رغم أن السطور التي دونت في هذه الصفحة طويلة نوعا ما وأختزلت بعضاً منها منعاً للإطالة لكنها رائعة بما تحتويه
فأتمنى أن تستمتعوا بقرائتها كما إستمتعت بمعانقة محتوياتها ..


لو سأل أي منا عن ماهو الرضى عن الذات ؟؟فما هي إحتمالات الجواب !!


قد تختلف الأجوبة بإختلاف توجهاتنا والبعد النظري لكلاً منا
وستعرفون الإجابة في نهاية السطور.


عند الحديث عن الرضى عن الذات ، فإننا حتماً لا نتحدث عن ذات واحدة ،
بل لكل شخص ذاته ، والتي هي تختلف عن ذات غيره ، الإنسان رُكب من
حاجات ورغبات وآمال ، وحاجة شخص ورغباته وآماله ، تختلف عن حاجة
شخص آخر ورغباته وآماله ، وإن كانت تتوازى (حاجة مع حاجة ، ورغبة
مع رغبة ، وأمل مع أمل ) حيناً ، وتتعاكس حيناً آخر ، ولا يهم هذا في شئ ،
المهم أنت ماذا تريد ؟، وماذا تحتاج ؟الخيار لك ، وأنت على مفترق طرق ، تريد أن تكون رقما مؤثراً في معادلة الحياة ،
تتأثر به إن حضر أو إعتذر ، أو تختار أن تكون صفراً مهملاً في أقصى ناحية
الحياة اليسرى ، تحط رحالها الحياة وترحل ، ولا يحس بك أحد .


ربما يحسن هنا أن تجري إختباراً بسيطاً تعرف عبره قدْرَك في الحياة .
ولتبدأ بمعرفة قدْرك في محيطك ومجتمعك ، وذلك بأن ترصد تأثير حضورك
وغيابك عليه . حين تغيب عنه ، هل تُفتقد ؟ هل يفتقدك جيرانك وخلانك وغيرهم،
وهل حين تعود ، تجد أن فلان سأل عنك ، وأن علان إتصل بك ، وهل حين تفتح
جوالك تجده يحوي كمّا ً من المكالمات التي لم يرد عليها ، والرسائل التي لم تُقرأ .
إن وجدت هذا ، فأنت ذا حضور واضح وتذكر أن يكون الحضور حضوراً إيجابياً .


أما إن عُدت ولم تجد من سأل أو إتصل ، فإن وجودك في مجتمعك - بل وفي
الحياة كلها – كعدمِك ، فأنت لا تزيد في الحياة شيئاً حين تحضر ،
ولا تؤثر فيها حين تغيب ،
وهنا يتجلى قول القائلين : ( إذا لم تزد في الحياة شيئاً كنت زائداً عليها ) .


" إذا أردت عرفت وإذا عرفت عملت وإذا عملت وصلت وإذا وصلت فأنت أنت "
بهذه العبارات تتلخص المسألة ، فلو أردتَ أن تكون شيئاً في هذه الحياة ،
فإنك سوف تعرف ما تريد أن تكون ، مما يدعوك إلى العمل لتحقيق المراد ،
حتى تصل إليه ، وحينها (فأنت أنت ) أي أنت ما أردت أن تكون .


وإذا أردنا أن نلخص مسألة تحقيق الذات في نقاط.
1- يجب أن تتوفر لديه الإرادة التامة لأن يكون ما يريد .
2- أن يحدد في نقاط واضحة مكتوبة ما يريده بالضبط .
3- أن يعمل على تحقيق ما أراد وفق خطة مكتوبة ، محددة بزمن .
4- التحلي بصدق الإرادة ، والتوكل على الله ، والعمل الدؤوب ،
والثقة بالنفس ، والمرونة .قلنا أن لكل إنسان حاجاته ورغباته وقدراته الخاصة وهي التي ينبغي أن يعتمد
عليها حين يمسك بريشته ليرسم صورته التي يريد ، فمن لا تنزاح نفسه تجاه
التجارة ، لا ينبغي له بحال أن يضع ضمن ما يريد أن يكون تاجراً ناجحاً ،
وهذا مثال في باب الرغبة ، أما في باب القدرة فلا ينبغي لقعيد أن يطلب أن يبدع
في مجال الصناعة ، أو أبكم أن يكون خطيباً ، فللناس قدرات متفاوتة ، والرغبة
رهينة القدرة ، وإلا كنا كمن يعتلي مركبة دون عجلات ، ويصر أن يقطع بها المسافات ،
فلا هي تسير ، ولا هو يبرح مكانه .


