السر في الحلقة المفقودة !


واقع الامر يود الجميع لو يمضون وقتًا طيبًا، ولكن القليلين من يدركون ما معنى الوقت الطيب؟ والقليل جدًا من الناس من يعلمون كيف يؤثر أسلوب عيشك على وقتك ويومك؟ وذلك لإن أصل المشكلة في حياتنا هو أن السود الأعظم من الناس يسيئون فهم النجاح، فإذا كانت رؤيتنا للنجاح معيبة فإننا نتعامل مع يومنا بمنهج خاطئ ونتيجة لذلك ينهار يومنا، دقق معي في تلك المفاهيم الخاطئة عن النجاح ومنها:


النجاح شيء مستحيل:
استهل الإخصائي النفسي إم. سكوت بيك كتابه "الطريق الأقل استخدامًا" بقوله: "الحياة صعبة"، وواصل حديثه قائلًا: "إن أغلب الناس لا يرون هذه الحقيقة التي تفيد بأن الحياة صعبة، وبدلًا من ذلك فهم ينوحون إلى حد ما ـ بسبب فداحة مشاكلهم وأعبائهم ومشاقهم وكأن الحياة كانت دومًا سهلة وكأن الحياة يجب أن تكون سهلة"، ولأننا نظن أن الحياة يجب أن تتسم بالسهولة واليسر أحيانًا ما نفترض أن الصعوبات مستحيلة، وعندما يتخلى عنا النجاح فإننا نميل للاستسلام ونفترض أنه لن يتحقق.


النجاح شيء غامض:


إذا تخلى عنا النجاح، ولكننا لم نفقد الأمل في الوصول إليه تمامًا بعد، فإننا ننظر إليه كما لو كان سرًا غامضًا كبيرًا، ويخطر على بالنا أن ما يتعين علينا إتيانه لتحقيق النجاح هو العثور على الصيغة السحرية، أو الرصاصة الفضية أو المفتاح الذهبي الذي سيحل كافة مشاكلنا وهذا هو السبب وراء وجود عدد هال من كتب التحميس والتحفيز على قائمة الكتب الأكثر مبيعًا.
والمشكلة تكمن في أننا نود أن نجني ثمار النجاح دون أن ندفع ثمنها، لقد تناول سيث جودين مؤلف كتاب "الأذن بالتسويق" هذه المشكلة مؤخرًا في عالم الأعمال والمال، ويعتقد جودين أن كبار رجال الأعمال كثيرًا ما يبحثون عن حلول سريعة للمشاكل التي تعصف بشركاتهم ولكنه يذكر بأننا "في حاجة إلى التوقف عن البحث عن الحلول السريعة"
إنك لن تفوز بالميدالية الذهبية في المسابقات الأولومبية لمجرد أنك تدربت لأسابيع قلائل، فما من بناء عظيم يتم بين ليلة وضحاها، فشركات المحاماة العظيمة وشركات التصميم لا تنشأ فجأة من العدم، إن كل شركة ضخمة وكل علامة تجارية شهيرة، وكل مشوار مهني حافل بني بنفس الطريقة بالضبط، خطوة بخطوة، لا يوجد وصفة سحرية للنجاح.


النجاح ضربة حظ:


كم سمعنا أناسًا يقولون أشياء من قبيل: "لقد كان في المكان المناسب وفي الوقت المناسب وحسب"، لتفسير نجاح أحدهم، وهذا تفسير خرافي مثله مثل فكرة النجاح الذي يتحقق بين ليلة وضحاها، فإن فرص النجاح القائم على الحظ تحدث بنسبة واحد في المليون.
فبين الحين والآخر نسمع عن أحد الرياضيين الذي اختير من قبل فريق من المحترفين على الرغم من أنه لم يدخل عالم الرياضة إلا في أواخر عهده بالمرحلة الثانوية فيغلب علينا الحماس، ونفكر قائلين: "يا للحظ، هل من الممكن أن يحدث هذا لي؟!"
ولكن هذه وقائع نادرة للغاية، ففي مقابل كل شخص يصيب النجاح في ظل هذه الظروف يوجد الآلاف ممن أمضوا عشرات السنين يشقون طريقهم بالكد والعرق للحصول على الفرصة المناسبة لهم، وهناك آلاف مؤلفة من الذين يمضون سنوات طويل ةفي العمل بيد أنهم تنقصهم الكفاءة اللازمة لتحقيق النجاح عندما يتعلق الأمر بالنجاح، فمن الأفضل أن نقفز إليه بدلًا من أن نأمل أن يأتينا.


