درجات مختلفة من الغضب:


الغضب انفعال في المقام الأول، ولكن لكل غضب درجته من الحدة والقوة، كما أن الغضب يمكن أن ينتج لدى كل إنسان بمؤثر مختلف عن الآخر، وهذه مجموعة من أشكال ودرجات الغضب المختلفة:




1- التمرد:


"التمرد هو استذهان الغضب (إعطاء الغضب طابعا عقلانيا)"، ووفقا لما قالته ستيفان روزيناك: فنحن في العموم نتمرد عندما نقع تحت ظلم بين، أو نرى غيرنا يتعرض لهذا الظلم، وهذا التمرد الناتج عن السخط والعجز في بعض الأحيان يتيح حدوث اتصال مع التمرد لتحديد احتياجات الفرد، وقيمه في بعض الحالات فالتمرد هو دعوة لإيجاد حل في الحالة التي تكون فيها المخاطر كبيرة.




2- الغيظ:


يرتبط الغضب بالعجز في حالات الغيظ، ونحن نشعر أننا تحت رحمة شخص أو وضع ما مثل الغضب، كما يخبرنا الغيظ أن هناك عقبة أمام شعورنا بالارتياح.


لكنه بالإضافة لذلك يؤكد عجزنا أمام هذا العائق، ونحن نعتقد أننا بدون وسائل نساعدنا أمام تلك العقبة، وهذا الشكل من عدم القدرة على التصرف بفعالية يحول طاقتنا العدوانية إلي غضب أكثر أو أقل تدميرا.

ويمكن أيضا أن يكون الغضب ناجما عن الفشل في القدرة علي التوصل إلي حلول مع شخص ما، وهذا يحدث في حالات محددة جدا، فعلى سبيل المثال عندما نحاول التأثير على شخص أو تغيير سلوكه، ولكننا نجد رغم الجهد المبذول أنه ليست هناك فائدة فلا شيء يتغير، ذلك النقص التام للسلطة على هذا الشخص أو الموقف يؤدي إلي الغيظ.

ويختلف الغيظ عن الغضب في أن درجة العنف به والتي تحدث نتيجة للسخط تشتمل على رغبة في التدمير تكون كبيرة جدا.



3- الإحباط ، والإنزعاج والسخط :


هذه الأشكال المختلفة من الغضب لا تحفز على درجة كبيرة من العدوانية، فهي تدل على الشعور بالإحباط ولكن ليست مرتبطة مع العنف.

وفي حالة عدم الارتياح، سنكون أكثر استعدادا للتواصل والبحث عن حل، أما الإحباط والتهيج، أو الضيق، فإنه يزيد من حساسيتنا العصبية والعاطفية.



4- الهياج:


مع تكرار المواقف المحبطة وزيادة مصاعب الحياة يتحول الغضب لدي بعض الناس إلي حالة من الهياج حيث يرغب الشخص في تحطيم كل ما ومن أمامه، وقد يحدث هذا الأمر في ثوان معدودة أو أكثر وفقا لدرجة تحمل الشخص للاستفزازات وطبيعة هياجه، في هذه اللحظة يكون الشخص خارجا عن نطاق الوعي وتتلقفه الشياطين، وقد يرتكب أشنع الجرائم دون أن يدري للتنفيس عن غضبه، فإذا أفاق لا يكاد يصدق ما بدر منه.




العديد من الموارد المحركة للغضب:


جميع العواطف تحرك بداخلنا اضطرابات مادية، والغضب مثل الخوف، والفرح أو الخجل ينشأ عندما نكون تحت ضغط معين.

فتكون النتيجة أن أجسامنا تستخدم الكثير من الموارد، فتتسارع دقات القلب، ويزيد تدفق الدم والحساسية العصبية بشكل كبير، ويقف الشعر، ويحمر الوجهه ونواجه تصريف هرموني قوي.
ومع مرور الوقت، قد يكون لهذه النوبات من الغضب تأثيرا ضارا على الجسم ويسبب قرحات المعدة ومشاكل القلب، والضغط والشرايين.
أما على المستوى النفسي، فإن الغالبية العظمى من الناس لا يواجهون هذه العاطفة، وهم قادرون على إدارة الغضب وتخفيفه في حياتهم اليومية، وفي هذه الحالات ليس للغضب أي تأثير على العلاقات الاجتماعية والمهنية.
"وبمجرد انتهاء الغضب ننسي كل شيء، ولا نتذكر أي شكل لمزيد من المشاكل وراءه"، وفقا لرؤية ستيفان روزيناك.
وللأسف بالنسبة للبعض، قد يكون الغضب مصدرا حقيقيا للصراع والمعاناة فهؤلاء أشخاص يوصفوا بكونهم "غضوبين"، وبالنسبة لستيفان روزيناك "الشخص الغضوب يحد للغاية من علاقاته الاجتماعية، والاستخدام الكثير للغضب يعني أننا نستخدم مواردا كثيرة جدا وهو ما يؤدي بنا إلي الدخول في المزيد من التجارب العاطفية السلبية".
وفي كتابه يشرح "ديديه بلو" لماذا يتجاهل الغاضبون، باستمرار حقيقتهم، حيث يكون لديهم ميل واضح للمبالغة في مضايقات الحياة اليومية، وبالتالي تضخيم الإحباط البسيط إلي عاطفة غير متناسبة، مما ينتج عنه غالبا الصراع والعدوان داخل الأسرة، أو بين الزوجين، بل والشركات أيضا.



