(الأمر لا يحتاج تفكيراً).. كثيراً ما نردد هذه العبارة في حياتنا متناسين أنه لا يمكن الاستغناء عن هذه العملية العقلية الراقية في كل أفعالنا ومراحل حياتنا، كما لا يمكن التغلب على المشكلات والشك والتردد دون عملية التفكير، خاصةً عندما نعلم أن المعلومات والمعارف التعليمية والتربوية التي نتلقاها لا تكفي للتعامل مع المواقف العملية، ووضع الحلول المناسبة لها، وهي بذلك ليست بديلاً عن (التفكير)، فطريقة تفكيرنا تصنع نجاحنا ومستقبلنا في كل ميادين الحياة. وإذا أمعنا قليلاً، في مشاعرنا وسلوكنا وقراراتنا وجدناها جميعها نتاجاً مباشراً لطريقة التفكير, وهذه الطريقة تختلف بالتأكيد من شخص إلى آخر.. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة ما الآلية الفعالة والسليمة للتفكير؟ والتي تساعدنا على تجاوز العقبات واتخاذ القرارات الصحيحة لتحقيق النجاح في حياتنا، وما أبرز نقاط القصور والضعف في آليات التفكير السائدة، وهل التفكير مهارة يمكن تعلمها، أم أنه هبة فطرية وآلية تتم بشكل تلقائي عند الحاجة؟…يقول الدكتور إدوارد ديبونو، يمكنا تعلم مهارات التفكير وطرائقه مهما كان مستوى ذكائنا، لأن الذكاء قدرة كامنة تحتاج إلى مهارات التفكير للاستفادة منها، فالأشخاص الذين يتمتعون بمستوى عال من الذكاء يمكن أن ينخفض مستوى ذكائهم إذا لم يتعلموا هذه المهارات، وبالمقابل تعلم الأشخاص منخفضي الذكاء لهذه المهارات يُساعدهم على استغلال الذكاء المتاح أفضل استغلال. وتنبثق أهمية تعلم مهارات التفكير من أنها تُعلم طرائق التفكير الأفضل، فممارسة التفكير طويلاً بدون تعلم هذه الطرائق لا يُؤدي إلى تحسين التفكير، كما أن مهارات التفكير تُعلم الإدراك وليس المنطق، وهو أهم عوامل التفكير، لأن الإدراك يُشكل الطريقة التي نرى بها الأشياء بغض النظر عن مدى جودة حكمنا المنطقي عليها، فليس المهم فقط أن نحكم على موقف ما بأنه صائب أو لا، وإنما لا بد من إدراك شامل للجوانب المتعلقة بهذا الموقف أو القضية المطروحة.ماذا يعني التفكير؟ تعد عملية التفكير عند الإنسان من أكثر المواضيع التي شغلت اهتمام الناس منذ زمن بعيد، ولا تزال تشغل العلماء في مجال صناعة الأجهزة الالكترونية (الذكاء الاصطناعي) والإنسان الآلي الذي يتلقى أوامر البرمجة فقط ولا يستطيع التفكير مطلقاً. وقد اختلف فهم الناس للتفكير وفقاً للتطور الحاصل في كل فترة زمنية، إلا أن هناك معنى عام له,فهو عملية ذهنية يمارسها الإنسان لتوظيف القدرات العقلية والطاقات والذكاءات المتعددة الموجودة لديه والتعامل معها باستخدام مهارات التفكير التي تساعد الإنسان على التفكير بطريقة أفضل من أجل تحقيق غرض ما. كيف اُكتشف أن التفكير مهارة يمكن تعلمها وتطويرها؟ هذا الاكتشاف ليس حديثاً، فقد كان له بذور في الزمن القديم، منذ عهد أرسطو وأفلاطون، حيث كان أرسطو يطوّر مهارة التفكير عند تلاميذهِ باستخدام أسلوب توليد الأفكار من خلال الإجابة عن السؤال بسؤال آخر، وفي تراثنا أيضاً نجد أن علماء أصول الفِقه وضعوا مناهج لتطوير مهارات التفكير، كالاستدلال والاستنباط وغيرها، وفي القرن العشرين، طرأ تطور كبير في هذا المجال، فعالم النفس “سكنر” صاحب الاتجاه السلوكي في علم النفس تحدث عن مهارات التفكير، وتحدث “بلوم”أحد علماء النفس عن مهارات التفكير العليا وصنفها،كمهارات التركيب والتحليل والتقويم. والجديد