التنمية البشرية في العمل الحركي
-
تطوير العنصر البشري والاستثمار فيه خيارٌ لا بدَّ منه
- مطلوب إحداث نقلة نوعية في الاتجاهات ونظم العمل
- التدريبالتربوي ضرورة لتطوير الأداء ورفع الكفاءة
- تنمية مهارات التفكير التأمليوتعزير الروح الجماعيةلم يعد هدف التربية مقصورًا علىإشباع حاجات الأفراد ومطالبهم الشخصية، وإنما تعدَّى ذلك إلى تحقيق حاجات المجتمعومطالبه المختلفة في الحاضر والمستقبل.
في هذا الصدد يرى حامد عمار فيكتابه التربية وعائدها الإنمائي أن للتربية أربع وظائف تتداخل في التنميةالاقتصادية والاجتماعية وهي: الإسهام في تكوين رأس المال البشري وتنمية المواردالبشرية، والبحث عن المعارف الجديدة واكتشافها، وتطوير الاتجاهات الفكريةوالاجتماعية، ونشر المعرفة بين أكبر عدد من المواطنين.
ولقد كان الإسلاممُركِّزًا على قوة الفرد في تحقيق أهدافه وليس على قوة المعجزات الخارقة، ولقد سعىالإسلام لتفجير طاقات أفراده من خلال تدريبهم على كافة المواقف التي تواجههم، وكانيأخذ بأيديهم إلى كل سبيل فيه إعلاء من شأنهم التربوي والأخلاقي، وكان القرآن يتدرجبهم في سلم الارتقاء الإيماني من خلال مواقف السيرة وتنزل الآيات القرآنية مواكبةللأحداث تربية وتفاعلاً وتنمية للمواهب وتصحيحًا للأخطاء ومعالجة للمواقف السلبيةفي حياتهم، وتدريبًا على التعامل مع كل المستجدات التي تقابلهم بعد إسلامهم سواء فيالعهد المكي أو المدني، وقد كان لكل عصر مستجداته وما يناسبه من وسائل وأساليبللتربية والإعداد والتدريب.
لذلك فإن الوسيلة الأفضل لإعداد وتربيةوتنمية الموارد البشرية وتحسين أدائها هي التدريب المستمر، لذا يلقى التدريباهتمامًا متزايدًا من المنظمات المعاصرة صاحبة التوجه التربوي، وينطلق هذا الاهتمامالمتزايد بالتدريب من الاعتراف بأهمية الدور الذي تلعبه الموارد البشرية في خلقوتنمية القدرات التنافسية للمنظمات، وفي تطوير وابتكار وسائل الكسب التربوي والعملالدعوي، وتفعيل الاستخدام الكفء للتقنيات والموارد المتاحةللمنظمات.
فالتدريب وسيلة فعالة لتحقيق النمو المهني للعاملين فيالتربية ومدخل هام من مداخل اكتساب المعارف وتطوير المهارات وتعديل الاتجاهات وأداةلتحسين العمل والارتقاء بأداء المؤسسة التربوية.. ولابد من الاهتمام بالعنصر البشريورفع مستواه عن طريق التعليم والتدريب واعتباره نوعًا من الاستثمار البشري، وتغليباحتياجات التنمية على الرغبات الشخصية.
إنَّ العصر الحديث هو عصر ثورةالمعلومات، وتدفقها، وسرعة تغيرها، والتطور التقني الهائل، وإن أصحاب الدعوات لنيستطيعوا اللحاق بهذا الركب المتسارع والتكيف مع مقدرته إلا من خلال جعل التدريبضرورة أساسية؛ بل قد أصبح التدريب وظيفة إدارية مستمرة تمثل واجبًا أساسيًّا منواجبات الإدارة الحديثة في مختلف التنظيمات.