التعبير عن الغضب:


هل ينبغي علينا أن نحتفظ بالغضب داخلنا، مع العلم بأن عدم التعبيرعن التوتر يجعلنا أكثر عرضة للخطر؟

تقول ستيفان روزيناك: "إن كثيري الغضب معتادون على هذا النمط من الاتصالات عن طريق التعليم الذي بلا شك قد شجع عادة الغضب هذه، وعلي نقيض ذلك من المستحيل الآن إنشاء أي سبب وراثي للغضب".
وبرغم ذلك ففي وسط بيئتنا المحيطة، نحن جميعا نعرف شخصا أكثر تفاعلية من المعتاد، وكثيرا ما يقال عن هذا الشخص أنه "ساخن الدم" أو "حاد الطباع" ، كما أنه في بعض الأحيان يخفي انعدام الثقة بنفسه أو قلقه المتزايد.
ويبقي أن نشير إلي أن الشخص الغضوب يعاني أيضا من سلوكه.. في الواقع، فإذا كان الغضب يجري بشكل زائد دائما فهو لا يجلب أي خير، وغالبا ما ينطوي الشخص على نفسه باستمرار ويخفي غضبه في حالات الإحباط الشديد.
وتعلق ستيفان روزيناك على ذلك قائلة: "وهذا الأمر له أثار سلبية ويزيد من الشعور بالإحباط، ويسبب بالتالي نتائج سيئة للغاية، فعدم التعبير عن التوتر قد يؤدي بالشخص لأن يكون أكثر عرضة للخطر".



الكشف عن القوة والسلوك:


يذهب "ديديه بلو" أبعد من ذلك، فإذا كان يقر بأن حالات الغضب المبررة نادرة، لكنه يلحظ مع ذلك في بعض الحالات، أن الغضب يمكن أن يكون مؤشرا على القوة والشخصية.

ومن ناحية الطاقة، يطرح عالم النفس هذه المسألة ذات الصلة: "من أين يستمد شخص رياضي القوة ليتغلب على العدو ويهزمه ..؟؟".
إن كل رياضي يحتاج في الواقع لأن يشعر بنوع من العدوانية للوصول إلى هدفه الذي حدده، ومن هنا أيضا يأتي التعبير عن الغضب لتحقيق الفوز في المدرسة أو العمل حيث يطلق التوبيخ أو النقد نوعا من الغضب الذي يمكن أن يصبح بعد ذلك تحفيزا يدفعنا لأن نكون أفضل.
ومن الناحية النفسية، يمكن أن يؤدي الغضب إلى ردود فعل إيجابية جدا في سلوكنا، ولكن مع هذا لا ينبغي أن يطغي علينا، وبالتالي يكون الغضب دائما خاضعا للسيطرة.



عدم الصبر:


كثير من الناس يفقدون صبرهم أمام عجلة القيادة، وتقول "آم" أنها تقر مع ذلك بهذا النوع من الغضب الغير ضروري: "إنه غبي تماما، وغير عقلاني وغير متسامح، ولكن أعدك أن هذا هو السلوك الوحيد الذي لن أتبعه".

ومع ذلك بالنسبة للبعض، هناك ردود فعل يمكن أن تكون شديد الخطورة باتجاه سائق سيارة متقاعس، تقول سيلين: " أظل أصرخ وحدي في سيارتي، أزمر أو أومض ولكن الناس لا يهتمون".



عدم الكياسة:


عدم وجود الكياسة يسبب الغضب أيضا مثل رؤيتنا لطفل سيء الخلق، أو ورقة ألقيت على الرصيف، أو شخص فظ.

