عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
الآثـار النفسـية للمعصـية
الآثـار النفسـية للمعصـية
المعصية حدث وموقف أنساني، يولد وينمو في داخل الذات الانسانية، ثم يتجسد ويظهر نتيجة للأختبار والفعل الذي يمارسه الانسان.. ولا يمكن لهذا الفعل والحدث أن يقع في عالم الانسان، دون أن يترك بصماته وآثاره على لوحة النفس الانسانية.. فكل فعل يصدر من الانسان- خيراً كان أو شراً- يترك أثره ونتيجته، واضحة على تكوين الانسان النفسي، وتشكيله الذاتي، وسلوكه الاعتيادي فالذنوب والمعاصي اذا ما تراكمت وتجمعت، صنعت حاجباً ضبابياً، ومحيطاً ظلامياً، بين النفس وبين رؤية النور، وتلمس طريق الاستقامة.. فهناك علاقة طبيعية، بين تراكم المعاصي، وبين التطبع والاعتياد على الانحراف، وتشكيل شخصية انسانية معقدة ومريضة.. فإن الادمان على الجريمة والمعصية، يمتص كل ردود الفعل المعاكسة، التي يبديها الضمير والاحساس الانساني اليقظ، ويسخر حركة النفس كلها، بأتجاه الفعل الشاذ والمنحرف، نتيجة للتكرار والاعتياد.
وقد تحدث القرآن الكريم، عن هذه الوضعية الانسانية المنحرفة، ولخص تحليلها وأسسها النفسية، وابعادها السلوكية، قال تعالى: ( في قلوبكم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون). (البقرة/10)
(كلا بل رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون). ( المطففين/14)
(فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين). (الصف/5)
(ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أواشد قسوة). ( البقرة/74)
فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الانبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون الأ قليلاً). (النساء/155)
فهذا التحليل القرآني، يمنح الانسان رؤية علمية، ويبصره بأثر المعصية على النفس الانسانية ويحذره من المردودات السلبية، التي تنعكس على النفس، وتحول الشخص السوي الى شخص مدمن على الجريمة، معتاد على المعصية، لا يفرق بين قتل النفس المحرمة وصيد الطائر المباح، ولا يميز أن يعيش على السرقة والغش وبين أن يكسب من عرق وعصاره جهده.. ولا يعنيه أن يبيع كرامته، أو يسقط حرمة نفسه لقاء ثمن بخس لا يزيد على ملء بطنه.. أن مثل هذا الشخص سيوغل في المعصية، ويتمادى في الجريمة، حتى يتحول الى مجرم معتاد، يحب الجريمة، ويتلذذ بأقترافها، ولا تستريح نفسه الأ بممارستها.
لذلك تحدث القرآن عن أخطار الأثار الانحرافية، الناتجة عن ممارسة المعاصي، والاستمرار عليها، فكشف عن أكثرها خطورة وتأثيراً، وهي:
(الزيغ – المرض الرين – القسوة – الطبع على القلب). فالأنسان اذا ما اعتاد على ارتكاب الجرائم والاثام، أثر ذلك قلبه، وتراكمت عليه، وحالت بينه وبين الرؤية السليمة، فلا يبصر الاستقامة، ولايتسسيغ حياة الفضيلة لذلك وصف القرآن الكريم هذه النفوس المجرمة بأنها نفوس مريضة، وعليها حجاب أو مطبوع عليها، أي متشكلة بموجب السلوك الاجرامي، وطبيعة الانحراف الذي اختارته تلك القلوب طريقاً في التعامل والتصرفات. وقد جاء حديث الامام الصادق (ع) في أثره المعصية على الشخصية الانسانية كاشفاً ومفسراً لمضمون هذه العبارات القرآنية وموضحاً لها.
قال (ع) : (ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، أن القلب ليواقع الخطيئة، فما تزال به حتى تغلب عليه، فيصبر أعلاه أسفله). لذلك أمر الانسان المسلم أن لايستهين بذنب، ولا يستصغر معصية، وأن يحاسب نفسه ويستغفر، كلما أذنب أو عصى، لتتسع المسافات والابعاد النفسية بينه وبين المعصية، وليبقى يقظ الضمير، حي الاحساس، سليم النفس، مستقيم السلوك.
life is either bold adventure or nothing at all
المفضلات