أمراض تؤثر على الذاكرة

فطر داء المبيضات ومتلازمة أبشتين- بار
اهتمت الصحف بعدد كبير من الأمراض في السنوات الأخيرة، وأعراضها الكثيرة جعلت من الصعب تشخيصها, وأحيانًا تكون تلك الاعراض غير واضحة وتشمل قائمة من الشكاوى الطبية المبهمة. وغالباً ما يخبر الأطباء المرضى الذين لجأوا إليهم بأنهم على خير ما يرام وأن تلك الأعراض مجرد أوهام". وأحيانًا يتجنب الكثير من الناس اللجوء للطبيب رغم شعورهم بالإعياء لنفس السبب المذكور، وعلى الرغم من زيادة الوعي بهذه الأمراض إلا أن هناك مفاهيم مغلوطة حولها، وكلا المرضين- اللذين نحن بصددهما هنا يؤثران على الذاكرة، وهما داء المبيضات ومتلازمة إبشتين- بار.


من المهم بالنسبة لي أن أعرض داء المبيضات لأنني أصبت بهذا المرض منذ عدة سنوات، فلمدة عدة أشهر لاحظت أنني أنام كثيراً وحتى 12 ساعة يوميًا وكان هناك أعراض غامضة أخرى مثل الانتفاخ والغازات وفقدت تركيزي وقدرتي على التذكر, وفي البداية ظننت أن هذا يرجع لأسلوب حياتي المليء بالتوتر: فأنا أسافر حول البلاد طوال الوقت في ندواتي وأدير عملي في المعهد الأمريكي لأبحاث الذاكرة، لكن مهما طالت فترات نومي ورعايتي لنفسي، كانت الأعراض مستمرة، وذهبت في جولة لعدة أطباء فقالوا لي أنني في وهم كبير.
لحسن الحظ ذهبت لطبيب في النهاية شَخَّص حالتي بأنها داء المبيضات وبعد شهور من تغيير النظام الغذائي والعلاج الشمولي والمكملات الغذائية من الفيتامينات بدأت أتحسن وعادت لي طاقتي ووضوح تفكيري وصفائي الذهني واختفي الانتفاخ تمامًا، وعدت لذاتي المعتادة القديمة.


فطريات المبيضات قد تتراكم بعدد كبير في الأمعاء؟ وهي فطريات تشبه الخميرة. ومشكلة المرض أن أعراضه مختلفة وتبدأ بشكل خفي وتتطور عبر فترة زمنية كبيرة مثلما حدث لي، وقد يشعر المصاب بأنه فقد تركيزه ووعيه بما يدور حوله، ويسعى إلى تناول كميات كبيرة من الدقيق الأبيض والسكريات ويجد صعوبة في الاستيقاظ صباحًا. وأهم الأعراض هي انعدام الطاقة - ويظهر ذلك كالتالي: "أنا أشعر دوما بالتعب في فترة ما بعد الظهيرة،", "لا يمكنني التفكير كما يجب", "أنا قلق ومتوتر، ما خطبي؟" وهذا يرجع إلى أن داء المبيضات يؤثر على التفكير والذاكرة أيضًا.


إن اشتبهت في إصابتك بمرض مبهم يضعف من قواك فإني أنصحك أن تتوجه بسرعة لطبيب متخصص في العلاج الشمولي لأن الطب التقليدي يجعل الطبيب يركز على أمراض محددة ويعالج بالدواء والجراحة فقط، لكن أطباء العلاج الشمولي ينظرون للجسم ككيان واحد ويهتمون بكيفية عمل أجزاءه معًا. في مجال الطب الشمولي يركز العلاج على المواد الطبيعية وتغيير الأنماط الغذائية وأسلوب الحياة.

المرض الآخر الذي أريد مناقشته هو فيروس إبشتين _ بار، وعلى الرغم من الجدل الدائر حوله لكن الاسم الشائع للمرض هو متلازمة الإجهاد المزمن, وله أعراض مبهمة لكنها فعلية ومحسومة جدًا.


كانت إحدى صديقاتي قد ظلت تعاني من هذا المرض لسنوات بدون علم، ولما سمعت عن تجربتي مع داء المبيضات جاءتني يوما وأخبرتني عن أعراضها. حيث قالت لي إن تفكيرها لم يكن واضحاً طوال سنوات الدراسة، وكان فهمها بطيئًا مقارنة بأقرانها كأنها ينقصها الذكاء. وأدركت بالتفكير في الماضي أنها كانت كسولة ومتراخية في تفكيرها وتركز بصعوبة ومعاناة. ظنت أن هذا هو "قدرها" أو الحال التي ولدت عليه، وقررت أن الدراسة الجامعية لا تناسبها وكفت عن الدراسة والتحقت بوظيفة ذات راتب منخفض ولا تفرض عليها أي نوع من التوتر حتى تستطيع أن تواصل حياتها.


أخذتها للعيادة المتخصصة في الطب الشمولي وشخَّص الطبيب حالتها بالإصابة بفيروس إبشتين- بار، الذي كان يستوطن الجهاز العصبي المركزي لها ويؤثر على ذاكرتها وتفكيرها وبالعلاج المثلى بالحقن تم التخلص من الفيروس وعادت لاستئناف دراستها بالجامعة وكانت متفوقة.
وكما هو الحال معي، فإن متلازمة الإجهاد المزمن يمكن علاجها بالطب الشمولي. وأنا أنصحك بأن تسعى لمن يتخصص في العلاج المثلى، وخاصة لهذين المرضين وما شابه أمراض كثيرة مشابهة يصاب بها الناس ولا يتم تشخيصها أو علاجها. لقد رأيت من الناس بطول البلاد ممن لا يستطيعون العمل بكفاءة ذهنية عالية؛ يعانون من عدم القدرة على التفكير بوضوح أو يعانون من صعوبة في استدعاء المعلومات، وهم بذلك لا ينجحون في أعمالهم أو دراستهم. وهناك متخصصون في علاج هذه الحالات ببساطة بدون تكلفة عالية.

أتمنى أن تكون، بقراءة هذا المقال ، قد وصلت لاستنتاج واحد مهم وأساسي: غالبًا هناك أسباب فسيولوجية كامنة وراء عدم قدرتنا على التفكير بوضوح وتدهور حالة ذاكرتنا. كن واعياً لما يحدث بجسدك واقرأ الكتب والمقالات عن هذه الموضوعات وحاول إيجاد أطباء يعرفون الكثير عنها وعن هذه الأمراض. -