عضو نشيط
- معدل تقييم المستوى
- 21
الهـــــــدف
لكل منا هدفه الذي يسعى إلى تحقيقه في هده الحياة، و مهما اختلفت الأهداف و تباينت سيظل الأصل فينا أننا لا نقدر أن نحيا من دون شيء نصبو إليه و نتطلع إلى نيله.
حتى و إن بدا هذا الهدف صغير من وجهة نظر البعض و لكننا حين نحققه يتحقق معه احترامنا لذاتنا والثقة في قدراتنا.
و تختلف أنواع الأهداف باختلاف الشخصيات و تنوعها ، فهناك من يهدف إلى تحصيل العلم ، و هناك من يهدف إلى السلطة و الجاه ، و آخر يهدف إلى تحقيق الثروة ، و هناك كثيرين هدفهم نيل تقدير الآخرين و كسب احترامهم، هذا بخلاف الفتيات اللاتي يجتمعن أغلبهن على هدف واحد و هو الزواج و إنجاب الذرية.
و بالطبع نحن هنا بصدد الحديث عن الأهداف المشروعة فقط ، لا الأهداف التي تحركها الشهوات و يشرف على إتمامها شياطين الإنس والجن.
و كما تختلف أنواع الأهداف و تتنوع ، تختلف أيضا سبل تحقيقها، فمنا من يختار السبيل السهل اليسير ليحقق ما يريد و قد يقدم في المقابل الكثير من التنازلات ، و منا من يختار طريقا طويلا شاقا و ذلك ربما ليثبت لنفسه و للآخرين أنه استحق عن جدارة ما وصل إليه في النهاية.
ولكن ،ماذا لو أننا اختصرنا كل الأهداف المشروعة التي يمكن للمرء أن يتمناها و يحققها في الدنيا في هدف واحد؟بالطبع ستكون الإجابة على هذا السؤال بسؤال آخر وهو :وما عساه أن يكون هذا الهدف يا ترى لنحققه فنوفر على أنفسنا العناء و التعب؟الإجابة هي : دخول الجنة!!
و قبل أن نتعجب من هذه الإجابة ، و قبل أن نتساءل :ما دخل الجنة – و هي مكان لا نبلغه إلا إذا انتقلنا إلى الدار الآخرة-بالدنيا و أهدافها ، يجب أن نعي جيدا أن من أراد النجاة و السلامة في الآخرة ، أصلح الله له أمور الدنيا و الآخرة معا. قال تعالى "{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } صدق الله العظيم. النحل97
فقد أعطانا الله تعالى مفتاح اللغز و حل المعادلة الصعبة فإذا بها ليست صعبة على الإطلاق و إنما نحن من لا نفهم ، كمن يقف أمام لوحة ليحاول فهم ما تعبر عنه فيفشل، ليكتشف بعد دلك أنه كان يتأملها وهو واقف على رأسه فيجب عليه أولا أن يعتدل ليراها في هيئتها الصحيحة.
فالعمل الصالح و ابتغاء مرضاة الله به ، هو ما سيجعلنا نفوز بخيري الدنيا و الآخرة فنحيا حياة طيبة في الدنيا و نحظى كذلك بالأجر في الآخرة كما قالت الآية الكريمة.
و في هذا السياق نذكر حديثا رقيقا للنبي صلى الله عليه و سلم يقول فيه:
"من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، و جمع عليه شمله، و أتته الدنيا و هي راغمة. و من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه و فرق عليه شمله، و لم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ، فلا يمسي إلا فقيرا و لا يصبح إلا فقيرا ، و ما أقبل عبد على الله بقلبه إلا جعل الله قلوب المؤمنين تنقاد إليه بالود و الرحمة و كان الله بكل خير إليه أسرع."رواه ابن ماجة
فهذا الذي يهدف إلى تحصيل العلم سيكون الفرق معه كبير لو كان تخطى هدف التحصيل إلى هدف أسمى و هو نشر هذا العلم و إفادة غيره به و ليس فقط إثبات تفوقه على العلماء والتباهي بينهم ، و هذا الذي يبغى الثروة و المال لما لا يحصل عليها عن طريق التصدق على الفقراء و الإنفاق في سبيل الله فيضاعف الله له ماله في الدنيا و يفوز بالجنة في الآخرة قال تعالى : {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } صدق الله العظيم. الحديد11. تلك هي التجارة مع الله و هي مضمونة الربح و لكن بشرط توافر اليقين.
و الشخص الذي يدفعه الحصول على حب الناس و كسب ثقتهم إلى مداهنتهم و تملقهم ، يجب أن يعلم أن أقصر الطرق إلى قلوب العباد هو العمل على إرضاء الله و إسعاده ، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من التمس رضى الله بسخط الناس رضى الله تعالى عنه وأرضى الناس عنه ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم.
و قد قال الشافعي "ليس من أحد إلا و له محب و مبغض ، فإن كان هكذا فكن مع أهل طاعة الله".
أما الفتاه التي تتمنى الزواج فهي بالطبع لها كل الحق في ذلك و لكن يجب عليها أن تتحرى الزوج ذو الخلق و الدين فيحسن معاملتها و يسعدها في الدنيا و يعينها على طاعة الله أيضا ، وينجبا معا ذرية صالحة تبرهم و ترعاهم و تعز الإسلام و تكون لهما سببا في دخول الجنة.
الوصول إلى السعادة يقتضي السير في طريق واحد، قصير و خالي من التعرجات ؛ و هو طريق الهداية.
قال تعالى {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }صدق الله العظيم الأنعام153
المفضلات