في جميع الأمراض النفسية، يتحدث علماء النفس، عن دور عملية الإيحاء الذاتي في معالجتها، ذلك لأن الإيحاء الذاتي عملية نفسية من نفس جنس تلك الأمراض، فهي أقدر على مواجهتها.. بل حتى بعض الأمراض الجسمية، يستعين الأطباء بالإيحاء الذاتي لمساعدة المريض على تحمل وتجاوز مرضه..



ويقصدون بالإيحاء الذاتي أن يتحدث الإنسان في داخل نفسه، أو بصوت مسموع، عن قدرته على الشفاء، وتجاوزه فعلاً للمرض..



فإذا كان يعاني من مرض الخوف... فليكرر في نفسه، أو بصوت مسموع، أنه قادر على تجاوز الخوف، وأنه بالفعل شجاع وبطل.. تكرار هذه العملية يوجد عند الإنسان تصميماً ذاتياً على تجاوز الخوف. وشعوراً بتحقق ذلك، يدفعه إلى التصرف وكأنه لم يعد يعاني من الخوف فعلاً.. وتصديق الإنسان بانتصاره على المشكلة، إذا ما دفعه لاقتحامها فعلاً، فإن ذلك سيكون بمثابة خطوة جريئة وعملية للانتصار والنجاح الحقيقي في الواقع الخارجي..



فمثلاً: إذا كنت أعاني الخوف من عملية تسلق الجبال، ولكن أوحيت لنفسي مراراً وتكراراً بقدرتي وتمكني من القيام بعملية التسلق بنجاح.. فإن شكي في قدرتي على ذلك، وبالتالي تخوفي، سينقلب إلى رغبة في ممارسة القناعة الجديدة التي توفرت في نفسي، وهي القدرة على التسلق.. وإذا ما مارست عملية التسلق بالفعل، فإن هيبتها ستنتزع من نفسي، ولن يبق فيها شيء اسمه الخوف من تسلق الجبال...



هكذا يكون الإيحاء الذاتي مؤثراً وفعالاً في تحدي المشاكل والأمراض النفسية. وينصح علماء النفس: بممارسة عملية الإيحاء الذاتي قبيل النوم، وعند الاستيقاظ منه، بعد أن يتنفس الإنسان تنفساً عميقاً، ليخرج كل ما في رئتيه من الهواء، ويستنشق هواءً جديداً، ويكرر الإنسان في نفسه أو بصوت مسموع، أنه قادر على تجاوز تلك المشكلة، وأنه تجاوزها بالفعل (أنا قادر على تجاوز الخوف، أنا شجاع بطل....) في فترة تتراوح ما بين عشر دقائق إلى ساعة كاملة..



ولعل النصائح الإسلامية بتكرار بعض الأدعية والأذكار والأوراد، تهدف إلى إحداث مثل هذا التأثير في نفس الإنسان، فهي نوع من أنواع الإيحاء الذاتي.. فمثلاً في صلاة الليل يُستحب أن يكرر الإنسان هذه العبارة مرات: (( هذا مقام العائذ بك من النار )) وأن يردد سبعين مرة هذه العبارة: (( أستغفر الله ربي وأتوب إليه )).



إن تكرار هذه الأذكار نوع من الإيحاء الذاتي، الذي يدفع الإنسان إلى التصميم على تحويل ذلك الذكر إلى ممارسة وسلوك خارجي..