موضوع عن النجاح أعجبني لانه شامل فأحببت ان نتشارك به

كم من الوقت بقي على الامتحانات الدراسية؟
هل انتهيتِ من المذاكرة بعد، أم ...؟
هل يكفي الوقت لأداء كل ما عليكِ من المذاكرة ...؟
هذه مجموعة من الأسئلة، لاشك أنها تدور الآن في ذهن كل واحدة من بنات أمتنا خلال هذه الفترة، فالامتحانات صارت وشيكة، وصار صوت طرقها على الأبواب يرتفع رويدًا رويدًا مع مرور الأيام والأسابيع.
ولاشك أن للوقت في هذه الفترة أهمية خاصة، وقيمة عالية، فهذه الفترة هي التي يتمايز فيها حقيقة من اجتهدت ممن لم تجتهد، هذا مع ما للوقت من أهمية خاصة، فإن قضية النجاح و(قضية التنمية هي في المقام الأول قضية وقت وإنتاج، وإن الأمر في حاجة إلى التعامل مع الوقت على أنه مورد لابد من استثماره لتحقيق النتائج المطلوبة، ويقع عبء ذلك في الدرجة الأولى على عاتق كل فرد منا) [إدارة الوقت، نادر أحمد أبو شيخة، ص(13)].
من أجل ذلك كان الحديث إليك أخيتي في هذا المقال عن مهارات اغتنام الوقت واستغلاله، لكن في البداية يجب أن تسألي نفسك السؤال التالي: (هل أقوم بالأشياء الصحيحة؟ قبل أن نسأل: هل أقوم بالأشياء بطريقة صحيحة؟ إذ إن الوقت ليس هو المشكلة في ذاته، بل المشكلة في كيفية استثماره) [إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري، خالد الجريسي، ص(157)]، فتحديد ما ستقومين به من أعمال ومدى فاعليتها وأهميتها يسبق تحديد طرق استغلال الوقت.
ذلك أن (الفرق بين مصطلحي الكفاءة والفاعلية في استخدام الوقت هو مفتاح القضية، ذلك أن الكفاءة تعني القيام بعمل ما بشكل صحيح بينما تعني الفاعلية أن تقوم بالعمل الصحيح بشكل صحيح) [إدارة الوقت، دايل تيمب، ص(123)]، فهذا معيار النجاح؛ أن نقوم بعمل صحيح بأسلوب صحيح.
(ولعل هذا ما دفع الجمعية الأمريكية لتقويم المهندسين إلى تبني شعار: "أعمل بطريقة أذكى لا بمشقة أكثر"، كمحاولة منها للتمييز بين الشغل والانشغال، أو بين الكفاءة والفاعلية) [إدارة الوقت، نادر أحمد أبو شيخة، ص(26)].
فلابد عزيزتي أن توجهي نظركِ نحو النتائج بدلًا من القلق بسبب الإجراءات5، فإن معنى الفاعلية عزيزتي في علم الإدارة هي: (إنجاز المدير لأهدافه الصحيحة من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة)، ففي ذلك التعريف نلاحظ أن النجاح يُقاس بمعيارين؛ المعيار الأول: الأهداف الصحيحة، فلا ننشغل بغير الهام ونعتبره من أهدافنا، والمعيار الثاني: الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، والمورد الذي نتحدث عنه الآن هو الوقت.
وإليكِ هذه الوسائل والمهارات التي تجعلك تبذلين القليل من المجهود وتحصلين على نتيجة أعلى، فكم من شخص يبذل مجهودًا كبيرًا ولكن في أشياء عديمة الجدوى والفائدة.

مفاتيح استغلال الوقت:
المفتاح الأول ـ نظمي نفسكِ
كثيرًا ما تضيع الأوقات وتهدر الطاقات بسبب الفوضى، أو غياب النظام، حيث لا تجدين ما تريدينه حينما تحتاجينه، بل تضطري لإنفاق الوقت والمجهود بحثًا عن كتاب أو مرجع أو ورقة بحث ... وهكذا.
لذا؛ ففي أسلوبنا الأول هذا ننصحكِ عزيزتي أن تقومي بتنظيم وترتيب كل شيء حولك ما دمتِ تحتاجين إليه؛ بدءًا بمفاتيح الأبواب إلى جهاز الكمبيوتر والأرفف الخاصة بالكتب والمكتب الخاص بالمذاكرة.
وبالطبع؛ لا نعني بالتنظيم والترتيب الأشياء والأدوات المادية المحيطة بكِ وفقط، بل أيضًا ما تقومين به في كامل يومكِ يجب أن يكون منظمًا وموقتًا ببداية ونهاية [مستفاد من: الأهم أولًا، ستيفن كوفي، ص(479)].

