عرف نفسك" كلمة قالها سقراط في القرن الخامس قبل الميلاد وإلى الآن تتردد هذه الكلمة عند الحديث عن الطرق المثلى للتخطيط أو حل المشكلات أو الاستثمار أو النجاح بصفة عامة. وذلك لأن الوعي بالذات هو عنصر رئيسي للتفكير الموضوعي وهو المفتاح لتطوير الذات. أن تعرف نفسك هو أن تكون واعياً لنقاط القوة والضعف عندك، أن تعرف ما يمكنك عمله وما يجب عليك تعلمه، أن تراجع تصرفاتك وأفكارك وتبذل الجهد اللازم لتنمية الحسن والتخلص من الخبيث منهما.

يخطئ من يحسب أنه يعرف نفسه تمام المعرفة، فالوعي بالذات يحتاج الى تدريب وممارسة وادراك كما يحتاج إلى قدرة على التحليل وتقبل النقد من الآخرين بل ونقد الذات. ولنتمكن من ذلك، هناك بعض الطرق التي يمكن أن نسلكها، مثل :

1- التأمل : أن نتوقف لدقائق ونراجع تصرفاتنا ونحاول الوصول للدافع وارءها وما يمكن حدوثه اذا ما تصرفنا بطريقة مختلفة وبفكر مختلف.

2- المقارنة : وهي مراقبة سلوك شخص ما تجاه موقف معين ثم نتخيل أنفسنا في نفس الموقف ونقيم أي السلوكين أفضل ولماذا.

3- الاستفادة من آراء المقربين : الاستماع لآراء المقربين بل وسؤالهم عن تقييمهم لمنهجنا في التفكير.

4- مراجعة المسلمات : حتى لا نقع في فخ الجمود الفكري، علينا مراجعة أفكارنا المتوارثة والمتعارف عليها اجتماعياً والتحقق من مدى صحتها في ضوء التغييرات الزمنية والثقافية والمعلوماتية المتجددة دائماً.

5- نبذ التحيز: أن نتعامل مع الأفكار لقيمتها وليس لقيمة مصدرها فنتساءل: لو كان مصدر هذه الفكرة شخص آخر، هل كنا سنقبلها أو نرفضها بنفس القوة؟

وبمعرفة الذات سنزداد ثقة في قدراتنا ونتمكن من مواجهة المواقف الصعبة واتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب، سنعطي كل امرء قدره ونتواصل مع الآخرين بصورة أفضل .

أما في غياب هذه المعرفة فسنظل سجناء لأفكار ومعتقدات خاطئة قد تؤدي لإنكارنا للواقع والحقائق مهما كانت واضحة. ولنتذكر قول الرئيس الليبي الراحل "هناك مظاهرات في ليبيا ؟، كلها مظاهرات تأييد"[1]. فلو كان واعياً لذاته لما احتسب الثورة تأييداً ولنبذ أفكاره البالية عن مآثره وفضله وعمل على تصحيح أخطائه وكما قال كونفوشيوس "المعرفة الحقيقية هي أن تعرف مدى جهلك".