في غزوة بدر قام القائد محمد صلى الله عليه وسلم إلي صحابته قبل الغزوة قبل أن يلتقي الجمعان فبدأ يحث أصحابه علي الجهاد والجنة فقال النبي:'قوموا إلي جنة عرضها السماوات والأرض' فقال الصحابي الجليل عمير بن الحمام:'يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال':نعم فقال:بخ بخ فقال النبي: 'ما يحملك علي قولك بخ بخ' قال:لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها قال:فإنك من أهلها فأخرج تمراته من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال:'لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة' فرمي بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل.

قد يقف الواحد منا متعجباً متسائلاً: ما هذه القوة التي دفعت هذا الصحابي أن يضحي بحياته ؟

ببساطة إنها الجنة.ولكن ليس هذا هو العجيب بل أعجب أنه لم يفكر قليلاً بل أتخذ موقفه في الحال بل إنه رضي الله عنه رأى أنه يعطل نفسه عن هدفه فرمى التمرات وكأن الحياة ليست لها ثمن.

وأكد لنا خالد بن الوليد رضي الله عنه هذا المعني لما دخل علي قائد المشركين فقال له:'لقد جئتكم برجال يحبون الموت أكثر من حبكم أنتم للحياة'.



فأي شئ هذا الذي جعل هؤلاء الصحابة يشتاقون للموت أكثر من الحياة هل هو طلباً للجنة - فكلنا يشتاق إلى الجنة ولكن لا نحب الموت أكثر من الحياة - أم هو زهد في الدنيا أم هو هرباً منها !!

لا ليس زهدا ولا هرباً بل لأننا المخلوقات الوحيدة علي سطح الكرة الأرضية التي تعيش حياة داخلية غنية جداً فإن الإنسان فيه صفة عجيبة وهي التي تتحكم وتؤدي إلى تصرفاته وسلوكياته، فكل منا يتصرف علي وفق مبدأ واحد ألا وهو مبدأ الألم والمتعة فكل ما تفعله أنت وما أفعله أنا إنما نفعله بدافع حاجتنا لتجنب الألم أو الرغبة منا في تحصيل المتعة.

فالصحابة تعاملوا بمقياس الألم والمتعة فقد يكون الموت مؤلماً في الوقت الحالي وقد يكون الألم شديد ولكن المتعة البعيدة التي سوف تتحقق بإذن الله أكبر عنده من هذا الألم.

وبهذا فإن الصحابة لا يحبون الموت وإنما يحبون أن يصلوا به إلي متعتهم التي وعدهم الله بها ألا وهي الجنة حتى ولو كان الموت يسبب ألماً كبيراً.