هل قدرت ما يمكن أن يكون للابتسامة من تأثير ساحر على مجرى حياتنا؟ كثير من تصرفاتنا وعاداتنا اليومية تستظل وتستهدي بمعايير ثقافية، وذلك ما نلحظه في سياق التفاعل الاجتماعي الذي نقوم به في حياتنا اليومية، وأكثر ما يتضح ذلك بصورة جلية في الطريقة التي يضحك أو يبتسم بها الناس، فقد ذكر الباحث الاجتماعي البريطاني “أنطوني غدنز” أن في مجتمع الآنويت “الأسكيمو” (في غرينلاند) لا يعرف الناس ظاهرة الابتسامة المألوفة في أكثر ثقافات العالم، وهذا لا يعني أن أبناء هذه القبيلة شعب يتسم بالبرودة وانعدام الود، بل كل ما في الأمر أن ممارسة الضحك أو التظرف في الحديث مع الغرباء ليست من العادات الشائعة بينهم.


لكن مع توسع العلاقات التجارية والخدمات حاول أرباب العمل في هذه القبيلة أن يتدربوا على فن الابتسام باعتباره قيمة ثقافية في أوساط الناس، لأن الابتسام ومشاعر الود تجاه الزبائن هو من الأمور الجوهرية في العلاقات العامة والتجارية التنافسية، ذلك أن الزبائن يكثر ترددهم على المحلات التجارية التي تستقبل فيها وتودع بعبارات التحية اللطيفة.

لأهمية هذا العامل في الاستقبال والاستثمار أصبح من الشائع تدريب العاملين (خاصة أولئك الذين يعملون في مجامل المطاعم) وذوي العلاقات الاجتماعية عبر دورات خاصة حول فن الابتسام.


هل تساءلت مثلا لماذا يبتسم لك أصحاب المطاعم والمقاهي عند قدومك، وهل لاحظت كيف يرحب بك صاحب متجر للثياب المنزلي بابتسامة مدروسة.


حتى أن بعضهم يعتمد الفكاهة مع زبائنه كونها المدخل لكثير من علاقات العمل الحميمة والدائمة، لدرجة أن أحد الباعة كان يعمد إلى حفظ الكثير من الطرائف والنكات والتدرب على روايتها لاستخدامها مع زبائنه اعتقادا منه بأن “الضحك هو أقصر مسافة بين شخصين”.