ما قدمَهُ أحد أهم رواد تعليم مهارات التفكير في العصر الحديث وهو الدكتور إدوارد ديبونو الحاصل على الدكتوراه في علم النفس وجراحة الدماغ من جامعة كامبريدج التي أسس فيها مركزاً لتعليم التفكير سماه مؤسسة البحث المعرفي، ومن هذا المركز أطلق برنامج ((الكورت))”Cort”لتعليم التفكير الذي يعدّ الأهم من نوعه في العالم والأكثر انتشارا، ويتكون من ستة أجزاء، وفي كل جزء يتم تعليم عشر مهارات (أدوات ودروس)، وكل جزء يحمل اسماً وهدفاً يجب تحقيقه خلال الدروس، ويتناول مُعظم أنواع التفكير. وفيما بعد أطلق الدكتور ديبونو عدة برامج مُطورة عن الكورت منها، قبعات التفكير الست في القيادة، والأحذية الست في مجال الأعمال، وتحدث كذلك عن تأثير طريقة التفكير بشكل مباشر على الصراعات بين الأمم والشعوب، وهذا يعني أن أعمال الدكتور ديبونو وبرامجه تستخدم في كل مجالات الحياة سواء في التعليم أو الأسرة أو الأعمالمن هو إدوارد ديبونو…؟ - من أشهر علماء التفكير في العالم وحصل على الدكتوراه في الطب والفلسفة من جامعة كامبريدج. - يعمل كمستشار لعدة حكومات ومنظمات عالمية. - مؤلف برنامج الكورت للتفكير، وهو معروف كباحث ومؤلف في التعليم المباشر للتفكير، والتفكير الإبداعي، ويعزي قاموس أكسفورد تأصيل مصطلح التفكير الجانبي لديبونو، وهو التفكير عبر نماذج تقليدية للوصول الى أفكار جديدة، وتعني الكلمة CoRT اختصاراً لـ COGNITIVE RESEARCH TRUST والتي تعني “مؤسسة البحث المعرفي” التي أنشأها ديبونو في كامبردج (انجلترا)0 - بما أن دراسة واهتمام الدكتور ديبونو كان في مجال الأدوية، حيث أجرى بحثاً في الأنظمة المتداخلة في جسم الإنسان، وفي كتابه الصادر عام 1969 بعنوان: “ميكانيكية العقل” يصف ديبونو الكيفية التي يعمل بها الدماغ كشبكة عصبية، والتي بدورها تتيح للخبرة أن تحقق تنظيماً ذاتياً عن طريق نماذج الإدراك، وبعد ذلك تتجه الخبرات الجديدة والمعلومات لإنتاج النماذج الإدراكية والتي تثبت من خلال الخبرة السابقة والعاطفة، وتعد النماذج الإدراكية ضرورية في الحياة اليومية، فنحن على سبيل المثال قادرين على ارتداء الملابس وعبور الشارع وأكل وجباتنا الغذائية اليومية دون الحاجة إلى تحليل مستمر لملايين الطرق الممكنة لأداء كل من هذه الأنشطة - ومع ذلك فإن ايجابيات النمذجة الإدراكية يمكن أن تتحول إلى سلبيات بميل العقل لرؤية ما أعد لرؤيته فقط0 - قام ديبونو بتأليف 32 كتاباً مترجماً إلى 24 لغة ومن أشهر إصداراته: كتابه الأساسي تعليم التفكير – التفكير العملي – مقرر ديبونو للتفكير (الكورت) – قبعات التفكير الست. - ترجمت أعماله واستثمرت في حوالي عشرين لغة وعدة آلاف من المدارس والمراكز حول العالم واستفادت منه كبرى الشركات في العالم. - قامت كثير من الشركات بدعوة الدكتور ديبونو مثل شركة IBM وشركة جنرال العالمية وشركات أخرى عديدة، وذلك ليقدم مشورته في التفكير الإبداعي الذي يتطلبه التغيير، والتخطيط الاستراتيجي والتوجهات العالمية الحديثةكيف نطلق طاقات التفكير في حياتنا؟ لاقت برامج الدكتور إدوارد ديبونو انتشاراً واسعاً لأنها تمتاز ببساطتها وشمولها وسهولة التدرب عليها من قبل كل الفئات العُمرية والشرائح الخبيرة وغير الخبيرة بهذا المجال، حيث طُبقت في أكثر من ثلاثين دولة على مستوى العالم، وكانت البداية في أمريكا، وبريطانيا، وفنزويلا، وأوروبا عموماً، وماليزيا، وأستراليا، وقد استفاد من برنامجه لتعليم التفكير أكثر من عشرة ملايين طالب، وفي مجال الأعمال، كثير من الشركات العالمية الكبرى، كشركة مايكروسوفت-IBM-، وجنرال موتورز وغيرها التي استفادت من أعماله وبرامجه، حيث استُدعيَ مستشاراً لتدريب الإدارات العليا في هذه الشركات على التفكير الإبداعي، وبالإضافة إلى ذلك، تبنت دول كثيرة برامج ديبونو، وكان آخرها الصين، التي أقامت معه مشروع المليون مدرسة، بهدف تطبيق برنامج الكورت على هذه المدارس. ولهذا انتشرت هذه البرامج عالمياً…. ما أهم مهارات التفكير التي يعلمُها برنامج”الكورت”؟ مهارات التفكير كثيرة جداً، ويمكن للإنسان أن يمارسها ويتدرب على استخدامها، وقد صنفها الدكتور ديبونو في ستة أجزاء، حيث يُمكن للمُعَلَّم أن يختار أي جزء من أجزاء الكورت لتعليمه للمتدربين، وذلك بعد الانتهاء من تعليم الجزء الأول الذي يُعدّ الجزء الأساسي في برنامج التفكير….. وهذا الجزء يهدف إلى توسيع دائرة الفهم والإدراك لدى المتدربين، حيث يدربون على كيفية استخدام الأدوات العشر لتوجيه التركيز وهي: o أداة معالجة الأفكار(PMI)التي تركز على البحث عن النقاط الإيجابية والسلبية لموضوع ما، وكذلك النقاط المثيرة للانتباه. o أداة اعتبار جميع العوامل(CAF)وهي اختصار لـ(Consider All Factors)و تركز على ضرورة الأخذ بكافة العوامل المؤثرة بالقرار أو القضية المطروحة. o أداة القوانين (Rules)التي توضع لأهداف معينة تسهل حياة الناس وتجعلها تتجه نحو الأفضل… o أداة النتائج المنطقية وما يتبعها((C&S، فهذه الأداة تُنبهُنا إلى ضرورة إدراك ما قد ينتج عن قراراتنا وأفعالنا , أي مراعاة النتائج الفورية، والنتائج قصيرة المدى، والمتوسطة، وبعيدة المدى… o أداة الأهداف والغايات (AGO )التي تركز على ما نقصده من وراء أفعالنا، وماذا نحاول أن نفعل، وما الذي نسعى إلى عملهِ.” إيمي “ كنت في الثالثة عشر من عمري مررت بفترة عصيبة فوجدت نفسي مضطرة إلى بيع رفيقي المقرب و هو حصاني البني الصغير . عندها شعرت بأنني محطمة وبائسة و وحيدة ، حينها لم أستطيع النوم أو تناول الطعام وكنت أبكي طيلة الوقت. أخيراً بعدما أدرك أبي قدر معاناتي إثر فقدي للحصان، اشترى لي حصاناً عجوزاً أحمر اللون من أحد المزادات المحلية في المدينة . كان ” إيمي ” بلا شك أقبح حصان على ظهر الأرض، ولكنني لم أكترث وأحببته بلا حدود . و التحقت بأحد نوادي الفروسية في المدينة، وكنت ألاقي الكثير من الانتقادات الحادة والتلميحات الوضيعة عن شكل ” إيمي ” كنت أكتم مشاعري إلا أنني كنت أشعر في أعماقي بأن قلبي يكاد ينفطر حيث كان باقي الأعضاء في النادي يمتطون جياداً جميلة و أصيلة . و عندما شاركت أنا و ” إيمي ” في مسابقة التقييم الشكلي سرعان ما تم استبعادنا حتى أنهم كادوا يلقون بنا على قارعة الطريق .كانت كل محاولات الترويض و كل الفيتامينات و مشاعر الحب المتدفقة قد عجزت عن إضفاء مسحة من الجمال على ” إيمي ” ، و أخيراً خلصت إلى أن فرصتي الوحيدة هي الاشتراك في سباق السرعة و بناء على ذلك اخترت سباق الحواجز . و كان هناك فتاة تدعى ” بيكي” تمتطي فرساً أصيلاً بني اللون في المسابقات، وكانت تحصل دائماً على الشريط الأزرق . منذ ذلك الحين وأنا أستيقظ يومياً في الصباح الباكر على مدى شهر كامل و أمتطي ” إيمي ” و أقطع به مسافة خمسة أميال إلى أن أصل إلى المضمار .