إن العلاقة المستمرة ذاتالتأثير المتبادل بين الفرد والعمل الذي يؤديه تحتاج إلى تنشيط وتجديد فهي إن تُركتتدور في نفس الحلقة أو الدائرة فقد يترتب على ذلك تقادم معلومات الفرد وعدمصلاحياتها، وتجمد خبراته ومهاراته عند حدٍّ معين وربما تقلصها وانكماشها، وعجزها عنمقابلة ما يستجد من تطورات.
أهميةالتدريبتأتي أهمية التدريب في العمل الدعوي والتربوي منحيث:
- المدخل العلمي لزيادة فاعلية الأفراد، ويساعد على رفع كفايتهمالنوعية في مجال الاهتمام التربوي والتخصصي.
- إكساب الأفراد المعلوماتوالمهارات الوظيفية اللازمة؛ حيث تسهم في زيادة قدراتهم في أدائهم وحركتهم الدعويةأو الأعمال التي سوف يؤهلون لها.
- إحداث تغييرات إيجابية في سلوكهمواتجاهاتهم في علاقاتهم بالعمل والعاملين نحو الأفضل.
- إكسابهم المعرفةالجديدة، وتنمية قدراتهم وصقل مهاراتهم، والتأثير في اتجاهاتهم وتعديل أفكارهموسلوكياتهم، وتطوير العادات والأساليب التي يستخدمونها للنجاح والتفوق فيالعمل.
التدريب أثناء العملتنميةالعنصر البشري والاهتمام به والاستثمار فيه أمر حتمي وخيار لابد منه، لذا لابد منأن ينعكس ذلك على سياستنا التربوية وبرامجنا الدعوية المختلفة، إنَّ تحقيق الأهدافلا يتم إلا بتنمية شاملة ومستمرة للقائمين على التربية والدعوة من قيادات ومدربينومشرفين وغيرهم، بقصد تطوير الأداء ورفع كفاءة العنصر البشري، مما يسهم في إحداثنقلة نوعية في الاتجاهات ونظم العمل وأساليبه، فالتدريب أحد المكونات الأساسية فيعملية التنمية البشرية وهو الوسيلة الفعالة لتحقيق النمو المهني ومدخل من مداخلتطوير التعليم واستمرارية التجدد والتجديد.
لقد كان التدريب فنًا فأصبحفنًا وعلمًا وشهد تغييرًا جذريًّا وتطورًا مذهلاً في مفهومه وأساليبه وطرائقهونماذجه، وقد واكب التدريب مستجدات العصر من تطور في العلوم التربوية والإداريةوالنفسية والنظريات والمفاهيم وتقدم في التكنولوجيا؛ فامتزج بكل ذلك واستفاد فأصبحتمفاهيم ومصطلحات مثل (تكنولوجيا الأداء البشري والتدريب الفردي والتدريب باستخدامالكمبيوتر، والتدريب عن بعد، والتدريب المعتمد على شبكة الإنترنت، والتدريب المعتمدعلى الكفاءة، والنماذج والحقائب التدريبية وغيرها) مفردات أساسية في هذا المجالتقوم على أسس وفلسفات ومناهج علمية ولها تطبيقاتها العلمية.
ونتيجةًللتفجر المعرفي وازدياد التخصصات الدقيقة ووجود الإستراتيجيات التربوية المتعددةللمواقف التعليمية والتربوية المختلفة، تزايدت الحاجة إلى التجديد المهني للعامينفي المجال التربوي، فمن المبادئ الأساسية لعمليات البناء والتطوير أن تقوم علىأساسٍ جماعي، بمعنى أن يشترك فيها جميع المعنيين بالتربية؛ حيث إنَّ عزل التدريب عنعمليات التطوير قد لا يحقق الغرض منه.
أهدافالتدريبمن المُسلَّم به أن الأهداف تختلف باختلاف البرنامجالتدريبي، ولكن هناك أهداف عامة أساسية منها:
1- تنمية وعي المتدربينبالمستجدات التربوية وتفهم التوجهات الحديثة والأسس التي قمت عليها.
2- الاستفادة من خبرات ومعارف ومهارات المصادر البشرية في تطوير وتنمية معارف ومهاراتالعاملين في ميدان التربية والتعليم.
