موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
الإصلاح التربوي
إن تضييق الفجوة بين الثقافة المجتمعية والثقافة النخبوية يقتضي ربط النظرية بالممارسة، والفكر بالتطبيق العملي، بالإضافة إلى اعتماد سياسة تنموية شاملة تشيع قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في الحياة الاجتماعية - اقتران الإصلاح التربوي بانتهاج إستراتيجية التنمية الوطنية- وهو ما تناضل من أجله الحركة التقدمية والديمقراطية من أجل انعتاق الجماهير العربية من الظلم والقهر المسلطين عليه.
من الضروري إنضاج شروط اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية نقيضة حتى يمكن إنجاز خطة تعليمية وخطة تنموية متناسبتين، تكون فيهما التنمية في خدمة التعليم، والتعليم في خدمة التنمية حتى ينسجم النظر مع العمل، ويزول التناقض القائم بينهما، وتلتصق المدرسة بالمجتمع والمثقف بواقعه الاجتماعي ومصلحة المجتمع. ولإنضاج الشروط الموضوعية النقيضة للشروط القائمة نرى ضرورة اتخاذ الإجراءات التالية:
أولاً: زيادة مخصصات التربية والتعليم في الموازنة العامة من أجل القيام بأعباء ثورة جديدة في المرافق التعليمية والكوادر المؤهلة. وفي ضوء ذلك، يغدو واقعياً الدعوة لإعادة النظر في البرامج الدراسية وتنقيحها من الفقرات التي تناقض ديمقراطية التعليم وتغفل الطاقة الروحية لقيم الدين وتشوه تراث العقلانية العربية الإسلامية، وتروج للخرافة والشعوذة. ويجب أن تستهدف المراجعة الانسجام مع خصوصية المجتمع المحلي من جهة، وتضييق رقعة الخرافة في الثقافة المجتمعية، ونشر التنوير في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
ثانياً: التركيز في العملية التربوية التكوينية على تنمية المواهب والقدرات في مختلف المجالات التي تقتضيها التنمية. لأن التعليم الذي يغفل الجانب التربوي الهادف إلى تقويم الشخصيات وتربية المهارات واكتساب القدرات المختلفة، هو تعليم متخلف على جميع المستويات. لذلك، فإن البرامج المعدة لمختلف المستويات، وإعداد المدرسين، وتحديد الحصص، وعدد التلاميذ في الفصول الدراسية، يجب أن يستهدف بالدرجة الأولى توفير الفرص والقدرات التربوية والتدريبية لتنمية المواهب والقدرات المتناسبة مع حاجات المجتمع ومتطلباته الاجتماعية الشاملة حتى تستوعب الأجيال بدون تعويق في سوق العمل، وليغدو المجتمع متقدماً بحق. حينها ستوجد أجيال بعقلية جديدة، وممارسة جديدة لا تقبل بغير الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ودولة الحق والقانون.
ثالثاً: ربط النظري بالعمل في الممارسة وربط الجامعة والمعاهد العلمية العليا بحاجات الإنتاج الوطني وتنشيط مختبرات الأبحاث والدراسات التي تردف الاقتصاد بفرص العمل الجديدة من خلال التطوير المستديم للقوى المنتجة. إن ربط التعليم بالعمل يضيق فرص المراوغة والتزييف والغش في العملية التربوية، ويحسر النفاق الاجتماعي في أضيق زواياه. لأن التربية على ممارسة النفاق الاجتماعي هي بعض نتائج قطع النظر عن العمل، وعدم اختبار القول بالممارسة العملية. ولمحاربة الأمراض الاجتماعية التي تقف وراء قيام التناقض بين النظر والعمل، لا بد من العمل على تحقيق حرية الأرض وحرية الإنسان الذي يعيش عليها، ولا بد من تحقيق الممارسة الديمقراطية بمضمونها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي.
رابعاً: التخطيط لنهج تنموي في المجال الاقتصادي. فبدون سياسة تنموية شاملة في القرى كما في المدن، لا يقوم التوازن بين جميع المناطق، ولا تزول شروط الانفتاحية المتخلفة في مناطق محرومة، ويتوقف سيل الهجرة التي تساهم بشكل كبير في انتشار الأمراض الاجتماعية المختلفة.
تطوير العملية التعليمية يسترشد بإستراتيجية وطنية عليا شاملة لنواحي الحياة كافة، إستراتيجية التحرر والتقدم والتنمية والديمقراطية. وبغير هذه الإستراتيجية تأتي الإصلاحات نوعاً من الترقيع، وعاجلاً ما تتمخض عن اختلالات جديدة أو مكررة. هكذا ينبغي استشراف إستراتيجية تكون فيها المصلحة الوطنية في التحرر والتنمية هي الرائد والمرشد، ويكون العنصر البشري فيها محور الاهتمام. إن العناية بالكوادر التعليمية من حيث نمط الحياة والتأهيل إنما هي استثمار وطني، يعود ريعه بالفائدة على مختلف قطاعات الاقتصاد والسياسة والأمن والثقافة.
سعيد مضية
معلم متقاعد وكاتب مقيم في الخليل
الهوامش
1 بدران، إبراهيم (2003). إستراتيجية الثقافة المجتمعية في البلدان العربية، عمان: إصدار الدائرة الثقافية في أمانة عمان.
2 الإعلام والتربية بين الحفاظ على الهوية والانفتاح على النماذج الإنسانيةـ حوار متمدن، 12/10/2005.
بواسطة: عمران المرابط
موسوعة التعليم والتدريب
http://www.edutrapedia.illaf.net/ara...ml?id=416&pg=2
المفضلات