عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
عملية اتخاذ القرار في المنظمات
تعتبر عملية اتخاذ القرار عملية رشيدة ، تنطلق من إستراتيجية تطوير القرار نحو تطبيق وتقييم النتائج، وهي من العمليات الأساسية الضرورية في حياة الأفراد والجماعة سواء أكان على مستوى التنظيمات الصغيرة كالأسرة أو التنظيمات الكبيرة كالجهاز الإداري أو السياسي، فعملية صنع القرار تظهر في جميع المنظمات بغض النظر عن نوعها وطبيعتها، عسكرية، صناعية، تعليمية، خدماتية، وليست هناك طريقة مثلى لاتخاذ القرار، فالطريقة المثلى هي التي تناسب الظروف وتحقق الهدف.
إن عملية اتخاذ القرار من أهم مكونات العملية الإدارية عامة ولُبّها الرئيس، فالخطأ أو القصور في القرار المتخذ يترتب عليه انهيار كل مترتبات الحدث، وينظر إلى عملية اتخاذ القرارات على أنها نشاط مستمر يوظّف النظام السلوكي من خلال كل المعلومات المتاحة عن الظروف والأوضاع المحيطة التي تصنف ما يكتنف تلك الظروف والأوضاع من فرص أو معوقات، ثم استناداً إلى معايير المفاضلة والاختيار التي يحددها النظام السلوكي لنفسه، وقد اتفق معظم الكتّاب والمهتمين بالإدارة على أن صنع القرار عملية إدارية يشترك فيها أكبر عدد ممكن من أفراد الجهة أو الجهات ذات العلاقة، وذلك لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات اللازمة وذات العلاقة بالمشكلة القائمة، وبالتالي تدارسها وتحليلها لوضع حلول مستوحاة من أحداث الماضي معبرة عن الاتجاهات السائدة، وملائمة للأوضاع والظروف الحالية.
ومن المتعارف عليه أن عملية اتخاذ القرار عملية إدارية يقوم بها صاحب الصلاحية، ولكنها ترتبط وتؤثّر في العمليات الإدارية الأخرى: كالتخطيط، والتنظيم، والتوجيه، والتدريب، والرقابة، والمتابعة، وبذلك فعملية اتخاذ القرار من أهم العمليات الإدارية وأكثرها فعالية في مجالات الحياة المختلفة. ويرى (جريفث) أن تركيب النظم الإدارية يتحدد بالطريقة التي تعمل بها القرارات، وفي الإدارة التعليمية أو في المنظمات يقوم العاملون فيها بحكم وظائفهم باتخاذ القرارات المؤثّرة في العملية التربوية، وعليه فالقرارات لا حصر لها في الإدارة التربوية إلا أنه ينبغي أن نميّز بين هذه القرارات وأهميتها، ومدى تطبيقها، ومدة تطبيقها، والآلية المناسبة لاتخاذها وتنفيذها، كون بعضها يتعلق ببناء وتنظيم المناهج والبرامج التعليمية ومدى تحقيق هذه البرامج والمشروعات للأغراض المنشودة من التربية، والآخر يتعلق بكيفية تحسين الإدارة التعليمية، أو البيئة التربوية لاستثمار الوقت والجهد والمشاركة في اتخاذ القرارات. وأرى أن من أسباب النجاح في اتخاذ القرارات في المنظمات إنشاء مركز أو وحدة لدعم اتخاذ القرار وتطبيقه، بحيث يكون من أبرز مهامه أو مهامها وضع آلية لصنع القرار قبل اتخاذه، عن طريق جمع المعلومات اللازمة، ودراسة ظروف صناعة القرار، ومشاركة الجهات ذات العلاقة، والمراجعة للقرارات السابقة قبل اتخاذ القرارات الجديدة، ووضع الآلية التنفيذية المناسبة لها، وتوحيد جهة صدور القرارات حتى لا يحدث تعارض بينها، وتحديد أنواع القرارات من حيث كونها إستراتيجية، أو رسمية، أو تكتيكية، أو دورية.إن وجود مركز أو وحدة لدعم اتخاذ القرار في المنظمات التعليمية أو غيرها من المنظمات الإدارية الأخرى سوف يساهم في المسارعة في تطبيق القرارات وفي نجاحها، وكذلك في رصد معوقات التنفيذ ومعالجتها، مع المتابعة والرقابة في تنفيذ القرارات وتقويمها.
