التمس الأعذار للآخرين
كنت مرة في صلاة الجمعة فعلا صراخ طفل، حتى ضجّ المسجد، وشوش على قراءة الإمام، فأوجز الإمام الصلاة.
فلما انتهت الصلاة أرعب المصلون الأبَ وابنَه بأبصارهم، ومنهم من تكلم!
بعد أن بدأ المصلون بالخروج، جاءني رجل وقال:
هذا الرجل ماتت زوجته في سورية وهو من يرعى الطفل، ولا يستطيع أن يتركه في البيت وحده.. وكان يصرخ لأنه جائع يريد حليباً.
سبحان الله، هلاّ التمس المصلون لهذا العذر، قال ابن سيرين رحمه الله تعالى: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد فقل: لعل له عذراً لا أعرفه.
تأنّ ولا تعجل بلومك صاحباً .. ... .. لعلّ له عذراً وأنت تلوم
ويقول ابن المبارك رضي الله عنه: "المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم".
ما أجمل تلك النملة، في زمن نبي الله سليمان كيف التمست لجنوده العذر فقالت: (وهم لا يشعرون) قالتها بعد صيحتها لبنى جنسها النمل: (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يَحطِمَنَّكُم سليمان و جنوده).
لقد التمست لبنى الإنسان عذراً في جرمهم الذي قد يرتكبوه من غير شعور منهم لصغر حجمها وضآلته.
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا تظنّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرّاً، وأنت تجد لها في الخير محملاً".
وها هو الإمام الشافعي رحمه الله حين مرض وأتاه بعض إخوانه يعوده، فقال للشافعي: قوى الله ضعفك، قال الشافعي: لو قوى ضعفي لقتلني! قال: والله ما أردت إلا الخير. فقال الإمام: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير.
هذه هي الأخوة الحقيقية، حسن ظنّ بالإخوان والتماس الأعذار لهم.
سامح أخاك إذا خلط .. منه الإصابة بالغـلط
وتجافَ عن تعنيفه .. إن زاغ يوماً أو قسـط
واعلم بأنك إن طلبت .. مهذباً رمت الشطط
من الذي ما ساء قط .. ومن له الحسنى فقط
رأيك صواب يحتمل الخطأ
ولنذهب معاً أيها الأحبة إلى عصر النبوة، لننتقل بعدها إلى أمثال يتضح بها المقال، فعن سهل بن سعد الساعدي، رضي الله تعالى عنه قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: مَا تَقُولُونَ فِى هَذَا؟ قَالُوا: رأيك في هذا. نقول: هذا من أشرف الناس، هذا حَرِيٌّ، إِنْ خَطَبَ، أَنْ يخطب، وَإِنْ شَفَعَ، أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ: أَنْ يُسْمَعَ لقوله، فسَكَتَ النبي صلى الله عليه وسلم، وَمَرَّ رَجُلٌ آخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مَا تَقُولُونَ في هَذَا؟ قَالُوا: نقول: والله يا رسول الله، هذا من فقراء المسلمين، هذا حَرِيٌّ، إِنْ خَطَبَ، لمَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ، لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لقوله، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: لهَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا. أخرجه البخاري.
نحن لا نعلم الغيب، وليس الظاهر مرتبط بالباطن دوماً، علينا بالظاهر والله يتولى السرائر نعم، ولكن لا نتسرع في الحكم على الظاهر، ولا ننظرن إلى المسألة من زاوية واحدة، وليكن شعارنا، رأيي صواب يحتمل الخطأ.
المعلم والتلميذ..
سآل المعلم تلميذه: مآذآ يعمل والدك؟ صمت التلميذ ولم يُجب. فسأله المعلم مرةً أُخرى: ماذا يعمل والدك يافلان؟ فاكتفى التلميذ بالصمت ولم يجب! صرخ المعلم في وجهه أمام التلاميذ وقال: ياغبي ألا تعرف ماذآ يعمل والدك؟! رفع التلميذ رأسه وقال: بلى! إنه نائم في قبره.
عامل البيتزا..
لاحظ مدير مصنع خلال تجواله في المصنع شاباً يستند إلى الحائط ولا يقوم بأي عمل، اقترب منه وقال له بهدوء: كم راتبك؟ كان الشاب هادئاً ومتفاجئاً بالسؤال الشخصي، وأجاب: 500$ تقريباً شهرياً يا سيدي، لماذا؟
بدون إجابة المدير أعهطاه 500$ نقداً (بمثابة إنهاء الخدمة)، ثم قال: أنا أدفع للناس هنا ليعملوا وليس للوقوف والآن هذا راتبك الشهري مقدماً أخرج ولا تعد!!
أخذ المبلغ واستدار الشاب وأسرع في الابتعاد عن الأنظار، نظر المدير إلى الباقين وقال بنبرة تهديد:هذا ينطبق على الكل في هذه الشركة! من لا يعمل ننهي عقده مباشرة
اقترب المدير من أحد المتفرجين وسأله من هو الشاب الذي قمت بطرده؟ فقال: إنه بائع البيتزا.
الفتاة والأعمى..
جلست الفتاة في المقهى بانتظار زوجها الذي اتفق معها أن يلاقيها بعد انتهاء العمل، ارتشفت الشاي وجالت بنظرها في المكان فرأت شاباً ينظر إليها ويبتسم.
تضايقت من هذه الوقاحة، وعندما جاء زوجها أخبرته بالأمر، فتوجه الزوج نحوه وضربه ضربة أضاحته أرضاً.
بعد لحظات نهض الشاب بمساعدة النادل، ووضع نظارته السوداء على عينيه، ورفع عصاه، وتحسس طريقه إلى خارج المقهى.