كنا نتدرب لساعات تحت أشعة الشمس المحرقة بجد وتصميم. و على الرغم من كل ذلك فإن هذه المعاناة لم تمنعني من المواصلة حتى النهاية، جلست عند السور أجفف العرق فوق جسم ” إيمي ” بينما كنت أرقب ” بيكي ” في يوم السباق و هي تتخطى كل الحواجز بحصانها و تتغلب بمنتهى اليسر على كل من سبقها من منافسين . و عندما حان دوري أخيراً، لكزت ” إيمي ” كي يتقدم فتعثرت خطاه وكاد يسقط مما شفى غليل الكثير من المنافسين .أحكمت تثبيت القبعة فوق رأسي و ربتت على عنق ” إيمي ” الأحمر الكبير ملاطفة . و مع انطلاق إشارة البدء، هرعنا نحو الحاجز الأول و تخطيناه، ثم تخطينا الحاجز الثاني بمهارة فائقة ثم مررنا من فوق الحاجز الثالث و استدرنا حول المنعطف الأخير و أسرعنا نحو خط النهاية . لم يعج المكان بعبارات التشجيع و إنما سادت حالة من الوجوم و بينما كنت أسمع صدى دقات قلبي في أذني سمعت المعلق و هو يذيع النتيجة ، لقد تغلبنا على ” بيكي ” و تفوقنا على حصانها الأصيل ببضع ثوان ! و في هذا اليوم لم أحظ فقط بالشريط الأزرق و إنما حظيت بما هو أكثر من ذلك فقد أدركت و ما زلت في الثالثة عشر أن الأمر مهما بدا صعباً فهو قابل دائماً للتحقيق إن كان الإنسان يملك ما يكفي من الإرادة التي تدفعه إلى بذل الجهد المفروض و يمكنني أن أبقى دائماً سيدة الموقف .و استخلصت مما حصل معي حكماً ذهبية علقتها على جدار غرفتي : ” إن لم تساعدك ظروفك فلتساعدك أهدافك “ ” ليس المهم أين أنا الآن، المهم أين أريد أن أكون “ ” إن كانت إمكانياتي محدودة فآفاقي بلا حدود “مهارات التفكير كثيرة جداً، ويمكن للإنسان أن يمارسها ويتدرب على استخدامها، وقد صنفها الدكتور ديبونو في ستة أجزاء، حيث يُمكن للمُعَلَّم أن يختار أي جزء من أجزاء الكورت لتعليمه للمتدربين، وذلك بعد الانتهاء من تعليم الجزء الأول الذي يُعدّ الجزء الأساسي في برنامج التفكير…..وكنا في المقال السابق عرضنا الأدوات الخمس لبرنامج توسعة مجال الإدراك وإليكم تتمة البحث: o التخطيط (planning ) هو عملية التفكير للأمام، وذلك لتحديد الطريقة التي يمكن من خلالها الوصول إلى مكان ما، أو عمل شيء ما، ومن الضروري أن تكون الخِطة التي نضعها واضحة.. o الأولويات الهامة(FIP)، أي إعطاء الأولوية للأمور حسب أهميتها، فهناك أشياء أهم من أشياء أخرى، وهناك بعض العوامل أهم من عوامل أخرى، وأهداف أيضاً ونتائج أهم من غيرها. o البدائل والاحتمالات والخيارات الأخرى(APC)،هذه الأداة تعد أداة خلاقة لأنها تجعلنا نبحث عن البدائل والاحتمالات المتاحة عِوضاً عن النظر بمنظور ضيق للقرار أو الحل، مما يتيح لنا فرصة الاختيار الأنسب. o صناعة القرارات (Decisions )تتطلب اعتبار جميع العوامل السابقة، والوضوح في تحديدها كي نستطيع اتخاذ القرار السليم بسهولة. o مراعاة وجهات نظر الآخرين(OPV)عند التفكير، من خلال التعرف إلى الكيفية التي يفكر فيها الآخرون، ورؤية الأشياء من وجهة نظرهم، ولابد كذلك من تحديد الأشخاص الذين سيتأثرون بما سنقوم به……… أما الجزء الثاني من البرنامج، فيهتم بتعليم مهارات التفكير المنظم، التي تساعد المتدربين على تنظيم أفكارهم من أجل تحديد معالم المشكلة وتطوير إستراتيجيات وضع الحلول. والجزء الثالث يهتم بمهارة التفكير التفاعلي التي تساعد على تطوير عملية المناقشة والتفاوض لدى المتدربين. والكورت الرابع يعلم مهارات