غير أنه لم ير ضــرورة لتربية حاستي الشم والذوق لأنهما كانتا ناميتين عند الشريد وخاصة
حاسة الشم لأنه كان يعيش كالحيوانات التي تفتش عن الفريسة معتمدة على هذه الحاسة . لذا وجه اهتمامه نحو حاستي البصر والسمع ، واعتقد ، خلافاً ( لكوندياك وبوفون ) أنه من الضروري تقوية كل حاسة ضعيفة أو مريضة ، بينما كان العالمان المذكوران يبذلان قصارى الجهد في تربية حاسة اللمس فقط . وهنا نرى أن فيلسوفنا الشاب قد جاء بمفهوم جديد تظهـر نتائجـه فــي الطريقـة التي اتبعها الدكتور ( ديكرولي ) في القرن العشرين فـي تعليم القـراءة وهـي مـا يسمـى الآن بالطريقة الكليـة ، لأنها تعتمد بصورة خاصة على حاسة البصر .
ومما يؤسف له أن حاسة السمع لدى اللقيط كانت مريضة جداً تمنعه من توجيه انتباهه إلى الأمور التي تحيط به ، وهي حـاجز جـدي أمام تعلم النّطق ، مما يسبب نقصاً في التفكير لأن الفكر لا تأتي ، حسب ( كوندياك ) إلا عن طريق اللغة .
لذا اضطر المعلم الفيلسوف إلى اتباع طرق لا تعتمد على الكلام واعتبر تلميذه بحكم الأصم ، وهذه الطرق تنمي اضطراراً حاسة السمع .


إن هذه الطريقة مقتبسة من تعاليم – الاي سيكار – الذي كان يعود طلابه فهم الرموز الحرفية على الشكل الآتي : إيجاد اتصال بين الأشياء المألوفة ورسومها ، ثم بين هذه الأشياء وأسمائها . وهكذا قلّد فيلسوفنا الأب المربي حتى في اختيار وسائل الإيضاح .
أما طريقة عمل الأب ( سيكار ) فهي كما يلي : ينقش فوق لوحــة سوداء على شكل مفتاح ومقص ومطرقة ، ويطلب من تلاميذه وضع كل من هذه الأدوات فوق رسمها . وحينما يرى أن هذه التمارين قد أثمرت ينتقل بهم إلى تمــارين أخــرى وهي معـرفة نفس الأشياء فوق اللوحة مرفقة بأسمائها المكتوبة بذيلها .
وأخيراً يجب معرفــة اسم الشـيء المكتوب على اللوحة دون أن ترافقه رسوم ما ، وهي مرحلة الرموز الكتابية