وحول هذه النقطة، تقول فيفيان: "أنا أشعر بالاشمئزاز، أو أظل أغلي بداخلي، كما يفور الحليب، أشعر بالأدرينالين في ذروته بداخلي، وأشعر أنني يمكن أن أصبح عنيفة، أصرخ وأوجه السباب لمثيري الشغب الذين يدورون حولي وقاطعي الانسجام، والأشخاص الفظاظ، والأشخاص الأنانيين، وأمام الأخطار العامة".
وممن لا يسيطرون علي هذا الغضب، مارتين أيضا والتي لم تجد الوصفة الشافية من الغضب فتقول: "أنا لا أسيطر على نفسي وهذا النوع من السلوك يجعلني خارج شعوري بالإضافة إلي أنني غير صبورة بطبيعتي، ولكن يمكنني التحكم في نفاد صبري بالغمز واللمز وحدي، وعلي النقيض إذا كان الشخص المعني والذي يدفعني لعدم الصبر رجل قوي البنية، أعترف بأنني لا أجرؤ على مواجهته خوفا من رد فعل قوي من جانبه".



غضب غير عادي:


البعض منا يغضب لأسباب محددة للغاية، الأمر الذي قد يبدو في بعض الأحيان تافها للآخرين، فـ"كريستيان" على سبيل المثال ، لا يمكنها أن تتحمل رؤية الناس الذين يبصقون فتقول: "عندما أري شخصا يبصق على الأرض أجد هذا مثيرا للاشمئزاز"، وبرغم هذا، فجميع الرياضيين يبصقون علي الأرض وهم على الهواء مباشرة دون خجل من شاشات التلفزيون.

"أما بالنسبة لنيكول، فتخبرنا أنها لا تفهم لماذا يسيء البعض في استخدام الكلمات الإنجليزية فتقول: "إن أسوأ شيء هو استخدام كلمات في غير معناها كما تفعل هذ المجلة، إنهم يستخدمون كلمة (people) عندما يريدون أن يشيروا إلي العكس تماما وهم (المشاهير)، فالشعب هو الناس وإذا كنت تريد حقا أن تستخدام الكلمة الإنجليزية، فالكلمة الصحيحة هي (المشاهير) أو (celebrities).



كيفية إدارة الغضب..؟؟



- تعلم كيف تتخلص من أسباب الغضب:



في كثير من الأحيان حيال مواقف غير سارة، نميل إلي أن تجرفنا عواطفنا، ولتجنب أن تكون لهذه الأخيرة الأسبقية في عقلنا وأخلاقنا، من المهم أن نخطو الى الوراء.




- ابتعد تماما عن:


1- القفز إلى استنتاجات متسرعة دون أدلة.
2- التعميم.
3- الحد من نجاحاتك.
4- تعظيم الفشل.
5- تخصيص جميع الحالات.
6- الحكم دون تفرقة.




- أعط نفسك وقتا للتهدئة:



روض غضبك باليوجا أو بتدريبات التنفس البسيطة، فاليوجا وسيلة ممتازة للسيطرة على غضبك.


بعض الناس الذين يستجيبون لمزاجهم للغاية، لديهم ميل واضح للرد على أدني حدث، وهذا الغضب المفرط في كثير من الأحيان يضر بالشخص الذي يتسم به وبمن حوله، فإذا كنت واحدا من هؤلاء الناس المندفعين قليلا، فلا تتردد في الاشتراك في اليوجا أو الاسترخاء، وأعط لنفسك أيضا لحظات من الهدوء والسكينة في بيئة مواتية للاسترخاء.

ويمكن للصمت المصاحب للتنفس البطيء أن يساعدك على إخراج عواطفك وهكذا تتفاعل بحيوية أقل في الحالات الغير سارة.

خذ علي سبيل المثال عارضة الأزياء ناعومي كامبل التي قالت أنها كانت تمارس اليوجا بشكل مكثف لأكثر من ثلاثة أشهر، حيث تقول: "لقد عشقت التدريب على الاسترخاء، والآن إذا صدر تصرف ما من أحد الأشخاص، يجب علي أن أسأل نفسي (هل هذا الأمر يستحق الرد؟) وهذا جزء من شفائي أحاول أن أكون هادئة".



- اللجوء للكتابة:


كتابة الغضب على قطعة من الورق يمكن أيضا أن يكون وسيلة جيدة للحد من العدوانية.




- لا تتردد في البوح بما تشعر:


إن البوح بما نشعر يتيح لنا خفض عواطفنا ومجرد ذكر ما يغضبك، يساعدك علي التخلص منه في غضون ثواني، وبهذه الطريقة عند تعرضك لموقف ضاغط، لن يجعلك تفقد كل ما تبذله.