إن اتخاذ القرارات الإدارية من المهام الجوهرية والوظائف الأساسية للمدير، إن مقدار النجاح الذي تحققه أية منظمة إنما يتوقف في المقام الأول على قدرة وكفاءة القادة الإداريين وفهمهم للقرارات الإدارية وأساليب اتخاذها، وبما لديهم من مفاهيم تضمن رشد القرارات وفاعليتها، وتدرك أهمية وضوحها ووقتها، وتعمل على متابعة تنفيذها وتقويمها.
ويعرف القرار بأنه (مسار فعل يختاره متخذ القرار باعتباره أنسب وسيلة متاحة أمامه لإنجاز الهدف أو الأهداف التي يبتغيها), أما القرار الإداريAdministrative Decisionفيعرف بأنه (ذلك الاختيار الذي يفضله المدير بعد تحليله لموقف معين).
في حين تعرف عملية اتخاذ القرار بأنها (عملية اختيار أحسن البدائل المتاحة بعد دراسة النتائج المتوقعة من كل بديل وأثرها في تحقيق الأهداف المطلوبة).
وعليه فإن اتخاذ أي قرار يتطلب المفاضلة بين عدة بدائل لأن الغرض الأساس من اتخاذ القرار هو توجيه السلوك الإنساني باتجاه تحقيق هدف المستقبل، فإذا لم توجد بدائل يمكن الاختيار من بينها لا يوجد هناك مبرر لعملية اتخاذ القرار.
و مما تجدر الإشارة إليه، إلى أن مقدار النجاح الذي تحققه أي منظمة يعتمد بدرجة الأولى وإلى حد كبير على فاعلية وكفاءة القرارات التي تتخذها ومناسبتها للهدف المحدد. وفي المنظمة الإدارية تلعب عملية اتخاذ القرارات الرشيدة التي تحقق الأهداف وتعمل على الموائمة بين هذه الأهداف من ناحية والأغراض والغايات المتناقصة من الناحية الأخرى دوراً مهماً وأساسياً في خطط وبرامج المنظمة، خاصة وأن هذه الخطط تتطلب المزيد من القرارات السليمة والحاسمة ومزيداً من المتابعة والتقويم، ذلك لأن عملية صنع واتخاذ القرارات تعتبر العمل الذي يكون لنتائجه أكبر الأثر على سير المنظمة وتطورها وعلى نجاح قيادتها الإدارية وتقدمها في مجال العمل والإنجاز.
فالقرار الإدارى بمنظمات الأعمال هو (سلسلة الاستجابات الفردية أو الجماعية التي تنتهي باختيار البديل الأنسب في مواجهة موقف معين)، هكذا يعِّرف لاندبرج القرار الإداري؛ ذلك لأن مفهوم صنع القرار لا يعني اتخاذه فحسب، وإنما هو عملية معقدة للغاية، تتداخل فيها عوامل متعددة: نفسية، وسياسية، واقتصادية، واجتماعية، وتمر علمية اتخاذ القرار في أي منظمة بالعديد من الخطوات، ومن أهمها ما يلي:
أولاً: المشاركة في صنع القرار فى المنظمات :
ومن أهم ثمارات تلك المشاركة أنها توفر أعلى مستويات الشعور بالالتزام لدى المشاركين في صنعه، بالإضافة إلى الاستفادة الكاملة من المعلومات المتوفرة عند أعضاء الاجتماع، وكذلك مهارات الإبداع المحتمل وجودها لديهم، فالقرار الجيد هو نتاج فهم المعلومات المتعلقة بالقرار، والنظر إلى جميع البدائل الممكنة لصنع القرار، وأن تأخذ في الحسبان كل العناصر الهامة المتعلقة بالقرار وهي:
1. دراسة المعلومات: هي نقطة البداية لكي تتأكد أنك تتخذ القرار المناسب، وما تنفقه من وقت في هذه المرحلة هو استثمار جيد، وستكون له نتائج إيجابية فيما بعد، ولذا عليك أن تتأكد في هذه المرحلة من أنك قد توصلت إلى المعلومات الصحيحة، وأنك تملك كل الحقائق المتاحة.
2. حدد هدفك: حدد ما الذي تريد أن تحققه، صف هدفك في صورة نتائج نهائية، وتجنب التفاصيل الدقيقة.