3- تعريف المتدربين بأدوارهمالمختلفة وتزويدهم بالمعارف والمهارات التي تمكنهم من أداء تلك الأدوار بفاعليةوكفاءة.
4- إتاحة الفرص أمام المتدربين لتفهم العلاقة الوثيقة بينالنظرية والتطبيق في مجال التربية وتوريث المفاهيم والتعليم.
5- إتاحةالفرص أمام المتدربين للمشاركة في عملية التطوير من خلال النقد والتحليل الموضوعيللممارسات التربوية الجارية.
6- تنمية وعي المتدربين بالتغيراتالاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المجتمع وانعكاساتها على العمليةالتعليمية.
7- تفهم المتدربين للتغيرات البنيوية التي تحدث في هيكلالعمل التربوي ومناهج التربية الحديثة، وما تتطلبه من معارف ومهارات يجبإتقانها.
8- تزويد المتدربين بالفرص لاكتساب معارف ومهارات واتجاهاتجديدة تمكنهم من تنفيذ التجديدات التربوية في مجال تقويم عملية التعليموالتعلم.
9- تعزيز العلاقات الإنسانية بين العاملين- على اختلافمستوياتهم- في مجال التربية والتعليم.
10- الارتقاء بمستوى أداءالعاملين في مجال التربية من مدرسين وإداريين وموجهين للنهوض بمستوى العمليةالتربوية، وزيادة الكفاءة الإنتاجية للعامليين في حقل الدعوة.
11- مواكبة المستجدات العلمية في التخصص وأساليب البحث فيه، وحُسن استخدام مصادرالمعلومات المرتبطة بها.
12- الاستفادة بما لدى المتدربين من خبراتوقدرات ومنحهم الفرص- في مواقف تعليمية- لإظهارها وتطبيقها وممارستها أمام أقرانهم،بما يحقق تبادل للخبرات.
13- تنمية الوعي لدى المتدربين بالحاجة إلىتقبل التغيير والاستعداد له، وبذل الجهد لوضع التغيرات التربوية موضع الاختباروالتجربة، والإسهام في عملية التطوير والتجديد.
14- تنمية مهاراتالتفكير التأملي لدى المتدربينوقدراتهم البحثية من خلال بحوث العمل أو ورش العملأو الندوات أو الأعمال ذات الطبيعة الجماعية والتي تعزز روح التعاون بينالعاملين.
أنواع التدريب1- الدورات التأهيليةتركز هذه الدورات على إكسابالمتدربين المهارات المطلوبة لإنجاز الأعمال والمهام المطلوبة منهم، ويتم التدريبفي هذه الدورات على:
- إكساب المفاهيم الجديدة
- إكساب المهاراتالمطلوبة.
2- الدورات التحديثية أوالتجديديةفي ضوء التغير المتسارع كمًّا ونوعًا، والذي نراه منحولنا، فإنَّ مواكبة هذه التغيرات تتطلب تنمية المهارات والمعارف اللازمة لمواجهةهذه التغيرات، ويتم التدريب في هذه الدورات على:
- إكتساب المفاهيمالجديدة في المجال الأكاديمي.
- مهارة استخدام تقنيات جديدة.
- مهارةاستخدام تشغيل أجهزة جديدة.
3- الدوراتالعلاجيةفي ضوء التغذية الراجعة من الميدان سواء من الهيئاتالإشرافية، أو الهيئات التنفيذية، أو الهيئات المستفيدة، يمكن تحديد أوجه القوةوأوجه القصور ووضع الخطط الكفيلة للعلاج.
4- الدورات التنشيطيةبمرور الوقت وبالتقادم ونتيجة للروتين اليومي قديؤدي إلى سكون الأفراد وجمود حركتهم، لذا فمن الضروري من آن لآخر تنظيم دورات لكسرهذا الروتين، ويتم التدريب في هذه الدورات على:
- تخطيط أنشطة إبداعيةأو ابتكاريه.
