عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 17
إعادة صياغة وتنظيم عقلك
إعادة صياغة وتنظيم عقلك
"في عقلنا غير الواعي لا نستطيع أن نميز بين الأمنية والواقع".
"سيجموند فرويد"
النفس والروح، العقل الواعي والعقل الباطن:
كيف يمكن لهذين المظهرين من مظاهر الطبيعة البشرية المزدوجة أن يتفاعلا معاً؟ كيف يمكننا تنظيم تلك المفاهيم المتنوعة التي تحكم حياتنا، وكيف نعيد صياغة عقولنا للتخلص من الأفكار السلبية حتى نصل إلى السعادة وتكون حياتنا مثمرة؟
بالطبع تنطلق الروح من كلا المظهرين ولكنها تنفصل جزئيا عن إدراكنا الواعي والذي نسميه بالحاجز الجسدي أو الرقيب الجسدي الذي يمنعنا من الاتصال الكامل بما وراء الوعي ولكن ذلك الحاجز قابل للاختراق مثل المنخل الذي نستخدمه لنخل الدقيق، والسبب هو أن النفس لا يمكنها العمل بشكل مستقل كلية عن الروح ومظاهرها تمثل دائماً نتيجة التفاعل بين الجزأين معاً. ونظراً لعدم صلابة ذلك الحاجز، فنحن نتلقى دائماً رسائل من الذات الداخلية على شكل إرشادات بديهية، أو أحلام، أو تنبؤ بالأحداث.
ونظراً لوجود ذلك الحاجز الحساس فالفردية المستقلة هي إذن أمر ممكن الحدوث. فإن لم يكن هناك ذلك التقسيم للوعى لأصبحنا جميعاً متساوين وما كان هناك اختلاف في الشخصية أو الوعي الذاتي. فقد يكون هناك اختلافات في الأمزجة كما يحدث في عالم الحيوان ويرجع ذلك إلى النزوع الجيني ولكن قد لا يكون هناك إحساس بالهوية أو صورة ذاتية أو تفكير منطقي فكل من ذلك يعتبر من مظاهر الشخصية.
وكما أكدنا من قبل فالنفس هي المظهر الفردي للشخصية، فهي تمثل الجزء المنظم للأفكار التي ستظهر في حياتنا أو الأفكار التي تتلقاها من الآخرين. وتنغرس تلك المفاهيم في عقلنا الباطن ويقوم هو بحملها. وبذلك، فالنفس تقوم بعملية التفكير. كذلك يمكن اعتبارها المظهر" الذكرى" للذات لأنها تتقبل الأفكار من البيئة ثم تزرعها داخل العقل الباطن.
وتمثل الروح أو العقل الباطن ذلك الجزء الأنثوي الُمستقبل، فهي تستقبل الأفكار من العقل الواعي وتبدأ في حملها للخارج. ( والتقسيم يظل كما هو في الحالتين مع الذكور أو الإناث). وبالمقارنة في مجال العمل تقوم النفس بدور كبير العمال بينما تقوم الروح بدور العامل الذي ينفذ الأوامر. وحتى نلجأ إلى الاستعارة من الناحية التكنولوجية، فالروح تمثل الجزء الصلب الذي يمثل معدات الحاسب والتي تقوم على اللوحة الرئيسية، بينما تمثل النفس البرامج( سوفت وير ) التي تنظمها أنت حتى تكون على دراية بما ترغب عمله.
فإن كنت ترغب في كتابة خطاب ستلجأ إلى الكلمة التي تنظم البرنامج، أما إذا كنت ترغب في متابعة استثماراتك فأنت بحاجة إلى وضع نظام مالي يعمل بنظام المخطط الواسع. ويحدث نفس النظام الإبداعي كما هو في العمل أيضاً في العقل في العالم البيولوجي، فالنفس التي تمثل العنصر الذكرى تقوم بتلقيح العنصر الأنثوي- وهو الروح- بالأفكار؛ وما ينتج من خلق من هذا التفاعل يسمى بالتعبير الجسمي أو السلوك.
لنفترض أن النفس تنظر من النافذة لتستمتع باليوم البديع وتخطط بداخلها لفكرة الخروج للنزهة، فقد يمكنها أن تفكر في تلك الفكرة تحت نطاق الوعي، ولكنها لا تمتلك القوة التي تحقق وتنفذ ذلك لأنها لا تدرك أي عضلة تلجأ إليها لتخطو خطوة نحو الخارج. وعلى سبيل المثال، إذا أردت أن تنهض من على المقعد وترغب في القيام بذلك باستخدام عقلك الواعي فقط، فستجد أنك عاجز عن القيام بذلك.
وفي الواقع نحن لا نعى أياً من العضلات نستخدمها أولاً في بداية الحركة عند النهوض من على المقعد، فنحن نشاهد من خلال التلفاز صوراً توضح مدى صعوبة الشخص العاجز في محاولة منه للمشي مرة ثانية. فيجب أن يتعلم أياً من عضلاته يقوم بتحريكها لاتخاذ الخطوة ويصبح ذلك عملاً شاقاً إذا حاول القيام به من خلال العقل الواعي. إن ما نقوم به بالفعل دون وعى منا هو تحويل أفكارنا إلى الروح- العنصر المستقبل البناء لشخصيتنا. والتي تقوم بتحريك العديد من العضلات المترابطة. والمشي هو ذلك السلوك الناتج عن ذلك التبادل.
المفضلات