إليكم سؤالا عفويا نطرحه على أي شخص يشعر بالتعاسة في عمله. ما هو الأمر الذي سيكون له الأثر الأكبر في زيادة سعادتك؟ أ. الحصول على ترقية، ب. أن ترى عدوك في العمل وقد انتقل إلى مكتب الشركة في منغوليا، ج. التركيز على النواحي الإيجابية في عملك ومحاولة تجاهل السلبيات أم د. الاستقالة في نوبة غضب وتحقيق أحلامك المهنية في مكان آخر؟
يبدي سريكومار راو، مؤلف كتاب السعادة في العمل، أسفه قائلا إن الإجابة ليست أيا مما سبق. لكي تشعر بسعادة أكبر في عملك، لست بحاجة إلى أن يتوقف مسؤولك عن مخابرتك ليلا، وليس عليك كسب المزيد من المال. ولست مضطرا إلى السعي وراء حلمك بأن تصبح نادلا أو أن تدير نزلا في فيرمونت.

يقول راو، الذي درس "الإبداع والإتقان الشخصي"، أحد أكثر المساقات المرغوبة في كلية الأعمال في جامعة كولومبيا: "إن المزايا التي تبحث عنها تحديدا لا توجد في أي عمل".

إنه يرى أن أكبر عقبة في طريق الشعور بالسعادة في العمل هي الاعتقاد بأننا أسرى الظروف، وبأننا غير مخيرين فيما يحدث لنا. ويضيف أن على المرء إن أراد أن يغير عمله أن يغير طريقة تفكيره فيه أولا. ويؤكد بالقول: "نحن من نكون خبراتنا"، كما يستشهد كثيرا بالروحانيات الشرقية ويرتكز على العديد من الحكم التراثية، موضحا: "معرفتنا بأننا مسؤولون عن الحياة التي نعيشها هي أقوى أداة لدينا".

بدلا من تشجيع الناس على التركيز على "التفكير الإيجابي"، يود راو أن يلغي تماما فكرة الأحداث الجيدة والسيئة، إذ يقول: "إذا رزقت ليمونة وصنعت منها ليموناضة، فهذا يعني أنك حصلت على ليمونة وأن تلك الليمونة لا تروق لك. ما أحاول قوله أولا هو: هل هناك ضرر في أن تحصل على ليمونة؟ يمكنك أن تعود نفسك على القول بأن هذه الأمور تحدث دوما بدلا من اعتبارها أمرا سيئا". ويضيف: إذا فكرت في الأحداث التي وقعت قبل 10 سنوات وبدت سيئة في ذلك الحين، ستدرك أن كثيرا من تلك الأحداث قادت إلى شيء إيجابي. كما يستذكر راو أحد طلبته السابقين وكان قد فصل من عمله وتلقى مبلغا جيدا كمكافأة نهاية الخدمة. بعد ستة أشهر، تعرضت الشركة لأزمة مالية وفقد جميع الموظفين الباقين وظائفهم دون أن يحصلوا على أي شيء. وبذلك كان الموظف المفصول هو المستفيد الوحيد في واقع الأمر.

يرى راو أنك إن أردت السعادة في عملك فينبغي عليك أن تنتقل من الطموح الشخصي إلى الطموح "برؤية أوسع"، حيث يقول: "الطموح الشخصي هو أن تقول "أريد أن أصبح رئيسا تنفيذيا"، أما الطموح "برؤية أوسع" فهو أن تقول "أريد أن أدير هذه الشركة حتى يحب الناس أن يعملوا فيها". كما يعتقد أن الطموح يحجب السعادة طالما أن الأشخاص يعتنقون مبدأ "إذا/ عندئذ": إذا حصلت على ترقية، عندئذ سأكون سعيدا. ويذكر راو أن المنظور الأصح والأكثر جلبا للسعادة هو أن تفكر كما يلي "لدي رؤية واسعة وسأبذل قصارى جهدك لإنجاحها. وسواء وفقت أم لم أوفق، كان في ذلك خير. فهدفي هو أن أسعى بكل ما أوتيت من عزيمة".

لو نبعت السعادة من الداخل فقط، فكيف ستعرف إن كنت في موقف سيء حقا؟ يرى راو أن من الأفضل إحداث تغيير من منطلق إيجابي بدلا من منطلق الغضب، مؤكدا: "ينبغي عليك أن تحدث تغييرا من منطلق أنك ممتن لما حصلت عليه من خبرة، ولكنك ترغب في عمل تغيير ومواصلة التقدم".

حتى في الشركات الأميركية، حيث يجد كل موظف لتحسين مركزه، يدعو راو إلى تبني منظور التركيز على الآخرين، فيقول: إذا لم يحصل الموظف على الترقية، فلا يزال بمقدوره النجاح بطرق ملموسة بشكل أقل أو أن يحصل على وظيفة أفضل في المستقبل. ويضيف: "إنني أعارض الفرضية القائلة بأن عليك أن تكون منافسا لا يرحم كي تتمكن من الصمود في بيئة الشركة".

