الواقع الذي نعيش به غالباً ما يكون انعكاسا لشخصياتنا و أفكارنا و طريقة حياتنا ..


و خلق واقعاً يكون مرآة حقيقية لذاتنا يحتاج لفن لا يكتسب بسهولة .. و بداية هذا الفن


هو الاقتناع بأن هناك متغيرات لابد من حدوثها حولنا بهدف التجديد الذي من شأنه دائماً خلق عوالم جديدة ..


و تلك العملية التجديدية تأتي من خلال استثارة جادة للبيئة الداخلية و الخارجية لخلق فرص تطويرية تبعد عنا أزمة تكرار الذات..


و البدء باستثارة البيئة الداخلية هي الأساس لعملية التجديد. و البيئة الداخلية تعني الذات


و الروح , فمن خلال اكتشاف الذات و معرفة مكان القوة و اتجاهات التفكير و أسباب التصرفات و أثارة عنصر الحماسة بشكل كامل نستطيع في النهاية تكوين قاعدة صلبة تمكننا من الوقوف عليها بكل ثقة.


و اكتشاف الذات هي الجسر الذي من خلاله نتوجه لاستثارة البيئة الخارجية و ما تحتويه من مصادر غنية تساعدنا في تنمية ذواتنا و هذا من شأنه يخلق التوازن المطلوب في عملية التطوير الذاتي الذي بدوره يؤدي لتطوير خارج محيط الذات يكون أكبر و أعمق و أشمل في مفهومه ..


و لكن مصادر و منابع التطوير في البيئة الخارجية لا تعلن عن نفسها طواعية .. بل البحث و التقصي عنها و استفزازها بحماس هو المطلوب .. فعملية البحث بحد ذاتها فرصة تطويرية بالغة الروعة و لها تأثير كبير في شخصياتنا و في أحياناً كثيرة يساعدنا هذا البحث في خلق وسائل تطويرية جديدة و مبتكرة ..


إذن التغير يبدأ أولاً من نقطة صغيرة داخل النفس و تتوالى بعدها سلسلة التطويرات الداخلية لتخرج للعلن في هيئة منظومة متكاملة .


فالتغیر بذرة صغيرة لا تنمو إلا بالرعاية و الاهتمام و لتكن أرواحنا الحاضنة و الراعية لتلك البذور ..


ومن جهة أخرى يستحيل أن يخلو التغيير من المحبطات التي تعيق نموه أو حتى العثور عليه .. و من أهم تلك المحبطات هي:


السلبية الفكرية , الاستسلام التام , النمطية في التفكير و العيش , اللوم المستمر للآخرين و للذات دون البحث عن حل فعال لمشكلة ما و غيرها من المعيقات التي تبرز لنا مراراً.


و تلك المحبطات لها مبرراتها الطبيعة في الوجود و مهمتنا نحن هي قلب مضمونها فقط من سلبي لإيجابي .. و جعلها سلم نرتقي به للأعلى و ليس للأسفل , فالمحبطات بدورها فرصة جميلة و نادرة للتغيير الذاتي و لا تحتاج سوى لإعادة هيكلتها و تغيير سيرها لنستفيد منها.


التغيير بلا إرادة أشبه بتجويف فارغ لا فائدة منه .. و النجاح بلا فشل عملية مبتورة و ناقصة و كذلك التغيير ففكرة ايجابية لا تتحقق بالطريقة الصحيحة إلا حين تواجه المعيقات أمامها كي تكون أكثر صلابة و جدية في الوجود و نكون نحن من جهة أخرى قد كونا خبرة في المجال الذي نبحث عن التطوير فيه.


فرص التغيير لا حصر لها خلال سير حياتنا .. فلنجعل من أيامنا محطات جادة لتغيير نحو عالم أفضل .. و قد لا نصل لمستوى المثالية لكن السعي بحد ذاته أنجاز عظيم