عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
أهم أنواع الشكر
إنه شكر الخالق عز وجل، فالله الذي خلقك ورزقك وأنعم عليه بنعم لا تعد ولا تُحصى يستحق منك أن تشكره... ولذلك نجد المؤمن يبدأ صلاته في كل ركعة بعد البسملة ب (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الفاتحة: 2]، وهي ما بدأ الله به كتابه بعد بسم الله الرحمن الرحيم.
لقد أعطانا الله تعالى معادلة رائعة للشكر يقول تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) [البقرة: 152]. فذكر الله وشكره من أهم أسباب النجاح في الدنيا والآخرة. والإسلام يريد لنا الخير في هذه الدنيا وما بعدها، بينما تقتصر جهود العلماء على تحقيق السعادة في الدنيا فقط!
وهذه ميزة الإسلام أنه يحقق لك السعادة حتى عندما تأتي لحظة الموت! ففي حالة المرض نجد المؤمن يشكر الله ويحمده لأنه يعلم أن هذا المرض سيكون سبباً في المغفرة ومزيد من رحمة الله تعالى.
أعظم سورة في القرآن هي الفاتحة وهي التي لا تصح الصلاة إلا بها، وتبدأ بعد البسملة بـ "الحمد لله رب العالمين"، ولذلك كان النبي يبدأ خطبته بالحمد لله، فالحمد لله كلمة عظيمة لا يدرك أسرارها إلا من يكررها ويستشعر عظمتها!
آيات كثيرة تحض على الشكر، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة: 172]. ويذكرنا الله بنعمه وفضله علينا، ولكن معظم الناس غافلون عن الشكر وفوائده، يقول تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) [البقرة: 243].
الشكر... صفة لله تعالى
يقول تعالى: (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا) [النساء: 147]. فشكر الله عز وجل يكون من خلال كرمه وفضله ورزقه لنا، وشكرنا لله تعالى يكون من خلال التزامنا بتعاليمه وطاعة أوامره والانتهاء عما نهى عنه. ولذلك فإن الله جعل الشكر صفة له فقال: (وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا). وكذلك جعل الشكر صفة لأنبيائه عليهم السلام فقال في حق سيدنا إبراهيم: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [النحل: 121].
وقال تعالى عن نفسه: (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 30]. وحتى يوم القيامة فإن المؤمن يحمد الله تعالى وهو في الجنة، ويشكر الله الغفور الشكور على هذه النعم، يقول تعالى: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 34].
الشكور من أسماء الله الحسنى وهذا الاسم يحمل إشارة مهمة وهي: أيها الإنسان! أنت لست أفضل من الخالق تبارك وتعالى، فإذا كان الله تعالى هو "الشكور" فماذا عنك أيها الإنسان؟ وسبحان الله، كلما ازداد المؤمن إيماناً ازداد شكراً للناس.
الشكر يقابل الكفر
هل تتصورون أن عدم الشكر يؤدي إلى الكفر! بل إن الله تعالى جعل للإنسان طريقين: الشكر والكفر، يقول تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) [الإنسان: 3]. وهكذا ندرك أن الشكر فريضة على المسلم، وليس مجرد عادة تهدف لجلب الثرة أو النجاح أو الشهرة!
ولذلك قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7]. تأملوا معي المنزلة التي يحتلها الشكر في الإسلام، إذا لم تشكر الله فإن عذاب الله شديد! ولكن عندما تشكر الله تعالى فإن الله سيرزقك ويزيدك مالاً ونجاحاً وقوة: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)، أليس هذا ما يؤكده الخبراء من غير المسلمين؟
حتى إننا نجد الدراسات العلمية الجديدة تؤكد على فوائد الامتنان والشكر ولكن ما علاقة الإيمان بذلك؟ يقول العلماء: إن الإيمان بالله والصلاة تساعد كثيراً على الشكر للناس وبالتالي كسب فوائده، ولذلك ينصحون بمزيد من الإيمان بالله!
حتى البهائم تشكر الله تعالى!
ربما نتذكر قصة ذلك الرجل الذي وجد في الصحراء كلباً يلهث يأكل الثرى من العطش فذهب إلى البئر ونزع خفّه فملأها ماءً حتى روي الكلب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فشكر الله له فغفر له) [البخاري ومسلم].