ومن الطرق الميزة أيضا إجلاء الإحباط والقلق، حيث يجب عليك أن تتعلم ألا تقمع عواطفك؛ لأن الإسرار بكل ما تشعره من الاستياء في نفسك خوفا من أن يحكم عليك بأنك غير سوي، أو انخفاض قدرك، هو أفضل وسيلة ليصبح "قنبلة موقوتة" يمكن أن تنفجر في الوقت الخطأ.



- تقبل أو اترك:


هناك مواقف حيث يحب الجميع السيطرة على النفس وعلي الآخرين، وعلى الأشياء بمختلف أشكالها، وللأسف بعض الأشياء لا يمكن تغييرها، أو على الأقل لا نستطيع أن نمارس أي تأثير عليها.

وعند مواجهة هذه المواقف، يمكننا أن ندرك أيضا أن هذه الحالات غالبا ما تكون غير مؤذية، وأخيرا فإننا سوف نفقد طاقة أقل عند قبولها بدلا من محاربتها.
فمثلا لا معنى للغضب حيال عيوب خاصة بصديق، كما أنه لا جدوى من الخروج عن الشعور عند تعطل آلة الغسيل، فقبولمثل هذه الأمور يسمح لنا بالمضي قدما.
وعلي النقيض من ذلك، عندما يكون من الصعب جدا تحمل الموقف، فلا تغرق في الشكوى؛ لأنه في هذه الحالات يكون البديل الأخير هو ترك الوضع الغير مرغوب فيه، وفي بعض الأحيان من الأفضل عدم الإصرار علي محاولة تغيير الأمور بأي ثمن.



- زد من احتمال الإحباط:


يري ديديه بلو أن وسائل الراحة الحديثة تجعلنا أكثر عرضة للإحباط، لذلك يرى أن تطوير مقاومتك أمام الإحباط ستكون من خلال استخدام وسائل الراحة الأساسية أو رحلة مرتجلة في بيئة طبيعية، خالية من وسائل الراحة الحديثة.




نصائح سريعة للتغلب علي الغضب:



هذه خطوات بسيطة تساعد في السيطرة على الغضب, وعند اعتيادها تصبح وسيلة سهلة تجنب الإنسان العديد من المشاكل التي لا تحمد عقباها:


- تمارين الاسترخاء، اليوجا، العلاج، الاسترخاء، الرياضة بصفة عامة، وكلها وسائل للسيطرة على نوبات الغضب العصبي.
- خذ نفسا عميقا لعدة دقائق.
- فكر قليلا فيما ستقوله وحاول انتقاء كلمات أو ألفاظ لطيفة نوعا ما، وفكر سريعا في ما يمكن أن تحدثه الكلمات السيئة من أثر على من يحاورك أو على الآخرين على المدى البعيد، فلا أحد ينسى الكلمة البذيئة كما أنها قد تحدث أثرا في النفس أكثر من الضرب المبرح.
- حاول طلب وقت للتفكير بالموضوع إن أمكن.
- إذ استطعت المشي في مكان عملك أو في الخارج فإن هذه الطريقة تساعد على تخفيف التوتر وعلى اتخاذ قرار أسلم نوعا ما.
- حاول أن تجد منفذا فيزيائيا ملموسا، مثل الضغط على كرة مطاطية أو الضرب على كنبة مثلا (أي شيء يستطيع امتصاص الغضب والتوتر).
- تجنب حك الوجه والشعر ونتفه, فهذه طرق مؤذية للنفس وغيرنافعة.
- تحدث الى شخص مقرب لك، فعلى الأغلب هذا الصديق سيحاول تهدئتك بطريقة مثالية.
- إذا استطعت مناقشة السبب الجذري وراء غضبك مع شخص تشعر معه بالراحة فهذا أمر مفيد جدا.

- حاول الاستماع إلى تلاوات أو ترانيم دينية، أو بعض الموسيقى الهادئة.


- فكر في أبعاد المشكلة وأثرها على المدى البعيد, فإذا استطعت الموازنة بين السلبيات والإيجابيات لغضبك فذلك سيساعد في تهدئة أعصابك واتخاذ قرار صائب أكثر.



- ضع حركتك في العقل والذكاء العاطفي.
- اكتب ما يثيرك على ورقة وحاول التفكير بتروي عن طريق الكتابة.

إذا لم تفد هذه الطرق جميعها أو ما ينصحك به الآخرون, فأنت على الأغلب بحاجة لمراجعة طبيب مختص أو طبيبك مبدئيا فهذا الأمر سيجنبك مشاكلا صحية, نفسية ومادية عديدة.