3. ضع البدائل: إعداد قائمة بجميع الوسائل الممكنة والكفيلة للوصول إلى الهدف، اكتب كل البدائل حتى غير الواقعية منها؛ فكثير من الإبداعات والابتكارات بدأت بأفكار بدت للبعض أنها غير واقعية.
4. حدد معايير التقويم: بعد تجميع كل الأفكار الممكنة، أنت بحاجة إلى وسيلة لفرز وتقييم هذه الأفكار، ويكون ذلك عن طريق وضع معايير فاصلة، تحكم بين الأفكار، وتنتقي أفضلها، وكمثال على ذلك، إذا أردت أن تختار موقع شركتك، عليك باختيار عدة معايير تكون هي الفاصلة في اختيار الموقع، مثل مدى القرب من السوق، أو مدى سهولة النقل والمواصلات، أو الهدوء، أو المناخ الجيد...إلخ.
5. الاختيار من بين البدائل: الخطوة الأخيرة في عملية اتخاذ القرار هي اختيار البديل الأفضل بعد دراسة هذه البدائل وتقويمها.
ثانياً: الإعداد لاجتماع يخصص لاتخاذ قرار:
لكي ينعقد الاجتماع على نحو فعال، يجب أن تخصص وقتاً يسبق الاجتماع تتخذ فيه الخطوات التالية:
1. احرص على علم المشاركين كلهم بأن الاجتماع مخصص لاتخاذ قرار معين.
2. اشرح لهم عملية صنع القرار التي سوف تتبع، وكن دقيقاً في ذلك.
3. اجمع ما لديك من آراء الخبراء، والمعلومات المساعدة، ووزعها على المشاركين؛ لكي يتخذ كل منهم القرار عن علم وبينة.
4. تحدث إلى المشاركين، أو اتصل بهم عبر البريد الإلكتروني، بهدف مراجعة المعلومات قبل الاجتماع؛ ليكون لدى الجميع معرفة متكافئة عند بدء الاجتماع، أو على الأقل يكون لديهم علم مسبق بما يحتاجون فيه إلى معرفة أكثر.
ثالثاً: أساليب صناعة القرار في المنظمات :
وهناك ثلاثة أساليب لصناعة القرار في المنظمات ، لكل منها فوائده وعيوبه، وما عليك سوى أن تفاضل بين الأساليب الثلاثة، لتختار الأسلوب الأمثل الذي يحتوي على أكبر قدر من الفوائد، وينضوي على أقل قدر من العيوب.
. القرار بالأغلبية:
إن القبول بأغلبية الأصوات هو عادةً الأسلوب المتفق عليه على نطاق واسع، وهو الأسلوب الأكثر شيوعاً لصنع القرار، وفيما يلي فوائد استخدام هذا الأسلوب وعيوبه المتوقعة:
- التصويت بالأغلبية يعطيك قراراً في وقت قصير نسبياً.
- يعتقد الكثيرون أنه طريقة عادلة لاتخاذ القرار.
- قد لا يكون لدى بعض المقترعين قناعة تامة بالقرار.
. القرار بالإجماع:
يسعى الكثيرون لاجتناب أسلوب صنع القرار بالإجماع، ويكمن سبب ذلك في عدم فهم هذه العملية، فالإجماع يعني التوصل إلى قرار يكون مفهوماً لدى الجميع، فيحظى بتأيدهم، وبالتالي يكونون على أتم الاستعداد لتطبيقه، ويحصل الإجماع الحقيقي عندما يري الأعضاء جميعاً أن هذا القرار هو الأنسب، بالرغم من أنه هناك خيارات أخري مفضلة ولكن سوف تؤدي إلى مشاكل مضاعفة.
ونعطي مثالاً لكي تتعرف إذا ما كان ما لديك من الإجماع حقيقيًا أم لا، فمثلًا قد يقول أحد المجتمعين: (لقد كان لدي تحفظات حول الخيار (أ)، لكنني أعتقد أنه الطريقة المثلى للمضي في هذا الأمر)، أو يقول أخر: (الخيار (أ) ليس خياري الأول، لكنني أعتقد أنه يلبي احتياجات الجميع)، أو يقول ثالث: (لا أظن أن الخيار (أ) يحقق المعايير بنسبة 100%، لكنني مستعد لتنفيذه كاملاً قدر المستطاع)، وغيرها من التعليقات التي تدل على إجماع حقيقي.
غير أن أسلوب القرار بالإجماع مفضل في الظروف التالية :
· عندما يتطلب التغيير اللازم فهماً تاماً لدى الجميع وقناعة من جميع الفرقاء.
