضعا للخلاف، لكنه لا يرى أي دليل يدعم ذلك.

ويخلص إلى أنه قد يكون هناك أيضا شيء من قبيل الذكاء الجمعي، لكنه يعتقد أن الأمر سوف يستغرق الكثير من العمل لتعريفه وقياسه.