العـمـــل : الهدف النبيل..


الناظر لأحوال الأفراد داخل أسوار العمل يلحظ نشوء مصادمات وصراعات بين الزملاء الذين جمعهم هدف واحد وهو تنفيذ ما أوكل إليهم من أعمال..

مصدر الصراعات هو التنافس.. فكل واحد يطمح إلى إرضاء رئيسه، وفي هذا الجو الخانق من التنافس لإرضاء الرئيس والمدير تنشأ عداوات صامتة حيناً ومتحدثة بلهجة صاخبة وممجوجة حيناً آخر، عدا بروز أنياب الغيرة والحسد التي تنهش القلوب وتوغر الصدور، فتنسى المجموعة
الهدف وينشأ هدف آخر وهو التنافس على الظهور بالصورة التي يريدها الرئيس، حتى ولو كان ذلك الرئيس بلا مبدأ واضح، ويسعى لإظهار الدائرة التي يرأسها بصورة براقة دون الاهتمام بتحقيق الهدف
الذي وضع من أجله في هذا المكان مديراً أو مخططاً..!

في هذه الحالة تُفتقد المحبة التي يُفترض وجودها بين أفراد منشأة واحدة، يمارسون عملهم ما يقرب من سبع ساعات يومياً، أي بما يزيد عن أوقات الأكل والراحة مجتمعة وأحياناً النوم!! كما ينحرف
الهدف
الذي اشتركوا بالعمل من أجل تحقيقه.

إن نار الغيرة والحسد التي يوقدها حب التميز قد تكون باردة في بدايتها، ولكنها في النهاية انفجار لقنبلة موقوتة، سواء لمن ينافسون في الحصول على مركز ما، أو من المخلصين الذين يرون أن حقوقهم مهدرة وجهودهم مبددة وآراءهم مسفهة أمام ذلك الاجتياح من التنافس السلبي، لاسيما حين تظهر بوادر الحرب الباردة أو الساخنة بين فئة المخلصين العاملين بصمت وبين من يخطبون ود رئيسهم بعيداً عن العمل الدؤوب «ويحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا» وهنا يبرز دور المدير في تأليف القلوب وجمعها على الخير وعدم السماح لأحد المرؤوسين بالاستحواذ على وقت المدير أو اهتمامه، حتى أولئك الملتزمين بما تقتضيه الوظيفة من انضباط وإخلاص، لئلا يوقظ في قلوب زملائه كوامن الغيرة والحسد. كما يستوجب عليه العدالة حتى مع أولئك المقصرين بأن يسعى لتوجيههم واحتوائهم وتفعيل التعاون بينهم، وعدم تكليفهم بأعمال لاتناسب تخصصاتهم أو قدراتهم.

إننا بحاجة أكبر إلى فهم أهمية الإخلاص في العمل والتقوى ووجوب التفاني والتعاون فيما بين العاملين. لأن وجود المحبة الصادقة بين المدير والمرؤوسين ومابينهم يجعلهم يعملون لتحقيق هدفهم وهو تقديم الخدمة لطالبها كما ينبغي. ويشتركون سوياً في الوقوف مع مديرهم يدلونه على الخير، ويشجعونه حين يصيب لأنهم يتقاسمون معه النجاح.. وهنا فقط تظهر المحبة الصادقة وينجح العمل ويتحقق الهدف النبيل وتختفي الصراعات.