الوسيلة التي صارت غاية!
إياكِ عزيزتي أن تجعلي من الوسيلة غاية، فيكون الترتيب والتنظيم الذي هو وسيلة النجاح غاية في حد ذاته، فلاشك (أن التنظيم يعطي المرء ذهنًا صافيًا وحياة أكثر انضباطًا، بيد أن الإسراف في التنظيم يتحول أحيانًا إلى عائق ومكمن ضعف، حيث يصبح التنظيم هدفًا في ذاته بدلًا من كونه وسيلة لأهداف أكثر أهمية، فقد يضيع الوقت في التنظيم أكثر مما يضيع في الإنتاج) [إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري، خالد الجريسي، ص(160)].
المفتاح الثاني: وقتكِ كنزكِ
هذه الوسيلة تعتمد على اهتمامك وحرصك الشديدين على الوقت، ومتبع هذه الوسيلة يحاول قدر جهده أن يحمي وقته من مضيعاته ومشتتاته، فهو يهتم جدًّا بحماية الوقت من الضياع حتى يتحقق التركيز والإنتاج.
لذلك؛ ننصحكِ في هذا الأسلوب أن تبعدي عنكِ كل وسائل ضياع الوقت، فامتلكي القدرة على قول "لا" للقاءات الغير هامة، ولا تجيبي في وقت المذاكرة على الهاتف، وأغلقي عليكِ باب غرفتكِ حتى لا تشتتك أصوات من بالمنزل أو أفعالهم.
وإذا أردتِ مزيدًا من الإنتاج؛ فوفقًا لهذا الأسلوب اتبعي وسيلة العزل، فاعزلي نفسكِ عن كل المشتتات بالمرة، فأغلقي الهاتف، وأغلقي باب الغرفة، أو لو أمكن انتقلتِ إلى مكان لا يطرقه أحد لمزيد من التركيز في مدة المذاكرة [مستفاد من: الأهم أولًا، ستيفن كوفي، ص(480)].
المفتاح الثالث: حددي هدفكِ
الكثير منا قد يجلس ليذاكر دون أن يدري كم مادة يريد أن يذاكرها، ولا الكم المطلوب في كل مادة على حدة، بل يذاكر وفقط.
أما تبعًا لهذا الأسلوب فإنه يتحتم عليكِ أن تحددي الهدف الذي تبغينه؛ فتحددي اليوم الذي ستنتهين من المادة فيه، ثم بعد ذلك القدر اليومي في كل مادة، وتقومين بوضع الخطط لكل المواد.
اكتبي كل هذا في كراسة، حتى يكون في النهاية لديكِ أهدافًا محددة بالكمية وبالوقت، تسعين إليها وتبذلين من أجلها قصارى جهدكِ.
(ولقد أثبت الواقع أن الأفراد والمنظمات التي تضع أهدافًا واضحة تريد التوصل إليها هي التي تحقق نتائج أفضل، ويثبت الواقع أيضًا أن القادرين على وضع أهدافهم ومن لديهم إمكانات تتيح لهم الوصول إليها هم من يتوصلون إلى ذلك فعلًا) [إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري، خالد الجريسي، ص(162)].

خصائص الهدف الفعال:
1- المشروعية: ونعني بها توافق الهدف مع شرع الله؛ فلا بركة ولا خير في عمل يخالف رضا المولى سبحانه وتعالى.
2- الدقة والوضوح: ونعني بهما أن يكون الهدف واضحًا محددًا، لا لبس فيه ولا غموض، بأن تذكري هدفكِ بصيغة الإثبات لا بصيغة النفي، فلا تقولي هدفي في هذا العام ألَّا أفشل في الدراسة مثلًا، بل تقولين هدفي: هو الحصول على تقدير ممتاز في كلية الهندسة.
وكذلك بألَّا تستخدمي صيغ العموم في التعبير عن هدفكِ، فلا تقولي: هدفي هو أن أكون ناجحة في حياتي العملية، بل قولي: هدفي هو أن أكون مهندسة متميزة، تملك شركة استشارات هندسية ناجحة.
3- القابلية للتقويم والقياس: فالهدف الواضح الذي يمكن قياسه يعطيكِ القدرة على تحقيقه بنجاح؛ لأن معرفتكِ بمدى التقدم الذي تحرزينه حيال هدفكِ سوف يشجعكِ، ويزيد من ثقتكِ بنفسكِ، فلا تقولي: هدفي أن أمتلك راتبًا جيدًا، إنما قولي: هدفي أن يكون راتبي الشهري 5 آلاف ريال.