إليكم 10 خطوات نحو الشعور بالسعادة في العمل، قمنا باستخلاصها من نصائح راو:

1. تجنب نعت الأشياء "بالجيد والسيء":
يقول راو: عندما يحدث شيء سيء، لا تلم نفسك. بدلا من ذلك، كن حذرا تجاه الخطأ عند ارتكابه دون أن تصدر الأحكام. "قم بما هو واجب عليك فعله، ولكن لا تتخلى عن هدوئك وسكينتك".

2. تمتع "بالمرونة الفائقة":
يعرف راو "المرونة الفائقة" بأنها القدرة على التعافي سريعا من المحن، حيث يكتب قائلا: "تمضي الوقت الكثير فيما لا طائل من ورائه من جلد للذات ولوم للآخرين. تشعر بالذنب عبثا وتخلق الأعذار التي تعلم أنها واهية. إذا كنت مرنا، يمكنك استعادة حيويتك والمضي في إنجاز أمور عظيمة". (ويقول أيضا أنك إن عملت بنصيحته بالتجنب التام لنعت الأشياء "بالسيئة"، فلن تضطر إلى ممارسة المرونة على الإطلاق).

3. دعك من الأحقاد:
يقول راو إن من مفاتيح السعادة في العمل تناسي الأحقاد. فقد كتب: "تعمد نسيان الماضي. هذا صعب ولكنك ستعتاد الأمر مع الممارسة".

4. لا تضع وقتك في الغيرة:
يقول راو: "عندما تكون غيورا فكأنك تقول إن العالم ضيق وليس فيه ما يكفي من النجاح لأحققه. بدلا من ذلك، كن سعيدا لأن أيا كان ما حدث له سيحدث لك سواء في وظيفتك الحالية أو في شركة أخرى".

5. ابحث عن الحماس في داخلك، وليس في وظيفتك:
لا ريب أنك تحلم في وظيفة براتب عال وساعات عمل مقبولة بحيث يمكنك العودة إلى المنزل مبكرا وقضاء الوقت مع من تحب من الزملاء الأذكياء في العمل، لكن راو يحذر من البحث عن تلك الوظيفة المثالية أو حتى التصديق بوجودها. فهو يدعو، بدلا من ذلك، إلى تغيير نمط التفكير بالوضع الحالي. على سبيل المثال: بدل أن ترى نفسك كمدير للموارد البشرية في أحد البنوك، عرف نفسك على أنك شخص يساعد موظفي البنك الآخرين على إعالة عائلاتهم والاستفادة من مزاياهم والتوفير من أجل المستقبل.

6. تخيل نفسك قبل 10 سنوات وبعد 10 سنوات من الآن:
يقول راو: "لقد اختفت معظم المشكلات التي أبقتك ساهرا في الليل قبل عشر سنوات. لذا فإن كثيرا مما تواجهه الآن من مشكلات سيزول. إن معرفة هذه الحقيقة ستساعدك على التفكير بصورة أفضل.

7. تخلص من نموذج "إذا/عندئذ" للشعور بالسعادة:
يقول راو أن كثيرا منا يعتمد على نموذج "إذا/ عندئذ" المغلوط للشعور بالسعادة. إذا أصبحت رئيسا تنفيذيا، عندئذ سأكون سعيدا. إذا حصلت على راتب ضخم، عندئذ سأكون سعيدا. ويضيف: "لا يتوجب عليك الحصول على شيء أو فعله كي تشعر بالسعادة".

8. استثمر في العملية، وليس في النتيجة:
كتب راو موضحا: "إن النتائج أمر خارج عن سيطرتك تماما". ستعرض نفسك لخيبة الأمل إذا قمت بالتركيز بشدة على ما تتمنى تحقيقه بدلا من التخطيط لكيفية تحقيقه.

9. فكر في الآخرين:
حتى في الشركات الأميركية، حيث يجد كل موظف لتحسين مركزه، يدعو راو إلى تبني منظور التركيز على الآخرين، فيقول: إذا لم يحصل الموظف على الترقية، فلا يزال بمقدوره النجاح بطرق ملموسة بشكل أقل أو أن يحصل على وظيفة أفضل في المستقبل. ويضيف: "إنني أعارض الفرضية القائلة بأن عليك أن تكون منافسا لا يرحم كي تتمكن من الصمود في بيئة الشركة".

10. استبدل تعدد المهام باليقظة:
يعتقد راو أن تعدد المهام يعيق السعادة، حيث يقول: "إن تعدد المهام يعني ببساطة أن تقوم باأور كثيرة بشكل سيء وتستغرق وقتا أطول في ذلك". وهو ينصح بدل ذلك بالفصل بين المهام لمدة 20 دقيقة وزيادتها تدريجيا إلى ساعتين. قم بإطفاء الأجهزة الالكترونية التي قد تشتت تركيزك. وهو يزعم أنك ستنجز كمية أكبر من العمل بمجهود أقل مع ممارسة هذه الطريقة.