يتألف الفكر من عاملين رئيسيين هما الواقع والإحساس.والإحساس يكون موجود في الإنسان والحيوان على حد سواء. فمن الممكن ان يرفض الطفل مثلا أكل حجر, بينما يتسارع لأكل تمر وكذلك الحيوان, ذلك يسمى إدراك غريزي وليس فكر (عند الحيوان)تحكم في ذلك إحساس مسبق. بينما في الإنسان فانه يربط ذلك مع معلومات سابقة ثم التحليل والربط. وبذلك توفر مايلي:

( إحساس- دماغ – معلومات سابقة – واقع ) أي حكم على واقع.

ومن هذا التعريف فالفكر هو حكم على واقع.. واذا لم يجد واقع يسمى خيال. فعلم اللاهوت هو علم يبحث في الذات الإلهية ولا يستند على واقع فهو من الخيال لان الواقع غير موجود وممكن ان يوصل إلى الخرافات أو إلى الكفر.

أما المعلومات السابقة فهي معلومات تكونت في السابق – وقد تؤخذ عن تجربة وخاصة فيما يخص الغرائز.

أما الواقع- فهناك لابد من التمييز بين:-(وصف الواقع ) و (اصدار الحكم علية).

مثال: في معركة صفين عندما رفع العدو كتاب الله وقالوا كتاب الله بيننا وبينكم , فقال الإمام علي (ع) ( كلمة حق أريد بها باطل) وهنا (كلمة حق) – هي وصف واقع-(اريد بها باطل)- اصدار حكم على واقع

وذلك هو الفكر , أي حكم على واقع. وهو على انواع:-

أ*- فكر سطحي يتاتى من معلومات أولية وإحساس أولي أو سطحي .

ب*- فكر عميق لايكتفي بالمعلومات الأولية ولا بالإحساس السطحي بل يركز على استحضار كل المعلومات والتركيز لإصدار الحكم. ويبقى الحكم قاصرا طالما يدور في ذات الشيء نفسه وليس بما حوله للوصول إلى ماوراء الشيء وهو الخالق المدبر.

ت*- فكر مستنير وهو فكر عميق مع البحث في الشيء وما حوله وما يتعلق به للوصول إلى النتائج الصادقة.


المفهوم:-

# المفاهيم هي معاني الأفكار وليس معاني الكلمات أو الألفاظ. فإذا كان لمعنى اللفظ واقع محسوس ومدروك ,أصبح ذلك اللفظ مفهوم.لذلك يجب تلقي الكلام تلقي فكري سواء المسموع منه او المقروء وإدراك واقعه ليصبح مفهوم.

او المفاهيم هي المعاني المدرك لها واقع في الذهن سواء كان واقعا محسوسا في الخارج ام واقعا مسلم به انه موجود في الخارج تسليما مبنيا على واقع محسوس.

وفي حالة كون المعنى خالي من الواقع المدرك او المحسوس يسمى معلومات فقط ولا يسمى مفهوم.وعلية تتكون المفاهيم من ربط الواقع بالمعلومات او المعلومات بالواقع,ثم تتبلور حسب عقله للواقع والمعلومات حين الربط أي حسب القاعدة او القواعد التي يجري عليها القياس للمعلومات والواقع حين الربط, أي حسب إدراكه لها, وبذلك توجد عقلية تفهم الألفاظ والجمل وتدرك المعاني بواقعها المشخص وتصدر حكمها عليه.

اذن ماهي العقلية؟

العقلية- هي الكيفية التي يجري عليها عقل الشيء او ادراكة, وبمعنى آخر هي الكيفية التي يربط فيها الواقع بالمعلومات او المعلومات بالواقع بقياسها على قاعدة واحدة او قواعد معينة.

والعقلية – هي التي تحدد سلوك الإنسان نحو الواقع المدرك وتعين له الميل نحو هذا الواقع من الإقبال علية او الإعراض عنة وتنشا لة ميول خاص وذوق معين.

والميول- هي الدوافع التي تدفع الإنسان للإشباع مربوطة بالمفاهيم الموجدة لدية عن الأشياء التي يراد منها أن تشبع والتي تم إنشاؤها من قبل العقلية.

الميول وحدها مربوطة بالمفاهيم عن الحياة هي التي تكون نفسية الإنسان-

والنفسية هي الكيفية التي يجري عليها إشباع الغرائز والحاجات العضوية وهي الكيفية التي تربط فيها دوافع الإشباع بالمفاهيم, وهي مزيج من الارتباط الحتمي الذي يجري طبيعيا في داخل الإنسان بين دوافعه والمفاهيم الموجودة لديه عن الأشياء مربوطة بمفاهيمه عن الحياة.