- تبادل الخبرات.
- استنباط أفكار وأساليبجديدة.
أساليب التدريبللتدريبأساليب متنوعة منها على سبيل المثال:
- محاضرات نظرية.
- مناقشات فيجماعات صغيرة.
- تمثيل الأدوار.
- تمارين.
- ورشالعمل.
- العصف الذهني.
ويعتمد أسلوب التدريب على نوع التدريبالمقصود، فـفي مجال الدورات التأهيلية تستخدم الأساليب التدريبيةالتالية:
- محاضرات عن الفلسفة العامة للبرنامج المقصود.
- ورشعمل لاكتساب مهارات تخطيط وتصميم وبناء و تنفيذ أهداف البرنامج.
- تمارينوأنشطة في مجال التعلم الذاتي.
وفي مجال الدورات التحديثية أو التجديديةتستخدم الأساليب التدريبية التالية:
- محاضرات عن التغيرات الحديثة فيالمجال الأكاديمي أو المهني.
- تدريبات عن اكتساب المفاهيم الجديدة فيالمجال الأكاديمي أو المهني.
- ورش عمل لكيفية استخدام تقنيات جديدة أوتشغيل أجهزة جديدة.
وفي مجال الدورات العلاجية تستخدم الأساليبالتدريبية التالية:
- نقاش في شكل ندوة أو حلقة لمناقشة أوجه القصور التيتعترض بعض العاملين في المجال التربوي.
- ورش عمل للمهمات التدريبيةالعلاجية.
وفي مجال الدورات التنشيطية تستخدم الأساليب التدريبيةالتالية:
- نقاش في شكل ندوة أو حلقة لمناقشة المستحدثات الأكاديمية أوالمهنية.
- عصف ذهني وذلك للتخطيط للأنشطة الإبداعية أوالابتكارية.
التدريب العملي في حياة الحبيب
* دار الأرقم بن أبي الأرقم: فقد كانت دارًا للتربية والتزكية، ومعهدًا للتأهيلوالتدريب على ظروف الحياة الجديدة التي واجهها المسلمون بعد إسلامهم.
* شعب أبي طالب التي حُوصر فيها المسلمون لمدة 3 سنوات، فقد كانت من أروع الصورالتدريبية والتأهيلية لقياس قوة التحمل وقدرتهم على التضحية من أجل هذاالدين.
* رحلات الهجرة إلى الحبشة مرتين ثم المدينة، نوع آخر من وسائلوأساليب التدريب على حمل الدعوة ومواجهة التحديات والانطلاق بها الى آفاقجديدة.
* تعدد السرايا التي كان يبعثها الحبيب هنا وهناك من أجل رفعكفاءة الجنود وتأهيلهم وإعدادهم الإعداد المناسب لقيام دولة الاسلام وتحقق النصرالأكبر بفتح مكة.
* صور الحوارات التي كان يعقدها الحبيب- صلى الله عليهوسلم- من أجل تأهيل الأفراد على حسن اتخاذ القرار المناسب، واستنباط الأفكارالجديدة لديهم ( يوم بدر- يوم أحد- يوم الخندق.. إلخ).
* الدروس العمليةالمصورة من خلال ضرب الأمثال وتجسيد المعاني في صور ومشاهد (الأمل والأجل – حديثالاسراء والمعراج.. إلخ).
* العصف الذهني الذي كان يستخدمه الحبيب- صلىالله عليه وسلم- من خلال إلقاء الأسئلة المتنوعة التي تُثير لديهم حاسة التفكيروالعصف الذهني أتدرون من المفلس؟.
* توجيهه- صلى الله عليه وسلم- بعضالصحابة لإتقان أعمال معينة، والاستفادة من كل ما هو متاح، فقد أمر زيد بن ثابت أنيتعلم السريالية، وغير ذلك الكثير والكثير مما استخدمه الحبيب صلى الله عليه وسلم،وسارت على نهجه الحركة الإسلامية المعاصرة.
المفضلات