· عندما يتطلب القرار خبرة أفراد الجماعة كلهم في التصميم والتنفيذ.
· عندما تكون الجماعة ذاتها على علم جيد بفن الإجماع في صنع القرار.
فوائد ذلك الأسلوب وعيوبه:
* ينجم عن الإجماع عادة فهم تام للقرار ومضامينه لدى المشاركين جميعاً.
* تتعزز كثيراً فرصة اقتناع الجميع به.
* غالباً ما يكون التوصل إلى الإجماع صعباً، وبخاصة إذا لم يكن أفراد الجماعة على علم جيد بهذه العملية.
* يستغرق اتخاذ قرار بالإجماع وقتاً أطول من غيره من أساليب صنع القرار.
* عدم التوصل إلى إجماع في الرأي يعرقل التقدم نحو القرار في بعض الأحيان.
ولكن من أهم الأمور التي ينبغي أن توضع في الحسبان حال استخدام هذا الأسلوب، أنه يقتضي وجود بديل، وذلك في حالة عدم توصل الأعضاء إلى إجماع حقيقي ضمن الحدود الزمنية المفروضة في وقت الاجتماع، لذلك يفضل عدم استخدام أسلوب القرار بالإجماع في الحالات الطارئة، لما تتطلبه الحالة الطارئة من سرعة في اتخاذ القرار، وذلك عكس سياسة القرار بالإجماع.
. القائد يتخذ القرار:
إن تقرير القائد للأمر، وحسمه للمسألة شبيه إلى حد ما بأسلوب اتخاذ القرار بالأغلبية؛ والسبب في ذلك أن القائد يستمع لآراء المشاركين، ويعرف ما يعتقدونه، ثم يتخذ القرار في نهاية الأمر، ويبين الجدول التالي فوائد هذا الأسلوب وعيوبه:
- إنه الطريق الأكثر سرعة في اتخاذ القرار، وربما يكون المقاربة الأفضل حين ينقضي الوقت الكافي أو حين تقع أزمة ما.
- إذا كان المشاركون في الاجتماع يدركون جيداً أن القائد سوف يتخذ القرار، ويعلمون ما لديه من أسباب لذلك، فهم أكثر ميلاً نحو الاقتناع بالقرار، وبخاصة إذا كانوا يحترمون هذا القائد.
- قد يشعر المشاركون في الاجتماع أن آراءهم قد أهملت، وتم تجاهلها، وبخاصة إن لم يعطوا الفرصة للتعبير عن وجهات نظرهم.
- احتمالات مشاركة الاعضاء بالآراء ضئيلة بالمقارنة مع المقاربات الأخرى لصنع القرار.
رابعاً: إرشادات وقواعد عامة لصنع القرار فعال:
بصرف النظر عن الأسلوب المتبع في اتخاذ القرار فى المنظمات ، توجد إرشادات وقواعد عامة من شأنها أن تساعدك في جعل أسلوب صنع القرار فعالاً ومؤثراً:
1. شجع جميع المشاركين على إبداء آرائهم، حتى لو كان وقت الاجتماع لا يتسع لذلك؛ ليشعر الجميع بأن أصواتهم مسموعة.
2. أعد ذكر الرأي الذي سمعته، وليكن تلخيصك له يبدأ بعبارة مثل: (فهمت من قولك....)، واذكر الرأي بدقة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ودون نقدك له.
3. حاول أن توجد فهمًا مشتركًا بين الاعضاء.
4. ضع أسساً لتطبيق القرار بعد اتخاذه، وقم بتحديد خطوات العمل، وبتحديد المسؤوليات.
5. التحديد الجيد للهدف، وأن يكون مبسطاً، ويمكن تحقيقه.
6. أن يكون القرار عمليًا قابلًا للقياس والتطبيق.
7. احرص على أخذ الوقت الكافى في الدراسة؛ حتى تستطيع توفير الوقت بعد اتخاذ القرار.
8. لا تؤجل القرارت الضرورية إلى ما لا نهاية.
9. فكر في المشكلة جيدًا قبل الإقدام على اتخاذ أي قرار.
وخلاصة القول أن عملية صنع القرار في المنظمات عملية هامة، فاحرص دائمًا على وضعها نصب عينيك، وفاضل بين الأساليب التي ذُكِرَت، فقد يصلح أحدها في موقف دون الآخر، أو في قرار دون الآخر.
المفضلات