4- القابلية للتحقيق: بأن يكون الهدف يتسم بالواقعية والطموح في آن واحد، فلا تأخذكِ الحماسة فحددي هدفًا تعلمين يقينًا عدم قدرتكِ على تحقيقه، فتقولي: هدفي أن أنتهي من المادة الواحدة كاملة في يوم واحد فقط، ولكن في نفس الوقت لا تسمحي للانهزامية والكسل أن يتغلفا بغلاف الواقعية، فتحددي هدفًا دون مستوى قدراتكِ، فتقولي: هدفي أن أن أذاكر خمس ورقات في اليوم فقط.
5- مراعاة عامل الزمن: فالزمن رأس مال كل من ينشد النجاح، كما أن الهدف دون إطار زمني محدد البدء والنهاية لا يعدو كونه أمنية، ولا تنسي أن يكون الإطار الزمني متسمًا أيضًا بالواقعية بلا إفراط أو تفريط.
[مستفاد من: صناعة الهدف، هشام مصطفى وصويان شايع وآخرون]
المفتاح الرابع: المهم أولًا
بالإضافة لتحديد الأهداف والتخطيط لها، لابد من استخدام منهج التسلسل أو منهج الأولويات، فلاشك أن حياتكِ تمتلئ بأهداف كثيرة، ولاشك أن الكثير منها مهم جدًّا، ولكن هناك أهداف تدخل في إطار الهام جدًّا والعاجل؛ فهذه في سلم الأولويات، تليها الأهداف الهامة جدًّا وغير عاجلة، ثم تليها في المؤخرة الأهداف قليلة الأهمية.
فمن هذا المنطلق؛ تعد المادة التي تنال قسطًا كبيرًا من الحفظ والمذاكرة والوقت ذات أولوية قصوى في البداية بها عن المواد السهلة اليسيرة، فليكن ترتيب أهدافكِ وفق هذه الأولويات.
المفتاح الخامس: تكنولوجيا العصر
إن كنتِ قد وضعتِ أهدافًا نصب عينيكِ، وقمتِ بالتخطيط لها، وراعيتِ الأهم فالمهم؛ فلا بأس أن تستخدمي تكنولوجيا العصر والأدوات الحديثة المساعدة على تنظيم الوقت والحفاظ عليه.
مثل: الجدول الزمني، والمفكرة اليومية، أو آلة ترتيب الوقت (Organizer)، أو حتى بعض برامج الكمبيوتر مثل: (Outlook)، أو برنامج الخرائط العقلية (MindMapper) وهو ممتاز في التخطيط وتقسيم المهام.
فهذه الأدوات مفيدة للغاية؛ إذ أنها (تضمن معرفة الأولويات، وتنظيم المهمات، والوصول إلى المعلومات بسهولة) ولكن احذري من أن تنقلب الوسيلة لغاية كما سبق وبينا، (فهناك من يشتري التقاويم لتتحول فيما بعد إلى أدوات زينة تُترك غير مستخدمة)، ولاحظي أنها لا تنظم الوقت بذاتها بل بحسن توظيفكِ أنتِ لها، (فإنها لا تعطي الجودة بشكلها المطلق، وإنما تعطي بعض القدرة على تحسين هذه الجودة فقط) [إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري، خالد الجريسي، ص(163)].
المفتاح السادس: إدراك الذات
قد تستعجبين أخيتي حين قراءة هذا العنوان، ولكن هذه هي الحقيقة، كل ما ذكرناه من وسائل سابقة هي طريقكِ نحو الاستغلال الأمثل للوقت، ولكن هذه الوسلية التي نختم بها هي أهم الوسائل.
ومفادها صدقكِ في طلب النجاح، وإدراككِ أن هذا في مقدوركِ، وأن تحقيق الخطة والأهداف التي وضعتيها أمر سوف نحققه.
ففارق كبير بين الأمنية والهدف؛ فكل الناس لديها أماني كثيرة، ولكن قليل من الناس من يملك أهدافًا، فالهدف يصاحبه توقع من الشخص بإمكانية تنفيذه وترجمته على أرض الواقع، أما الأمنية فلا يصاحبها هذا التوقع، بل هو من باب الأحلام.
لذا؛ فالطالبة التي تضع جدول مذاكرتها وتخطط لدراستها وامتحاناتها، ثم لا تثق في إمكانية تحقيق هذه الخطة وتحقيق هذا الهدف؛ فلا غرو أنها ستقوم بتمزيق هذا الجدول بعد قليل لعدم جدواه!
فإن رمت نجاحًا، وطلبتِ تميزًا، واشتهيتِ تفوقًا؛ فقومي بتعليق هذه العبارة على ورقة في غرفتكِ:
(رغبة مشتعلة + إرادة قوية + أهداف محددة = نجاح بلا حدود)