فالحيوانات والنباتات تشكر الله وتسبحه حمداً له على أن أوجدها وسخر لها أسباب الرزق. فعندما تحسن إلى حيوان تجده يتقرب منك ويشمك ويحني رأسه أمام تعبيراً منه عن امتنانه لك! ففي رواية البخاري ومسلم أن رجلاً وجد "غصن شوك" يؤذي النبات فنزعه فشكر الله له، فغفر له!
هذه الطيور تشكر الله تعالى باستمرار وتسبحه على نعمه عز وجل، فقد خلقها ورزقها وسخر لها أسباب المعيشة، ولذلك نجدها تتعاون وتضحي من أجل الآخرين كما أثبت العلماء مؤخراً، فقد وجد العلماء أن عالم الحيوان والحشرات مليء بالتضحية والإيثار، فماذا عنا نحن البشر العقلاء؟!
شكر الزوجة لزوجها فريضة عليها
إن معظم المشاكل الزوجية التي تنتهي بالطلاق تكون ذات أسباب تافهة جداً، ويقول الباحثون إن حياتك الزوجية تكون سعيدة وهانئة بمجرد أن تمارس الشكر لزوجتك وتشعرها بامتنانك له... وتؤكد دراسة جديدة للبروفسور Todd Kashdan في جامعة George Mason أن النساء اللواتي يشكرن أزواجهن يكنّ أكثر سعادة ويعشن عمراً أطول!
وتؤكد الدراسة أن النساء أكثر قدرة على التعبير من الرجال، وأكثر قدرة على منح مشاعر الامتنان. وتقول الدراسة التي نشرت في مجلة الشخصية Personality أن المرأة يمكن أن تعيش حياة هانئة ومطمئنة بمجرد أن تقدم الشكر لزوجها.
سبحان الله، رسولنا الكريم لم يترك هذا الأمر جانباً بل نبَّه عليه قبل 1400 سنة، فقد اعتبر النبي الكريم أن شكر المرأة لزوجها عبادة لله تعالى، وأن الله لا ينظر للمرأة التي تنكر الجميل، قال صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه) [السلسلة الصحيحة للألباني].
تصوروا أن كلمات بسيطة تقولها لزوجتك كل يوم تشكرها وتشعرها بقيمة عملها وتقدر لها مجهودها في البيت وفي تربية الأولاد، هذه الكلمات قد تكون سبباً في درء الكثير من المشاكل وجلب الكثير من السعادة... إنها قوة الشكر!
الشكر جزء من العبادة
إن الإسلام جعل من الشكر عبادة لله تعالى، يقول عز وجل: (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [النحل: 114]. إنها آيات عظيمة سوف تكون سبباً في سعادتك ونجاحك، لأن الله هو الذي يرسم لك طريق الخير، ويهيء لك أسباب النجاح ولكن ينبغي أن تتذكره في كل لحظة وتحمده على نعمه حتى يعطيك ما تريد.
لنتأمل هذه الآية التي تصور لنا حال المؤمن يوم القيامة: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) [الأعراف: 43]، وآخر دعوة للمؤمن يوم القيامة هي الحمد والشكر لله تعالى: (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [يونس: 10].
الصبر والشكر
هناك خبراء اليوم ينصحون بالشكر لعلاج الأمراض! حيث يؤكد الباحثون وجود طاقة شفائية للامتنان والشكر يمكن بواسطتها علاج بعض الأمراض المستعصية. ويقولون: إذا اقترن الشكر بالصبر كان ذلك علاجاً ناجعاً للكثير من الأمراض لأن جهاز المناعة سيتحسن كثيراً ويقوى على مواجهة الأمراض. وسبحان الله، تأملوا معي هذه الآية العظيمة: (إنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [الشورى: 33]. فقد قرن الله بين الصبر والشكر.
ولا ننسى أن النبي صلى الله عليه وسلم أكد أن حال المؤمن عجيب، فعندما يصيبه الضر يصبر، وعندما يصيبه الخير يشكر، فكل شأنه خير.
life is either bold adventure or nothing at all
المفضلات