شكر النعمة بمنظور جديد
يغفل كثير منا عن شكر نعم الله عز وجل مع أنها لا تحصى ، والذي قد يوقعنا في هذا الذنب إنشغالنا بما لم يرد الله بعد بتحقيقه من نعم أخرى أو ربما الهموم و المشكلات التى ننغمس فيها محاولين حلها بكل الطرق الممكنة.
ولا نستطيع في مقام كهذا أن نبخس حق الشيطان-لعنه الله-في تيسير كل السبل لجعلنا نألف النعم المحيطة بنا فلا نراها نعما ، أو لجعلنا ننسى أن نشكر الله في لحظة فرح على عطاياه التي لا تنتهي.
كيف نستطيع التغلب على الهموم، ورؤية الجانب المضيء من الحياة؟ كيف نشعر بقليل من التأمل أن المشكلات التي تؤرقنا ليل نهار ماهي إلا نعم تستحق الشكر والعرفان؟
ونحن هنا لسنا بصدد الحديث عن مفهوم الإبتلاء، فكلنا نعرف أن الإبتلاء نعمة في حد ذاتها لا تأتي إلا لأصحاب القلوب المؤمنة فتحط بها عنهم خطايا أو ترفعهم بها درجات في الجنة، ولكننا بصدد الحديث عن المشكلات التي نواجهها والهموم التي نتضرع إلى الله ليزيحها عنا، فنحاول أن نرى نعم الله بمنظور جديد.
فمثلا:
*لو عانيت من ضيق الحال وقلة المال، فلتحمد الله أنك لست ممكن يتسولون قوت يومهم لعدم وجود عمل يدر عليهم دخل ثابت.
*لو شكوت يوما من عدم إتساع مسكنك لجميع أغراضك وأغراض أسرتك فتذكر أنك لست ممن يفترشون الأرصفة ليناموا عليها.
* لو وجدت يوما راتبك الشهري مخصوما منه عدة جنيهات فلا تحسبه ظلما – وإن كان - لعل الله يريد أن يطهر مالك ويجعله حلالا خالصا، فأنت لا تعمل طوال ساعات العمل الرسمية.
*لو كان لك ولد يعاني من صعوبة في التعلم أو تعثر في الدراسة فلتحمد الله على عدم وجوده وسط المئات من مرضى معهد الأورام.
*لو لم تساعدك الظروف على القيام بالحج والعمرة فلا تتعجل، وتذكر أن غيرك مصاب بمرض لا يقدر منه على سجود لله في صلاة ولا صيام في رمضان.
* لو كنت تعاني من الوحدة فتذكر أن الله خير أنيس.
* لو كنت مصابا في إحدى عينيك فتذكر أن الأخرى لازالت سليمة وكذلك الحال لو كانت إحدى يديك أو قدميك.
روى عن عروة بن الزبير أنه وفد على الوليد بدمشق، فلما رجع أصابته في رجله الأكلة، فأرادوا قطعها فعرضوا عليه أن يشرب شيئاً يغيب عقله حتى لا يحس بالألم ويتمكنوا من قطعها، فقال: ما ظننت أن أحداً يؤمن بالله يشرب شيئاً يغيب عقله حتى لا يعرف ربه عز وجل، ولكن هلموا فاقطعوها فقطعوها من ركبته وهو صامت لا يتكلم، ولا يعرف أنه أنَّ، وروي أنهم قطعوها وهو في الصلاة فلم يشعر لشغله بالصلاة. وحدث في هذه الليلة التي قطعت فيها رجله أن ولد له يسمى محمداً كان أحب أولاده ركله حصان في أسفل بطنه فمات، فدخلوا عليه فعزوه فيه، فقال: اللهم لك الحمد، كانوا سبعة فأخذت واحداً وأبقيت ستة، وكان لي أطراف أربعة فأخذت واحداً وأبقيت ثلاثة، فلئن كنت قد أخذت فلقد أعطيت ولئن كنت قد ابتليت فقد عافيت.
فمالنا لا نشكر مثل الزبير؟
المفضلات