التفكير الإبداعي التي تحفز المتدربين على توليد البدائل والاحتمالات والخيارات الأخرى والأفكار غير المألوفة. والكورت الخامس يُعنى بالتفكير المعلوماتي و المشاعري، حيث يُعلِم المتدربين كيفية جمع المعلومات بشكل فعال وتقييمها، وكيفية تأثير المشاعر والقيم والعواطف على عملية بناء المعلومات . وأخيراً الكورت السادس، ويُعنى بالتفكير التنفيذي، أي الاهتمام بعملية التفكير في مجموعها بدءاً من اختيار الهدف وانتهاءً بتشكيل الخطة وصولاً إلى الحل.هل من علاقة تربط بين الذكاء والتفكير المتقدم؟ الذكاء هو مجموعة قدرات كامنة وهبها الله للإنسان، كالذكاء المنطقي الرياضي، واللغوي، والموسيقي، والاجتماعي، والفراغي،والشخصي، والروحي وغيرها، وهذه القدرات يمكن تنميتها وتطويرها، أما مهارات التفكير فهي عبارة عن أدوات توظيف الذكاء، لذلك علينا أن نستخدم مهارات التفكير لأن الذكاء وحده لا يكفي، ويمكن أن نشبه (الذكاء) بقوة محرك السيارة و(مهارة التفكير) يقابلها السائق، وبالتالي الأداء الفعال للسيارة لا يعتمد على قوة المحرك فقط بل على مهارة السائق أيضاً، للاستفادة من الذكاء (القدرة الكامنة) مهما كان مستواه، فالسائق الماهر يقود أي سيارة بفعالية عالية.فوائد تعلم مهارات التفكير: الإنسان عادة لا يشعر بأهمية تعلم التفكير إلا عندما يفكر عميقاً في مدى حاجته إلى التفكير في حياته، وبمقدار الفوائد التي سيحصل عليها، وهي كثيرة جداً. فنحن نحتاج إلى التفكير للتعامل مع الكم الهائل من المعلومات والخبرات التي نمر بها، والتفكير الماهر يساعدنا على إجراء بعض المعالجات لهذه المعلومات من خلال عمليات التصنيف والمقارنة وتوضيح علاقة الجزء بالكل، كما أننا نحتاج التفكير الماهر لاتخاذ القرارات اليومية والمصيرية، وحل المشكلات التي تعترضُنا، والتنبؤ المدروس للأحداث التي يُحتمل وقوعها لنكون أكثر قدرة على التعامل معها. وتعلم التفكير يوسع مجال الإدراك لدينا ويجعله شمولياً, وينمي لدينا قدرات التفكير الإبداعي الذي يساهم في تطوير حياتنا وأعمالنا ويجعلنا منتجين ومخترعين لا مقلدين استهلاكيين، كما أنه ينمي لدينا قدرات التفكير الناقد الذي يساعدنا على الحكم على الأمور بصورة أدق وأسلم، يساعدنا كذلك على ممارسة الاستدلال السليم والاستنتاج المناسب من خلال إدراك العلاقة بين الأسباب والمسببات وعلاقة النتائج بمقدماتها، وبهذا يكون التفكير الماهر وسيلة لتوظيف قدرات الذكاء المتعدد، وبالتالي وسيلة لتحقيق النجاح في حياتنا عموماً.لا تكن مثل السيد “العادي” ولد السيد “العادي” سنة 1901م وكانت درجاته الدراسية دون المتوسط، وتزوج الآنسة “متوسطة” في سنة 1924م، ورزق بطفل سماه: “العادي الابن”، وطفلة سماها “العادية”. قضى أربعين سنة في أمور غير ذات قيمة أو نفع وشغل عددا من المراكز التافهة. لم يجرب أبدا أية مخاطرة أو فرصة، وتعمد ألا يطور مواهبه، ولم يتعاط مع أحد في أي شيء كان. كان شعاره المفضل “لا دخل لي في هذا ! ابعد عن الشر وغني له”. عاش 60 سنة بدون هدف ولا خطة ولا رغبات ولا ثقة ولا عزم أو تصميم.لم يسأل نفسه قط سؤالا صحيحا, كتبوا على شاهدة قبره: هنا يرقد: السيد “العادي” ولد سنة 1901م، ومات سنة 1921م، ودفن سنة 1964م لم يحاول أبدا أن يفعل أي شيء طلب من الحياة القليل فأعطته القليل ! قاعدة هامة: إذا لم تزد شيئا على الدنيا كنت أنت زائدا عليها