تقويم نظرية بياجيه:
كانت معظمُ النتائج التي توصَّل لها جان بياجيه تحمل من الإيجابيات الشيءَ الكثير، ولكن لا تحول دون إيراد بعض القُصور في هذه النتائج؛ ومنها:
أولاً: أنَّنا نجد من الصُّعوبة تصوُّر العلاقة بين (البنية المعرفية)، والسلوك والأداء؛ لأنَّ أصحاب هذه النظرية لم يُبيِّنوا كيفيةَ تحويل البِنى المعرفية إلى أداء وسلوك، ويفترضون أنَّ هذا التحوُّل يكون على نحوٍ آلي؛ لذلك يُهملون الجانب الأدائي، ويركِّز على القدرات المعرفية، كالفَهْم والتمييز والمحاكاة.

ثانيًا: التعلُّم البنائي أهمل - إلى حد ما - أثر الدافعية (التعزيز والعقاب) في التعلُّم، ويرى أصحابُ هذه النظرية أنَّ الدوافع تكون ذاتيَّةً وداخليَّة، فالطفل من خلال انهماكِه في النشاطات التعليميَّة يُمكِنه تطوير المخطَّطات المعرفية التي تُسهِّل عليه عمليةَ التكيُّف المناسب، الذي يُحقِّق له التوزان بينه وبين بيئته.

ثالثًا: أنماط التعلُّم البنائي تعمل على تمكُّن المعلِّمِ من التنبؤِّ بأنماط استجابات المتعلِّم وسلوكه، وعليه أن يستنتجَ ذلك من خلال المعالجات التي يُمارسها حيالَ المواد والخبرات المتوافرة لديه، التي تحكمها عادةً بنيتُه المعرفية الراهنة؛ لذلك يصعُبُ على المعلِّم استخدامُ أنماط سلوكيَّة تمكِّنه من التنبؤِّ بإستراتيجيات المتعلِّم التفكيريَّة.

رابعًا: لَمَّا كان التعلُّم معنيًّا أصلاً بتغيُّر سلوك المتعلِّم عن طريق معالجة الشروط الطبيعيَّة والاجتماعيَّة للبيئة التي يتفاعل معها، فإنَّ النظرية التطويرية لا تُزوِّد المعلِّم بوصف دقيق للمتغيرات البيئية التي تنتج تغيرات حقيقيَّة للبنية المعرفية.

خامسًا: اتَّهم بيتر براينت ومجموعةٌ من النقَّاد بياجيه بعدم تقدير تفكير الأطفال تقديرًا كافيًا، حيث قدَّم براينت أدلة توحي بأنَّ الأطفال دون مرحلة الإجراء المحسوس (دون سن السابعة) يمكن أن يقوموا بالاستنباط، ووجد أنَّ الأطفال في سِنِّ الخامسة يمكن أن يُدلِّلوا عن طريق استبعاد العناصر التي تُشكِّل عبئًا على الذاكرة.

سادسًا: تحدَّى تشارلز برينارد بياجيه حولَ المبالغة في تفسير التفكير عندَ الأطفال، وفي رأيه ليس هناك حاجةٌ لافتراض قيام مراحلِ التطوير؛ لأنَّ مفهوم المراحل ذاته هو مفهومٌ تافه.

سابعًا: شَكَا الكثير من الباحثين من أنَّ الطريقة التي يتبعها بياجيه في تحديد المعرفة التطويريَّة ليست طريقةً دقيقة بدرجة كافية.

ثامنًا: أنَّ طريقةَ البحث عند بياجيه كانت فرديَّةً، وقائمة على الانطباع الذاتي أكثر من أيِّ شيء آخر.
[25]


المراجع:
- الأسدي، غالب، (2008)، مقال نظرية النمو العقلي لجان بياجيه وتطبيقاتها التربوية، على الرابط:

http://www.annabaa.org/nbanews/ 49/104 .htm
- بياجيه، جان، (1986)، التطور العقلي لدى الطفل، ترجمة: سمير علي، دار ثقافة الأطفال للنشر والتوزيع.
- جاسم، محمد، (2004)، نظريات التعلم، دار الثقافة للنشر والتوزيع.
- الزغلول، عماد، (2003)، نظريات التعلم، دار الشروق للنشر والتوزيع.
- عبد الهادي، جودت، (2007)، نظريات التعلم، دار الثقافة للنشر والتوزيع.
- الكناني، ممدوح الكندري، أحمد، (1992)، سيكولوجية التعليم وأنماط التعلُّم وتطبيقاتها النفسية والتربوية، مكتبة الفلاح.
- مرعي، توفيق، الحيلة، محمد، (2002)، طرائق التدريس العامة، دار الميسرة للنشر والتوزيع.
- واردزورث، بي، (1990)، نظرية بياجيه في الارتقاء المعرفي، ترجمة سعد الأسدي، صالح حميد، فاضل الإزيرجاوي، طباعة ونشر: دارالشؤون الثقافية العامة.

ـــــــــــــــــــــــ
[1] جاسم محمد، (2004)، (167).
[2] الكناني، ممدوح، الكندري، أحمد، (1992)، (607 - 608).
[3] مرعي، توفيق، الحيلة، محمد، (2002)، (166).
[4] الكناني، الكندري، (1992)، (609).
[5] الزغلول، عماد، (2003)، (213).
[6] الكناني، الكندري، (1992)، (610-611).
[7] واردزورث، (1990)، (37).
[8] الزغلول، عماد. (2003)، (214).
[9] جاسم، محمد. (2004)، (181).
[10] واردزروث، (1990)، (37).
[11] الزغلول، عماد، (2003)، (215).
[12] جاسم، محمد، (2004)، (181).
[13] الزغلول، عماد، (2003)، (216).
[14] الزغلول، عماد، (2003)، (219).
[15] جاسم، محمد، (2004)، (183).
[16] الكناني، الكندري، (1992)، (627).
[17] الأسدي، غالب، (2008).
[18] بياجيه، جان، (1986)، ترجمة سمير علي، (17).
[19] الأسدي، غالب، (2008).
[20] الكناني، الكندري، (1992)، (630).
[21] الكناني،الكندري، (1992)، (633 - 634).
[22] الأسدي، غالب، (2008).
[23] الكناني، الكندري، (1992)، (634).
[24] جاسم، محمد، (2004)، (189).
[25] عبدالهادي، جودت، (2007)، نظريات التعلُّم، (197 - 199) بتلخيص.

موقع الألوكة