الوقفة السادسة:
نظر إلى جنازة قد ازدحم الناس عليها فقال ما لكم تزدحمون ها تلك هي ساريته في المسجد اقعدوا تحتها حتى تكونوا مثله.

الوقفة السابعة:
وقال له رجل: إن قوماً يجالسونك ليجدوا بذلك إلى الوقيعة فيك سبيلاً (أي يتصيدون الأخطاء).
فقال: هون عليك يا هذا، فإني أطمعت نفسي في الجنان فطمعت، وأطعمتها في النجاة من النار، فطمعت، وأطمعتها في السلامة من الناس فلم أجد إلى ذلك سبيلاً، فإن الناس لم يرضوا عن خالقهم ورازقهم فكيف يرضون عن مخلوق مثلهم؟

الوقفة الثامنة :
حدَّث خالد بن صفوان فقال : لقيتُ مَسلمةَ بنَ عبد الملك في الحيرة فقال لي : أخبرني يا خالدُ عن حسن البصرة ، فإني أظنُّ أنك تعرف من أمره ما لا يعرف سواك ؟ فقال : أصلح اللهُ الأمير ؛ أنا خيرُ مَن يخبِرُك عنه بعلم ، قال : أنا جارُه في بيته ، وجليسه في مجلسه ، و أعلم أهل البصرة به ، قال : هاتِ ما عندك -
قال له : إنه امرؤ سريرته كعلانيته - واحدة - و قوله كفعله ، إذا أمر بمعروف كان أَعْمَلَ الناس به ، وإذا نهى عن منكر كان أَتْرَكَ الناس له ، ولقد رأيتُه مستغنيا عن الناس ، زاهدا بما في أيديهم ، ورأيت الناس محتاجين إليه ، طالبين ما عنده " فقال مسلمةُ : حسبُك يا خالد كيف يضلُّ قومٌ فيهم مثلُ هذا "

الوقفة التاسعة:
لما ولي عمر بن هبيرة الفزاري العراق وأضيفت إليه خراسان وذلك في أيام يزيد بن عبد الملك استدعى الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشعبي وذلك في سنة ثلاث ومائة فقال لهم إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده وأخذ عليهم الميثاق بطاعته وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة وقد ولاني ما ترون فيكتب إلي بالأمر من أمره فأنفذ ذلك الأمر فما ترون؟! فقال ابن سيرين والشعبي قولا فيه تقية فقال ابن هبيرة ما تقول يا حسن فقال يا ابن هبيرة خف الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله إن الله يمنعك من يزيد وإن يزيد لا يمنعك من الله وأوشك أن يبعث إليك ملكا فيزيلك عن سريرك، ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ثم لا ينجيك إلا عملك يا ابن هبيرة إن تعص الله فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرا لدين الله وعباده فلا تركبن دين الله وعباده بسلطان الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فأجازهم ابن هبيرة وأضعف جائزة الحسن فقال الشعبي لابن سيرين سفسفنا له فسفسف لنا.

الوقفة العاشرة :
قال حمزة الأعمى: وكنت أدخل على الحسن منزله وهو يبكي، وربما جئت إليه وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه فقلت له يوماً: إنك تكثر البكاء، فقال: يا بني، ماذا يصنع المؤمن إذا لم يبكِ؟ يا بني إن البكاء داع إلى الرحمة. فإن استطعت أن تكون عمرك باكيا فافعل، لعله تعالى أن يرحمك.
ثم ناد الحسن: بلغنا أن الباكي من خشية الله لا تقطر دموعه قطرة حتى تعتق رقبته من النار.