التعاون بين العقل والحواس


‏و مصدر المعرفة كما يراها فر يري، مثل النقديين الذين يرون أن المعرفة تصل إلينا عن طريق التعاون بين العقل و الحواس، و بدون العقل و الحواس يستحيل قيام العلم و المعرفة ( 58 )، كما يوضح فر يري أن المعلومات يمكن الحصول عليها و يمكن الحصول عليها من خلال محادثة مع الآخرين ( 59 ). و المعرفة تتغير و الواقع أيضاً يتحرك و يتغير، و من ثم فإن النظرية ليست ثابتة، و ديناميكية ( 60 ).

كما أنكر فر يري أن المعرفة موروثة حين قال: لا أحد من الأولاد و البنات يولدون أطباء و لا مربين أو فنانين، و لكن يولدون بملامح معينة و فضول معين، و رغبة في ( المعرفة ) و تذوق للسمع و رغبة للحديث و احترام الرأي الآخرين، و النظام و المثابرة و المعرفة أمور ضرورية ( 61 )، و رفض فكرة أن الاستاذ هو متخصص ذكي يقوم بدور منتج لودائع المعرفة المعلبة Packaged Knowledge، و المتعلم يكون في دور المستهلك، فهو مشتري للمعرفة التي يستهلكها ( 62 ).

و يذكر جادوتي ( 63 ): أن فر يري في كتابه " التوسع أو الاتصال Extension or communication " ناقش نظريته في المعرفة من خلال أربعة أبعاد حددها على النحو التالي:



  • البعد المنطقي The Logical و يتعلق بطرق المعرفة.
  • البعد التاريخي The Historical و يشير إلى العلاقة بين المعرفة و الموقف.
  • البعد الروحي The Gnsiological و يشير إلى غايات المعرفة.
  • البعد الحواري The Dialogic و يشير إلى اتصال المعرفة، و أعطى فر يري مزيداً من الاهتمام للبعد الأخير.



و قد تطورت هذه الأسس المعرفية و يرجع ذلك إلى تغير المراجع النظرية و المصادر الببليوغرافية الحاصل من كتاب " التربية :كممارسة للحرية " ( شيلر، و أورتيغا، و مانها يم، و رايت ميلز، و وايتهيد،. . . . إلخ ) و كتاب " تربية المقهورين " ( ماركس، و لينن، و ماو، و ماركيوز. . . . إلخ ) ففي الكتاب الأول يفترض المشاركة و الاندماج في داخل نظام ديمقراطي، أما كتابه " تربية المقهورين " فإن التغير يتضمن إمكانية الثورة، و نجد أن الموضوعات الثلاثة الكبرى التي شغلت اهتماماته هي ‏التوعية، و الثورة، و الحوار، و التعاون بين القادة، و العامة للإبقاء على روح الثورة ( 64 ).


و التعرف بالنسبة لفر يري يعني أن تكون فاعلاً نشطاً، تسأل و تناقش، لكي نتعلم هو أن نعيد خلق الطريقة التي نراها بأنفسنا و تعليمنا و مجتمعنا، و البرنامج الذي ندرسه، يكون هو ‏فعل للإبداع و قادر على الأفعال الإبداعية الأخرى، فهذا الإبداع يطور في الطلاب الصبر و الوضوح الذي يتميز به البحث و الإبداع ( 65 )
و بدون ممارسة ليس هناك معرفة، و من الصعب أن نعرف بدون ممارسة، و يجب أن يكون لدينا إطار نظري معين للممارسة لكي نعرف، و لكن الممارسة في نفسها ليست نظرية، فهي تخلق المعرفة ( 66 )، كما يؤكد أن لا أحد يعرف كل شيء و لا أحد يجهل كل شيء ( 67 ).


( 63 ) Gadotti, moacir, ( 1994 ) Reading Paulo Freire; His Life and Work, Trans john
و المعرفة عند باولو فريري هي أهم شيء لتحرير المقهورين هي سبيل الحصول على وعي بموقفهم الخاص من كونهم مقهورين، و لكن هذا الوعي يحدث بطريقة مجردة، فالوعي يتم تحقيقه في ممارسة الناس المقهورين لتحرير أنفسهم بطريقة منظمة ( 68 ).


كما ربط فر يري بين المعرفة و النمو، و ذكر أن عملية المعرفة و عملية النمو يتكاملان مع بعضهما البعض، فعملية المعرفة تكمن في النمو، فلا تستطيع أن تعرف بدون نمو، ليس من الممكن أن تنمو بدون قدر من المعرفة ( 69 )، و من هنا ركز فر يري على الفضول المعرفي، الذي يكون الإنسان فيه قادراً على بناء نوع آخر من الفضول يكون لديه مستواً معيناً من الالتزام المنهجي، و هذا الفضول المعرفي يفسر وجود العلم ( 70 ).


و النمو في المعرفة يعني الفهم النقدي للوجود، و من المهم أن نلاحظ ميلنا نحو التعلم، و نحن نعيش أو نجرب، أو نجد أنفسنا منفتحة بين ما نرثه و ما نكتسبه، و نمونا هو خبرة متأثرة بالبيولوجيا و علم النفس و الثقافة و التاريخ و التربية و علم السياسة و علم الجمال و الأخلاق ( 71 ).