التقليد في شأن ِ بِناء الذات ، أمر غير محمود ، إلا في بعض الجوانب فقط ،
فلن تكون من تريد تقليده أبداً ، فأنت سعد وهو سعيد ، وإن إجتمعت فيكما
خلال ، إختلفت خلال . فكن أنت ، ولن تكون حتى تخرج من عباءة غيرك .


ربما يسأل سائل ، هل ما أريد أن أَكوْنه اليوم يختلف عما أريده غداً ؟
هذا صحيح ، فإن أبن العشرين ، له أهدافه وتطلعاته ، والتي بالضرورة تختلف
عن تطلعات إبن الثلاثين أو الستين مثلاً . كما أن أهداف من في الوطن
تختلف عنها حين يكون في المهجر مثلاً . فللمكان وللزمان بصمة
واضحة في إرادة المريد لما يريد .


أما العقبات والمثبطات فيمكن تخطيها بالعزيمة والشكيمة والمرونة ،
فإذا وصلت حائطاً مسدوداً فلا تنطح برأسك الصخر ، وترى في ذلك إصراراً
وتصميماً على الهدف ، بل علك لو إنحرفت يميناً أو يساراً ، وصلت غايتك أو
غاية تماثلها ، وكنت قد وفرت على نفسك مشقة ما كانت لتأتي بشئ غير العناد ،
ولعلك وبعد فترة من الزمن ومن موقعك الجديد ، إستطعت أن تلتف من طريق
فرعي ، فتصل إلى الغاية السابقة ، وبوقت وجهد أقل .


القناعة ، كما أنها كنز لا يفنى ، قد تكون في مثل حالتنا هذه ،
كلاليب مثبطة تخلد بصاحبها إلى الأرض ، فلو رضي المرء بنزر
يسير من تحقيق ذاته ، حتى وإن كان له تأثيره الجيد في مجتمعه ،
لكنه رضي به ولم يسعى إلى تطويره ، فإن الزمان سيأكل عليه ويشرب ،
وستدور الحياة من حوله بسرعة ، بينما هو يسير فيها سير السلحفاة ،
حينها ستتجاوزه الحياة ، وإن بقي له تأثير فيها ، سيكون تأثيراً باهتاً
يكادُ أن لا يُرى .
الأسماء الكبيرة والعناوين العريضة ، ينبغي أن لا تغرينا كثيراً ،
إذ ليس من الضرورة أن تؤثر حين تكون مؤثراً ، حين تكون طبيبا أو مهندساً
أو أي من تلك الأسماء الكبيرة ، وليس من الضرورة أن تحقق ذاتك وترضى
عن نفسك وإن كنت واحداً من هؤلاء ، بل قد تحقق الرضا والتأثير ،
وإن كنت في مرتبة أدنى من ذلك بكثير ، وإن نظر الناس إلى تلك
المنزلة بنظرة الوضاعة . وإليكم مثلا في رجل شِبه أميٍّ لكنه مُصلحاً
يمشي بين الناس في الخير ، يتعب نهاره ويسهر ليله في التوفيق بينهم ،
ويحل مشكلاتهم ، وله أيادٍ بيضاء على كل بيت –تقريباً- في مدينته ،
بل وفي المدن المجاورة ، ورغم أنه يبذل وقته وماله لتلك الغاية التي
أراد لكنه في غاية السعادة والرضى . بينما إبن أخيه طبيباً رجل
لا يعرف إلا عيادته وبيته ، وهو يخبرني أن لا علاقات له ، ولا أنشطة ،
ولا أراه راضياً . وأرى أنه لو خرج من البلد ما إفتقده أحد ،
لكن البلد تقوم قومة رجل واحد لو إفتقد عمه المصلح .


وصلنا للنهاية ولسطور الإجابة


ماهو الرضى عن الذات ؟؟


واليكم الإجابة كما دونها صاحب هذه السطور


ان يعرف المرء بالضبط ماذا يريد.
ان يحدد موقعه الحالي ، نظرا الى ما يريد .
وضع خطة لجسر الهوة بين ما وصله حتى اللحظة ، وما يصبو إليه .


الطريق شاق ، لذا وجب حمل الزاد ، وأفضل ما تحويه الجعبة
: التوكل على الله ، الثقة بالقدرة على تحقيق الهدف المنشود ، المرونة .




أتمنى أن تكون السطور راقت لكم ..