يقول الدكتور عبدالسلام عبد الغفار في كتابة " التفوق العقلي والابتكار " في تعريف التفوق العقلي : " المتفوق عقلياً هو من وصل في أدائه إلى مستوى أعلى من مستوى العاديين في مجال من المجالات التي تعبر عن المستوى العقلي الوظيفي للفرد ، بشرط أن يكون ذلك المجال موضع تقدير الجماعة " .
تعريف عام ، تبدو عليه البساطة إلا أنه شامل ، وهو مفهوم ثقافي مثله مثل باقي المفاهيم التي تستخدم في مجال علم النفس يتميز بالنسبية إلى حد كبير .
وما يهم هنا أن التفوق العقلي يختلف من جماعة إلى جماعة ، ومن زمن إلى زمن ـ فليس هناك تفوق عقلي مطلق ـ إنما يعتبر التفوق العقلي ظاهرة نسبية ترتبط بنوع الحياة التي تحياها الجماعة .
فإن شعرت جماعة ما بحاجة إلى المحافظة على تراثها القديم والتقيد به ، وعدم إحداث تغيير فيه ، فإن هذه الجماعة لابد أن تسعى إلى تشجيع تفوق الفرد في مجالات الحفظ والاستيعاب والاستظهار ، بحيث يصبح المتفوق عقلياً ـ من وجهة نظر هذه الجماعة هو كل من أمتاز عن الآخرين فيما يستطيع أن يسترجعه أو يردده مما كتب أو عرض عليه ، وقد شهدت بعض المجتمعات مثل هذا التفوق في فترات من تاريخ البشرية ( وتمثل جماعة الأميش في وقتنا الحالي خير مثال لذلك ) .
أما إذا شعرت الجماعة بأن الحياة تتغير وتتعدل ، وأن بعض ما كان يصلح بالأمس .. أصبح عديم الفائدة اليوم ، وأن هذا التغير يستدعي إعادة النظر في بعض أو كل مكونات تراثها الثقافي , إذا شعرت الجماعة بذلك .. فقد يصبح المتفوق عقلياُ هو كل من تميز عن الآخرين من حيث القدرة على التقويم والنقد ، بل وقد يصبح المتفوق عقلياُ ـ من وجهة نظر هذه الجماعة ـ هو كل من يستطيع أن يقدم حلولاُ جديدة وأصيلة .

أن المستقبل " سفينة " إن لم تكن في قمرة قيادته فالأكيد أنك في الأسفل تجدف .