وأما الشخصية – هي مزيج من النفسية والعقلية. والعقل موجود فطريا عند الإنسان ولكن تكوين العقلية يجري بفعل الإنسان. وأما الميول فهي موجودة فطريا عند الإنسان ولكن تكوين النفسية يجري بفعل الإنسان.

وللقاعدة او القواعد التي يقيس عليها الإنسان المعلومات والواقع حين الربط الأثر الاكبر في تكوين العقلية وتكوين النفسية,وذلك لأنة كما ذكرنا أن بلورة ربط المعلومات بالواقع المدرك يصبح مفهوم وان امتزاج الدوافع والمفاهيم هو الذي يبلور الدوافع فيصبح ميلا.

وهنا- اذا كانت القاعدة التي تبنى عليها النفسية هي ذاتها التي تبنى عليها العقلية أصبحت للانسان شخصية مميزة بلون خاص.

ماهي مميزات الشخصية الإسلامية؟


1-العقلية الإسلامية- مبنية على أساس قاعدة فكرية هي العقيدة الإسلامية- وعلى أساس هذه القاعدة يمكن لة(صاحب الشخصية الإسلامية) أن يميز بين الفكر الصائب من الخاطئ, فتتكون عقليته على هذه العقيدة ويصبح لدية مقياس صحيح للأفكار.

2- النفسية الإسلامية- مبنية على أساس الأحكام الشرعية المنبثقة عن العقيدة الإسلامية أيضا لتعالج أعمال الإنسان الصادرة عن حاجاته العضوية وغرائزه, وتنظم الغرائز لا تكبتها.
فالإسلام جعل العقيدة الإسلامية –عقلية- فصلحت لان تكون قاعدة فكرية تقاس عليها الأفكار. وجعلها فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة وحلت له جميع عقده الداخلية فصلحت لان تكون مفهوم عام.

والعقلية الإسلامية- هي تجعل الإسلام وحدة المقياس العام للأفكار عن الحياة وليست فقط العقلية العالمة او المفكرة. ويصبح للإنسان عقلية إسلامية اذا جعل الإسلام مقياسا لجميع الأفكار عمليا وواقعيا. وكذلك يصبح للإنسان نفسية إسلامية إذا جعل الإسلام مقياسا لجميع الأفكار عمليا وواقعيا.

ومن هذا فان كل إنسان يفكر على أساس الإسلام ويجعل هواه تبعا للإسلام يمتلك شخصية إسلامية, أي يجعل الإسلام أساس لتفكيره وأساس لميوله. وعلى هذا وذاك في تعريف الفكر والمفهوم تكون المفاهيم : هي أفكار جرى إدراك واقعها والتصديق بها- عندئذ أصبحت مفهوما ضابطا للسلوك.بينما المعلومات هي أفكار في الذهن لم يجري إدراك واقعها او لم يؤمن بها.



وهذا يعني ان ركائز المفهوم هي:


1- ادراك واقع الفكرة- وان لم يدرك واقعها تحولت الى معلومة فقط.

2- لابد ان يجري التصديق بها(الايمان بها) وان لم يجري التصديق تحولت الى معلومه.
وخلاصة كلامنا ان المفهوم يبنى على الفكر,والفكر يبنى على الحكم, والحكم يجب ان يكون له واقع.

والإسلام مبدأ, والمبدأ فكرة لايسبقها فكرة وهي (عقيدة) ينبثق عنها نظام(يحدد بموجبه علاقة المخلوق بالخالق وعلاقة المخلوق بالمخلوق).

والمبدأ هو فكرة وطريقه-وللفكرة سيادة على النفس- وللطريقة سيادة على الواقع.

إذن فالعقيدة فكرة لها واقع وهي مفهوم- ينبثق عنها نظام هو النظام الإسلامي ينظم العلاقة بين الكون والإنسان والحياة من جهة وبين الخالق المدبر من جهة أخرى.

ان علاقة المخلوق بالخالق على نوعين:


1- خلق وإيجاد من عدم كخلق الشمس مثلا.

2- علاقة تدبير وأحكام(مدار الشمس في فلكها)
وعلاقة التدبير والأحكام هي على نوعين بالنسبة للإنسان:

أ*- اختياري مثلا كاللبس والأكل......الخ.

ب*- تكليفي ( إجباري) وتعني النواهي والالتزامات.

وعلاقة الكون والانسان والحياة بما بعدها هي:

أ*- البعث بعد الموت.

ب*- الحساب وهو على أساس الالتزام بالحياة بأوامر الله ونواهيه.

وأرجو من الله تعالى أن يوفقنا وإياكم في الالتزام بأوامره ونواهيه .وان يمن علينا ببركات محمد وال محمد(ص)