النجاح هو الإنتاجية:


يحكي جون سي ماكسويل فيقول: "لقد شاهدت يومًا لافتة ملصقة على أحدى الشركات الصغيرة وكان نصها:
القواعد الـ 57 لتحقيق النجاح
#1 توصل للنتائج المرجوة
#2 القواعد الـ 56 المتبقية لن تكون ذات أهمية".
هناك شيء في العمل الجاد وإحراز النتائج المرجوة يجعل الإنسان يشعر بالرضا، وكثيرون يقيمون وزنًا عظيمًا لهذا الشعور لدرجة أنهم يخلطون بينه وبين النجاح، علق الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت على ذلك بقوله: "إن أفضل جائزة على الإطلاق من الممكن أن تمنحها الحياة لأحدنا هي فرصة العمل بكد في شيء يستحق العمل من أجله".
ولكن النظر إلى العمل بكد على أنه النجاح نظرة وحيدة البعد، فهل اليوم الذي لا نقوم فيه بعمل ما هو يوم غير ناجح؟ وهل يوصم المتقاعد بالفشل؟! علاوة على ذلك فهذا المنظور ليس صحيحًا دائمًا؛ فهناك أشخاص يعملون بجهد شديد ولا يرون النجاح أبدًا، وهناك من يكدون في عملهم بصورة مبالغ فيها حتى أنهم يغفلون علاقاتهم المهمة، ويدمرون صحتهم، أو يصابون بالأعياء الشديد.


النجاح فرصة ولذا علينا الانتظار:


إن الكثيرين ممن يعملون بكد شديد ولكن لا يبدو أنهم يصلون لنتيجة تذكر يعتقدون أنهم في حاجة إلى فرصة، ويبدأ كلامهم دائمًا بكلمة "لو"، لو أن صاحب العمل يخصص لي بعض المهام الإضافية، ولو أنني استطعت الحصول على ترقية فقط، لو أتيح لي رأس مال مبدأي فقط، لو تحلى أطفالي بالأخلاق الحميدة فقط، فستكون حياتي رائعة.
والحقيقة أن هذا النوع من الناس الذي يظل ينتظر الفرصة المناسبة لن يكون مستعدًا لاستغلا أية فرصة تلوح في الأفق وبحسب قول أسطورة كرة السلة جون وودن: "عندما تأتي الفرصة، يكون قد فات وقت الاستعداد لها"، والأماني نادرًا ما تغير أي شيء في حياتنا على المدى البعيد، فالفرصة قد تساعدك على تحقيق النجاح ولكنها لا تجلبه لك دائمًا.


النجاح هو تقدير الآخرين لنا:


هل هناك علامة أكيدة تدلل على نجاحك في مهنتك؟ هل سينبهر أقرانك إذا ما حظيت بالتقدير وورد ذكر في أشهر المجلات ووسائل الإعلام؟! هل حصولك على لقب أفضل موظف للعام أو حصلت على شهادة الدكتوراه الفخرية من أرقى جامعات العالم يعني لك النجاح؟
هل تعرف برنارد لوسيه، صاحب مطعم "كوت دي أور" وهو مطعم من أفضل 25 مطعم في العالم، حصل على نجمتين عام 1981 بعد عمل شاق لمدة عقود من الزمن، ثم تكبد من الديون 5 مليون دولار ليطور نفسه حتى يصل إلى عام 1991 إلى ثلاثة نجوم، وحقق ما لم يحققه سوى القلة القليلة، وفي حوار له قال: "إننا نبيع الأحلام إننا تجار السعادة"، بيد أن ذلك لم يحقق له السعادة ففي ربيع 2003 بعد تقديم الغداء، انتحر لوسيه بأن أطلق على نفسه الرصاص ولم ينذر أحدًا ولم يترك رسالة لأحد، حيث أخبر بعض أصدقائه أنه كان مصابًا بالهوس الاكتئابي، لا أحد يعرف لماذا انتحر، ولكن الجميع يعلم أن التقدير الذي حصل عليه في مجال عمله لم يكن يكفيه.


السر في الحلقة المفقودة:


النجاح الحقيقي والسر وراؤه يكمن في التركيز على اليوم، وقد تبدو الفكرة بسيطة للغاية ولكن اليوم هو كل ما تملكه فقد فات أوان الأمس ولا يمكنك التعويل على الغد؛ لهذا فإن لليوم أهمية قصوى، ولكن لماذا لا ندرك تلك الحقيقة؟! وكيف يمكننا الاستفادة من اليوم استفادة عظيمة تحقق لنا النجاح والسعادة؟!